أصدر مركز بحوث مراقبة التسلح البريطاني (Conflict Armament Research) تقريرا حديثا، كشف أن المتمردين الحوثيين يمتلكون ماكينات تصنيع متفجرات محلية، ذات مكونات إيرانية المنشأ، لها قدرات عالية على إنتاج العبوات الناسفة والألغام بأنواعها كافة. وجمع المركز أدلة تشير إلى أن جماعة الحوثي تستخدم الألغام الأرضية والعبوات المحسنة على نطاق واسع، لكن استخدامها ازداد كثافة مع تراجع المجموعة أمام تقدم قوات التحالف العربي. وتظهر الأدلة كذلك أن قوات الحوثي استخدمت كميات هائلة من الألغام المصنعة محليًا بأدوات إيرانية، إلى جانب عدد صغير من الألغام الأرضية التقليدية التي استولت عليها المجموعة من مخازن الجيش اليمني. ووثق التقرير البريطاني كذلك استخدام المجموعة لألغام بحرية مصنعة محليًا، ومنظومة صواريخ محمولة، فضلًا عن أجهزة تفجير متطورة تعمل على الأشعة تحت الحمراء. وقال جيمس بيفان، المدير التنفيذي لمركز البحوث البريطاني، إن هذا التقرير يكشف عن الاستخدام الواسع للألغام الأرضية والعبوات الناسفة في جميع أنحاء اليمن…الغالبية العظمى من الألغام الأرضية في اليمن مصنعة محليًا، جرى إنتاجها على نطاق واسع من قبل قوات الحوثي، بطريقة لم يمهر بها من قبل سوى تنظيم داعش في سوريا والعراق. ويشار إلى أن مركز بحوث مراقبة التسلح، الكائن في لندن، يعمل ميدانيًا في مناطق النزاعات المسلحة، ويتتبع مصادر الأسلحة والذخيرة والعتاد العسكري، ويقوم بتوثيق الأسلحة عند نقاط استخدامها، ويتتبع مصادرها من خلال سلسلة توريدها حتى الوصول إلى منشأها. أجرى المركز البريطاني مهمات عدة إلى اليمن منذ شهر نيسان عام 2017، بغرض توثيق مواد تم ضبطها من جماعات مسلحة غير تابعة للدولة، بما فيها قوات الحوثي. وقد وثق الباحثون في البعثة الميدانية الثامنة، في يوليو، مواد متفجرة، جرى العثور عليها خلال تقدم قوات التحالف على طول الساحل اليمني الغربي، تجاه ميناء الحديدة على البحر الأحمر. ووجد الفريق، أن الحوثيين يقومون فعلًا بتصنيع عبوات متفجرة بعضها متطور للغاية، وأن هذه الألغام الأرضية والعبوات الناسفة تشكلان تهديدًا متناميًا للسكان اليمينيين، ويقدّر أن يستمر هذا التهديد لفترة طويلة حتى بعد انتهاء المرحلة الحالية من النزاع. وتحمل الألغام الأرضية المصنعة محليًا في اليمن، الموثقة من قبل مركز البحوث البريطاني، مواصفات عامة، جرى تصنيعها في خط إنتاج بمكونات إيرانية المنشأ، وغالبيتها تحمل أرقامًا متسلسلة، ما يؤكد على ضخامة الإنتاجية واحترافيتها. جميع هذه الألغام متطابقة من ناحية التصميم، أو تشبه إلى حد كبير الألغام التقليدية المعروفة. ولاحظ الباحثون كذلك أن الحوثيين عملوا على توحيد منتجات العبوات الناسفة، من ناحية المواد المتفجرة والأزرار، وأضافوا عليها أرقامًا تسلسلية. جرى توثيق 3 أنواع من الألغام الأرضية محلية الصنع: أولًا: ألغام توجيهية صغيرة من نوع كليمور (Claymore). يعتقد الباحثون أن الحوثيين استندوا في تصنيع هذا النوع إلى ألغام صينية الصنع من طراز (150 A GLD). ثانيًا: ألغام توجيهية تشبه إلى حد كبير الألغام الإيرانية الشهيرة من طراز (M18A2). ثالثًا: ألغام مضادة للمركبات تشبه الألغام السوفييتية من طرازي (TM-46) و(TM-57). ويفيد التقرير البريطاني أن هذه الألغام جرى استخدامها بشكل حصري من قبل قوات الحوثي، وأن ليس هناك دلائل على استخدامها من قبل أطراف أخرى في الصراع اليمني. وقد أظهرت لقطات مصورة نشرتها قوات الحوثي سابقًا، العديد من الألغام المماثلة، والعبوات الناسفة، والأسلحة المحلية، جميعها تتطابق مع الأسلحة التي أجرى المركز البريطاني أبحاثه عليها. بالإضافة إلى ذلك، وثق مركز البحوث البريطاني نوعين من العبوات المتفجرة، كلاهما ذو أرقام تسلسلية وتصاميم متطابقة. النوع الأول قنابل محلية محسنة، والنوع الثاني نظام صاروخي جوي محمول، يعمل من خلال مقبض يدوي. تحمل الملصقات المطبوعة على المتفجرات الكثير من الأرقام التسلسلية، ما يشير إلى إنتاجٍ ضخمٍ ونظام توزيع منظم. وقد عثر الباحثون على إرشادات أساسية، جرى توزيعها على مستخدمي العبوات ذوي المهارات المنخفضة. ومن بين الأسلحة الموثقة من قبل المركز البريطاني، ألغام بحرية تتطابق مع 35 عبوة مماثلة وجدها فريق خبراء الأمم المتحدة. وحسب تقرير الباحثين، استخدم الحوثيون كذلك ألغامًا غير محلية، مصنعة في دول عدة، من بينها بلجيكا، وإيطاليا، والصين، وألمانيا. وكما هو معروف، كان الجيش اليمني يمتلك هذه الألغام قبل الحرب الأهلية، ما يشير إلى استحواذ المجموعة على العبوات التفجيرية من ممتلكات الدولة. وجد الباحثون الميدانيون أن المكونات الإلكترونية المستخدمة في العبوات المتفجرة محلية التصنيع هي إيرانية خالصة، تشمل أجهزة تحكم إلكتروني، وأجهزة استشعار، وأجهزة إرسال واستقبال. جرى تصنيع هذه الإلكترونيات في طهران عام 2008، وهذا ما وثقه المركز البريطاني في تقرير سابق له. ووجد الفريق البحثي كذلك أن بعض الحوثيين أزالوا بعض العلامات عن مكونات العبوات، في محاولة لإخفاء مصدرها. كما وثق الخبراء البريطانيون عشرات العبوات الناسفة المخفية على الصخور، لا سيما في محافظتي تعز والحديدة. ومن بين الأسلحة الموثقة أيضًا، مقذوفات صاروخية متفجرة، تحتوي على تكنولوجيا إيرانية، تعمل بأجهزة تفجير عبر الأشعة الحمراء. وقد لاحظ الباحثون أن هكذا مقذوفات تتطابق تمامًا مع ما امتلكه حزب الله في لبنان، وبعض الميليشيات في العراق. هذه الأسلحة تعمل بالتحكم اللاسلكي، باستخدام الأشعة تحت الحمراء (PIR). ويتطابق هذا النوع من الأسلحة مع العبوات اللاسلكية التي عثرت عليها القوات البحرينية مع المسلحين المدعومين من إيران. وحسب التقرير، يمتلك الحوثيون اليوم مكونات متطورة لازمة لتصنيع أنواع مختلفة من متفجرات الأشعة تحت الحمراء.