صحة

دراسة توضح مدى تأثير فيروس كورونا على الأطفال


أشارت الدراسات إلى أن الشباب هم أقل عرضة للإصابة بعدة أمراض خطيرة، غير أن هناك ما يجعلهم يساهمون في تفشي فيروس كورونا المستجد ألا وهو اعتبارهم الناقل غير المرئي، وبذلك يكونون مفتاحا أساسيا في انتشار الوباء.

لقد أحدث المرض، لاسيما مع بدء تفشيه في العالم، قلقا كبيرا بالنسبة لأولئك الذين تزيد أعمارهم على 70 عاما، أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، وقد كانت بذلك هي المجموعات التي تم حثها في البداية على التباعد الاجتماعي، لكن تمت فيما بعد ملاحظة أن فيروس كورونا يمكن أن يصيب الشباب أيضا بالمرض الخطير، وفق ما ذكر أستاذ علم الفيروسات الجزيئية بجامعة نوتنغهام، جوناثان بول.

وقد تبين بشكل واضح بأنه بالرغم من أن غالبية الشباب والأطفال سوف تظهر عليهم أعراض أسوأ قليلا من أعراض الأنفلونزا، غير أنهم يمكن أن يكونوا حاملين غير مرئيين للفيروس، وبالتالي فهم يلعبون دورا رئيسيا في تفشيه.

وقد كشفت الدراسات من الصين، بأنه نادرا ما يتم تشخيص الأطفال بالإصابة بفيروس كورونا، وبالتالي من المفترض أن يكون لهم دور ضئيل في انتشار المرض. بينما اتجهت معظم الجهود التشخيصية في الصين، لاسيما في المراحل الأولى من انتشار المرض، نحو المرضى الذين يدخلون المستشفيات، إذ شملت غالبية الحالات مرضى بالغين، وفق ما أفادت صحيفة الغارديان البريطانية، ولكن يبقى السؤال مطروح، هل ذلك يعني أن الأطفال والشباب لم يصابوا بالعدوى، أم أنهم عانوا من أعراض أكثر اعتدالا، ولم يتم اكتشافها؟.

وبهذا الخصوص يقول جوناثان بأنه والعديد من زملائه، لم يتمكنوا من رؤية أي سبب واضح لعدم إصابة الأطفال بالفيروس، لاسيما وأنه ينتشر عن طريق الجهاز التنفسي، وليس من خلال عملية فريدة تستهدف البالغين فقط، وبالتالي فإذا أصيب عدد كبير من الأطفال بالعدوى وتعرضوا لأعراض طفيفة جدا تشبه البرد، فإن قدرتهم على نشر الفيروس ستكون هائلة.

غير ذلك، توجد أحد الاختلافات الرئيسية بين فيروس كورونا الجديد وفيروسي ميرس وسارس، وهو أن الأشخاص المصابين بكوفيد-19 قد تظهر لديهم أعراض خفيفة فقط، الأمر الذي يجعل اكتشافه أكثر صعوبة، بينما مع السارس فقد كانت الإصابة بالالتهاب الرئوي بسرعة، ولذلك كانت مهمة تحديد من يعانون من أعراض شديدة وعزلهم سهلة نسبيا، الأمر الذي جعل التحكم به من خلال تحديد الحالة وتتبع الاتصال سهلا نسبيا. أما في حالة فيروس كورونا الجديد، ففي أكثر من 85 في المئة من الحالات المؤكدة، هناك احتمال لعدم اكتشاف الأعراض أو الخلط بينها وبين نزلات البرد المعتادة من الإنفلونزا. ويمكن أن يكون الأطفال في الواقع حاملين غير مرئيين الفيروس، وبالتالي وصلات مهمة في سلاسل انتقاله في المجتمع.

ويعتقد أيضا جوناثان بأنه مازالت هناك قطعة مهمة من أحجية الصورة الناقصة، إذ في حين يشك الكثير من العلماء في أن للأطفال دورا رئيسيا يلعبونه في هذا التفشي فإن الأدلة القوية لدعم هذا الاعتقاد لا تزال غير موجودة، وفق ما قاله.

هذا وقد قام الباحثون الصينيون، في أكبر دراسة من نوعها، بفحص نتائج الإصابة بفيروس كورونا الجديد في أكثر من 2000 حالة مؤكدة أو مشتبه بها في مرحلة الطفولة، حيث اتضح بأن ما يزيد قليلا على نصف الأطفال قد ظهرت لديهم أعراض خفيفة تشبه البرد، أو لم تظهر عليهم أعراض على الإطلاق.

وبالرغم من تسجيل إصابات شديدة وحرجة بالمرض عند نحو 5 في المئة من الأطفال الذين جرت دراستهم، فإن عمر أصغرهم أقل من عام واحد، إذ كانت مستويات الأكسجين في الجسم منخفضة بينما تتعرض الأعضاء المختلفة للتهديد، فإن هناك فجوات كبيرة لا تزال في هذا التحليل. وقد تم الاشتباه في أغلب هذه الحالات بدلا من تأكيد الإصابات بالفيروس، حسب ما قاله جوناثان بول، كما أشار إلى أن هذه الدراسة تؤكد على الأقل أن معظم حالات العدوى لدى الأطفال خفيفة.

ويعتقد بذلك العلماء، بناء على انتشار الأوبئة السابقة، بأن إغلاق المدارس يمكن أن يكون وسيلة فعالة للحد من انتشار الفيروس، لاسيما عندما تكون جزءا من برنامج أكبر لإجراءات التباعد الاجتماعي، حيث في كل يوم دراسي عادي، يتجمع الأطفال بشكل جماعي، غالبا ما يكونون على مقربة من بعضهم بعضا، ثم يعودون إلى منازلهم، حاملين معهم أي إصابة جديدة التقطوها، وبذلك فإن إجراء إغلاق المدارس سيساعد على إبطاء انتشار الفيروس.

كما يعتقد جوناثان بأنه وكما هو الحال مع معظم الأشياء في هذا الوباء، فإن فكرة أن فيروس كورونا الجديد يهدد فقط كبار السن هي تبسيط مفرط، مضيفا: على من أنه من غير المرجح أن يموت الشباب والأطفال بسبب فيروس كورونا الجديد، فإن أعراضهم الخفيفة يمكن أن تجعلهم حاملين للفيروس، وهو أمر يعد اكتشافه أكثر صعوبة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى