سياسة

دروز إسرائيل يبررون تدخلهم في سوريا كنوع من الوفاء لدمشق


يؤيد زعماء الأقلية الدرزية في إسرائيل الذين تملأهم مشاعر الألم والغضب بعد اشتباكات مميتة بين مسلحين إسلاميين ومسلحين دروز في سوريا في الأسابيع القليلة الماضية تدخل الجيش الإسرائيلي للدفاع عن أبناء طائفتهم، داعين إلى فعل المزيد في حال تكررت أعمال العنف، في وقت تراهن فيه الدولة العربية على النزاعات الطائفية لشرعنة وجودها على الأراضي السورية. 

والعلاقات الوثيقة بين الدولة والدروز في إسرائيل البالغ عددهم 120 ألفا، والتي توطدت من خلال خدمة الدروز في الجيش الإسرائيلي، أحد أسباب تزايد تدخل الدولة العبرية في سوريا.

وقال أنور عامر، وهو ضابط شرطة سابق يشغل الآن منصب رئيس بلدية منطقة حرفيش الدرزية في الجليل بشمال إسرائيل “أقام الدروز في إسرائيل علاقات مع الحكومة ومع الشعب اليهودي. نقاتل إلى جانبهم على جميع الجبهات”.

وقال لرويترز في مكتبه “أتوقع من دولتي ومن الشعب اليهودي أن يردوا لنا الجميل على كل ما فعلناه من أجلها وأن يدافعوا عن إخواننا في سوريا”.

ويعيش الدروز، وهم طائفة دينية عربية، في لبنان وسوريا وإسرائيل. وإلى جانب التمسك الشديد بثقافتهم وبعلاقاتهم مع بعضهم البعض، يسعون إلى إقامة علاقات جيدة مع الدول التي يعيشون فيها.

ودعم هذه الأقلية ليس الشاغل الوحيد لإسرائيل في سوريا، إذ تخضع البلاد منذ الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول لإدارة حكام إسلاميين كانت لهم صلات في السابق بتنظيم القاعدة.

وتعتبر إسرائيل الإسلاميين تهديدا لها، وسعت إلى إبعاد قواتهم المسلحة عن المناطق القريبة من حدودها، مثل محافظة السويداء التي يشكل الدروز غالبية سكانها.

وتتغير الأوضاع الجيوسياسية بالمنطقة. فقد قصفت إسرائيل سوريا مرارا خلال حكم الأسد لمواجهة إيران التي كانت تدعمه، لكنها الآن قلقة من تنامي نفوذ تركيا، الحليف الوثيق للإسلاميين، في سوريا وترسيخها لموطئ قدم لها بالقرب من الحدود الإسرائيلية.

وفي تغيير كبير للسياسة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء أن الولايات المتحدة سترفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ وقت طويل، متجاهلا بذلك الشكوك الإسرائيلية العميقة تجاه الإدارة الجديدة هناك.

وترى ساريت زهافي، المؤسسة لمركز ألما، وهو منظمة أبحاث وتدريس أمنية في الجليل، أنه وسط هذا المشهد المتغير، يصب الدفاع عن الدروز السوريين في مصلحة إسرائيل لأنهم يساعدون في إبعاد خطر الإسلاميين.

وقالت “بناء علاقات مع دروز سوريا الذين يعيشون على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود يمكن أن يساعد في ضمان عدم نمو الوحش الإسلامي قرب حدودنا”، مضيفة أن هذا بمثابة درس مستفاد من هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وذكرت أن الدولة العبرية ملزمة أيضا بمساعدة الدروز نظرا “لعلاقتها الخاصة” بالسكان الدروز لديها.

بناء علاقات مع دروز سوريا يمكن أن يساعد في ضمان عدم نمو الوحش الإسلامي قرب حدودنا

وتوترت هذه العلاقة عام 2018 عندما احتج عشرات الآلاف من الدروز على قانون جديد ينص على أن لليهود وحدهم حق تقرير المصير في البلاد.

ومع ذلك، تنتشر الأعلام الإسرائيلية والأعلام الدرزية، ذات الخطوط الحمراء والصفراء والزرقاء والبيضاء، على ساريات الأعلام والمباني العامة في قرى الدروز بالجليل، والواقعة على منحدرات شديدة تزينها أشجار البلوط والزيتون.

وفي مارس/آذار، سمح لوفد من رجال الدين الدروز السوريين بدخول إسرائيل لزيارة مزار مقدس لأول مرة منذ خمسين عاما، وهو ما أثار احتفالات ضخمة بين الدروز في إسرائيل.

وبدأت الاشتباكات في المناطق الدرزية بسوريا في 29 أبريل/نيسان. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، إنها أودت بحياة ما يزيد على 100 درزي، معظمهم مسلحون، و32 من الإسلاميين.

وبعد أحداث عنيفة أخرى أسفرت عن مقتل مئات العلويين، وهم أقلية أخرى في سوريا، على يد مقاتلين مؤيدين للحكومة في مارس/آذار، اعتبر كثير من الدروز هذا العنف تهديدا وجوديا لهم.

وقال عنان وهبي، الضابط الدرزي السابق في الجيش الإسرائيلي ومحاضر العلوم السياسية الحالي “ليس من السهل رؤية الصور وسماعهم يلجأون إلينا للمساعدة”.

والتقى الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل الشيخ موفق طريف برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للضغط من أجل التدخل العسكري. ووقع بعض العسكريين الدروز على رسالة أعلنوا فيها تطوعهم للقتال في سوريا. وأغلق محتجون طرقا للضغط على الحكومة للتدخل.

وردت إسرائيل بشن غارات جوية، إحداها قرب القصر الرئاسي في دمشق، اعتبرتها تحذيرا للحكومة السورية من نشر قوات جنوبي العاصمة أو تهديد الدروز. وأعلنت أيضا أنها أرسلت قوات برية لحماية القرى الدرزية وأجلت بعض المصابين.

وقالت إسرائيل الأسبوع الماضي “يواصل جيش الدفاع الإسرائيلي مراقبة التطورات ويبقى في أقصى درجات الجاهزية للدفاع ومواجهة مختلف السيناريوهات”.

واتهمت سوريا إسرائيل بالتصعيد على نحو خطير وأعلنت رفضها أي تدخل خارجي. وقدمت الحكومة تنازلات لتهدئة التوتر مع الدروز، منها توظيف قوات أمن محلية بدلا من جلبها من خارج مناطقهم.

ويقول بعض الدروز إن على إسرائيل التهدئة حتى تحمي أبناء طائفتهم السوريين من أن يُنظر إليهم على أنهم وكلاء للدولة العبرية.

ونقلت صحيفة “كالكاليست” الإسرائيلية عن أستاذ العلوم السياسية سليم بريك قوله “نتوقع من دولة نضحي من أجلها أن تحمي إخواننا، لكن من الأفضل أن تخفف من حدة تدخلها”.

لكن وهبي قال إن الدروز السوريين بحاجة إلى دعم إسرائيل بغض النظر عن وجهات النظر، مضيفا “في ظل هذه الفوضى في سوريا، لا يوجد أمامهم خيار آخر”.

وقال الشيخ كمال خطيب من قرية يانوح جت بالجليل، متحدثا عند ضريح زعيم ديني درزي، إن الدروز الإسرائيليين سيواصلون الضغط على حكومتهم لحماية إخوانهم السوريين، متابعا “إذا حدث أي شيء، سنكون هناك”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى