سياسة

حكومة الشرق تغلق حقول النفط ردًا على خطف موظفين من المصرف المركزي الليبي


 قررت حكومة شرق ليبيا برئاسة أسامة حماد والمدعومة من البرلمان، اعلان القوة القاهرة في جميع حقول وموانئ النفط ردا على الاعتداءات التي يتعرض لها موظفو البنك المركزي وأخرها قيام مسلحين بخطف مسؤول كبير و3 موظفين وردا أيضا على قرار المجلس الرئاسي اعفاء المحافظ الصديق الكبير وتكليف نائبه عبدالفتاح عبدالغفار بإتمام إجراءات التسليم والاستلام والقيام بمهام وأعمال المحافظ. 

والحكومة التي تتخذ من بنغازي مقرا لها غير معترف بها دوليا، لكن معظم الحقول تقع تحت سيطرة قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.

وقالت في بيان مصور تلاه حماد إن هذا القرار جاء ردا على “الاعتداءات على قيادات وموظفي وإدارات مصرف ليبيا المركزي من قبل مجموعات خارجة عن القانون وبتحريض ومساعدة من المجلس الرئاسي منتحل الصفة”.

وأضاف “أن واقع المسؤولية القانونية والاجتماعية الملقاة على عاتق الحكومة الليبية في حفظ وصيانة المال العام، والحفاظ على قوت الليبيين وأموالهم واحتياطاتهم لدى مصرف ليبيا المركزي، وما سيجرى تحصيله من إيرادات النفط من الوقوع تحت تصرف ثلة خارجة عن الشرعية، وتستهدف الاستحواذ عليها وتبذيرها”.
والأحد هدد ما يعرف “بمجلس أعيان الواحات” بإغلاق حقول النفط رداً على “محاولة للسيطرة على المصرف المركزي بالقوة، والاستفراد بالأموال وتعطيل عملية التنمية في البلاد”.

وقبل ذلك هدد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بإمكانية إغلاق حقول النفط إذا تم تسليم المصرف المركزي إلى “أياد غير أمينة” في إشارة الى المجلس الرئاسي.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها التلويح بورقة النفط في الصراع السياسي حيث تم اعلان القوة القاهرة خلال تصاعد الخلافات بين القوى السياسية بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي في 2011.

وجاء القرار بعد أن قامت عناصر مسلحة مجهولة بخطف مدير مكتب محافظ مصرف ليبيا المركزي راسم النجار وثلاثة موظفين بالمصرف فيما تلوح في الأفق أزمة كبيرة بسبب الخلافات حول تعيين محافظ جديد خلفا للصديق الكبير ووسط مخاوف لعودة البلاد الى مربع العنف والاقتتال فيما تضغط الحكومة الموازية في الشرق في الملف عبر ورقة النفط من خلال اغلاق حقول النفط ومنع الانتاج والتصدير.
وتصاعدت التوترات بعد مساعي هيئات سياسية في مقدمتها المجلس الرئاسي للإطاحة بالكبير وتكليف محمد الشكري بدلا منه مع تعبئة تجريها الفصائل المسلحة المتنافسة. حيث رفض الكبير تسليم المنصب، كما رفض القرار كل من مجلسي النواب والدولة باعتباره صدر من “جهة غير مختصة”، فيما قال الشكري إن “قرار مجلس النواب رقم 3 في 2018 صدر بتكليفي بمهام محافظ مصرف ليبيا المركزي وأديت القسم القانوني تبعا لذلك” قبل أن يؤكد بأنه لن يتولى المنصب قبل الحصول على التأييد من الهيئتين التشريعيتين المتنافستين في البلاد.

وقالت عائلة النجار لوسائل اعلام ليبية محلية أنه تم فقدان التواصل مع ابنها وسط مخاوف من تورط ميليشيات في العملية لتوجيه رسالة تهديد للإدارة الحالية للمصرف المركزي ما يمثل منعرجا خطيرا.

وتمثل عملية الاختطاف رسالة تهديد واضحة لشخص الصديق الكبير وكذلك للقوى السياسية والشخصيات الداعمة له.
وكانت تقارير عن تعبئة قوات في طرابلس وتهديدات باستخدام القوة لحل أزمة السيطرة على المصرف المركزي وهو ما نبهت له البعثة الأممية مؤخرا.
ومساء الخميس الماضي احتشدت كتائب مسلحة موالية للمجلس الرئاسي لاقتحام البنك المركزي، في ظل وجود كتائب أخرى مناصرة للمحافظ الصديق الكبير تحمي المكان.

