رغم تصنيفه إرهابيا.. قطر تستمر في تمويل الحرس الثوري الإيراني
عندما فكر آية الله الخميني أن يأسس الحرس الثوري الإرهابي عام 1979، كان يهدف إلى تهميش دور الجيش النظامي، وصنع جيش لنفسه على مقاسه، وحينها اختار له قيادات ضمِن ولاءها، لتصبح مهمة الحرس هي حماية نظامه، ومنع الانقلابات العسكرية، وغيرها من المهمات الخاصة، وبقرار من المرشد الأعلى آنذاك، حصل الحرس الثوري على صلاحيات واسعة، تمكّنه من السيطرة على الاقتصاد الإيراني، فأصبح لديه نفوذ سياسي واقتصادي ضخم، يتيح له التحكّم بالقرارات الإيرانية خارجياً.
ولم يتوقف الخميني عند ذلك، فقام بتأسيس وزارة مخابرات خاصة، تستكمل منظومته الدينية الفاشية، فباتت إيران ترزح تحت نظام وأيديولوجيات متطرفة، بحكومتها ومؤسساتها.
وخلال الأربعين عاما الماضية، امتدت أذرع الحرس الثوري لتطال العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن، فأصبح داخل جيش ودولة داخل دول، وتحول عملياً ليكون المحور الرئيس لتهديد أمن المنطقة، وأداة لنشر العنف والإرهاب في الشرق الأوسط، وفي العالم بأسره، فبعد الحرب الخليجية الأولى، قررت إيران تصدير الأزمات إلى المنطقة، طمعاً بتحقيق مشروعها التوسعي، فقامت بضخ أموال النفط الإيراني في شرايين الحرس الإرهابي، ووضعت بين يدي قيادته مخططات ترتكز على شراء الذمم وإنشاء وتمويل الجماعات والمليشيات الإرهابية، كحزب الله وحماس والحشد الشعبي والحوثيين.
وفيما بعد، وفي سعيها للتمويل والدعم، ونظرا لتوافق الأهداف والمبتغى، ارتبطت إيران بقطر بعلاقات وثيقة، سرية وعلنية، هدفها الأساس تأجيج الصراعات والتوترات، وزعزعة الاستقرار الإقليمي، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وتمويل الإرهاب.
بالرغم من أن الولايات المتحدة في عام 2007، صنفت فيلق القدس، ذراع الحرس الثوري الإيراني، بأنه منظمة إرهابية، ولكن، وبعد أكثر من 12 عاماً، وفي خطوة وصفت عالمياً بالصحيحة، أعلنت الإدارة الأمريكية عن إدراج رأس الشر نفسه الحرس الثوري الإيراني، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، فإن الدوحة وجدت نفسها، برضى الحمدين، كعميل وخائن في حضن طهران، حيث لقاء الأهداف بتقويض الأمن في الدول العربية، ما جعلها، رغماً عنها، تنتقد القرار الأمريكي، بتصنيف الحرس منظمة إرهابية.
العقوبات الأمريكية جاءت لتفضح أشياء كثيرة عن إيران، من ضمنها السؤال عن تمويل الحرس الثوري الإيراني، الذي يحتاج ميزانيات ضخمة، لكن حين أعلنت قطر دفاعها عن الحرس الإرهابي، بصورة غريبة، بدا أن السؤال يجب أن تتغير صيغته ليصبح كالتالي: كيف تدعم قطر وتمول الحرس الثوري الإيراني، وهل يجري ذلك في مرأى ومسمع من الإدارة الأمريكية، أم بطرق لا يعلمها الشيطان نفسه؟
ظنّت الدوحة، وهي تدين القرار الأمريكي، بتصنيف الحرس الإرهابي منظمة إرهابية، بصوت منخفض، أن أحداً، غير طهران، لن يسمع صوتها، ولكن الدوائر الكثيرة، حول العالم، وفي أمريكا نفسها، وفي الخليج أيضاً، التقطت موجات ذلك الصوت وقامت بتحليله، ولم يبدُ أن المسألة مجرد نكاية بالخليج، أو تقليداً لأنقرة، أو مجرد خوف وذعر من الملالي، بل إن وراء الأكمة ما وراءها.