ورغم أن وزير الداخلية بالحكومة الليبية المنتهية ولايتها عماد الطرابلسي أكد الجمعة التوصل لاتفاق لإنهاء الاستنفار والتصعيد العسكري ومباشرة الأجهزة الأمنية تأمين المقرات الحكومية والعامة لكن يبدو أن التصعيد لا يزال قائما.
من جانبها، أعربت الولايات المتحدة في بيان لسفارتها لدى ليبيا عن “قلقها إزاء التقارير التي تفيد باحتمال وقوع اشتباكات في طرابلس” في علاقة بأزمة البنك المركزي وحثت “جميع الأطراف على التهدئة وتجنب العنف”.

 

وأكد مجلس إدارة المصرف المعيّن من المجلس الرئاسي اكتمال تسلّم مجلس الإدارة مهام إدارة المصرف بشكل كامل

وجدد  في بيان له “الالتزام بالإجراءات المطلوبة لضمان عملية انتقال سلسة، متجاوزين كل محاولات التشويش التي حاولت الإدارة السابقة افتعالها”.

وشدد على “الالتزام الكامل بالأولويات والتعهدات التي أعلنّها في بيانه الأول والسعي لإنقاذ الاقتصاد، ومعالجة آثار الأزمات المفتعلة التي تحمل المواطن عبئها”.

وقال مصرف ليبيا المركزي في طرابلس اليوم الاثنين في بيان إنه “بالنظر للتطورات الأمنية الأخيرة التي خضع لها المقر الرئيسي لمصرف ليبيا المركزي في العاصمة طرابلس فإن المصرف يعتذر لعملائه الكرام في الداخل والخارج لتوقفه عن تقديم خدماته بسبب الظروف الاستثنائية القاهرة التي تحول دون مواصلته لنشاطه المعتاد بالرغم من كل الجهود التي بذلت في الأيام الأخيرة من أجل تفادي آثار هذه التطورات المؤسفة”.

وكان وسطاء لم يحددوا هويتهم قدموا الأسبوع الماضي اقتراحا لاحتواء الازمة بين المجلس الرئاسي ومحافظ البنك المركزي.
ويتمثل الاقتراح في التزام “الكبير بالعمل مع لجنة مالية مشتركة تضع ترتيبات موحدة إلى حين التوافق على قانون الميزانية العامة الذي تم اقتراحه من البرلمان الفترة الماضية.
كما اقترحوا “موافقة الصديق الكبير على مجلس إدارة مكتمل الأعضاء للمصرف المركزي وفق العدد القانوني الإجمالي المحدد بـ9 أعضاء”. لكن يبدو أن تلك الوساطة قد فشلت في رأب الصدع.

وقال الخبير الإستراتيجي الإيطالي دانيليي روفينيتي إن “الصدام المستمر بين الكبير ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة يقسم ليبيا أكثر والمواقف في طرابلس، ومن الواضح الآن أنه لا يوجد إجماع على قرار استبدال الكبير الذي اتخذه المجلس الرئاسي بناء على مدخلات الدبيبة”، وفق صحيفة “الصدى” الاقتصادية.

وتابع “ما رأيناه في هذه الساعات هو مثال واضح على الفوضى المستمرة فالباب المغلق لمقر مصرف ليبيا المركزي الخالي من أي حشود هو رمز للفوضى المستمرة وفي حين يستمر كل شيء في التأثير على المواطنين مع شلل الأنشطة المصرفية أو على الأقل إبطائها بسبب عواقب الاختيارات المتهورة من بين هذه الخيارات إرادة الدبيبة في عدم التخلي عن السلطة”، محذرا من أن قرار استبدال الكبير يشكل انتهاكا لاتفاقيات جنيف.

وتشير هذه التطورات لحجم الصراع السياسي للهيمنة على المصرف المركزي الذي يتحكم ويدير جزء كبير من مقدرات وثروات الشعب الليبي حيث تستخدم القوى والهيئات السياسية المتصارعة تلك الثروات لتمويل المجموعات المسلحة لتحافظ في النهاية على ولائها.
ولم تشهد ليبيا، وهي منتج رئيسي للنفط على البحر المتوسط، سوى القليل من الاستقرار منذ انتفاضة عام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي. والبلاد منقسمة منذ 2014 بين فصائل متناحرة في الشرق والغرب.
وتوقفت المعارك الرئيسية مع وقف لإطلاق النار في عام 2020، لكن الجهود الرامية إلى إنهاء الأزمة السياسية باءت بالفشل مما سمح باستمرار الفصائل الرئيسية التي تخوض أحيانا اشتباكات مسلحة وتتنافس على السيطرة على الموارد الاقتصادية الكبيرة في ليبيا.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى