جنود إسرائيليون عائدون من غزة يعانون صعوبة في النطق والأكل
في أعقاب النزاعات المسلحة في قطاع غزة، يعود جنود إسرائيليون إلى ديارهم حاملين معهم ليس فقط آثار الجروح الجسدية، بل وأيضًا جراحًا نفسية عميقة تتجلى في صعوبات النطق والأكل، تقرير صادر عن صحيفة “يديعوت أحرونوت” يسلط الضوء على هذه الإصابات المعقدة التي تعدى تأثيرها الجسدي إلى القدرات الأساسية للتواصل والتغذية.
أضرار نفسية وعصبية
من جانبها، نيري بيليد، الأخصائية المتمرسة في علاج مشاكل النطق بمستشفى إعادة التأهيل في إيخيلوف، تقدم رؤية معمقة حول الأضرار النفسية والعصبية التي يحملها الجنود العائدون من غزة.
تُشير إلى أن هناك الكثير من الجنود الذين يعانون تلفًا في السمع ناجمًا عن التعرض لضوضاء القتال، أو من أحداث غير عادية تتمثل في انفجارات قريبة من دون تدابير وقائية.
هذه التجارب القاسية قد تترك آثارًا دائمة تتمثل في فقدان السمع أو الطنين المستمر، والتي إذا لم تُعالج بشكل فوري ومناسب، قد تتحول إلى مشاكل مزمنة تؤثر على جودة حياة الجنود بشكل كبير.
الضرر الذي يلحق بالجنود لا يقتصر على السمع فحسب، بل يمتد ليشمل الأحبال الصوتية والقدرة على التعبير اللفظي؛ مما يؤدي إلى تحديات جمّة في استرجاع الكلمات، النطق بوضوح، والتواصل الفعّال مع الآخرين.
هذه الإصابات تُعيق الجنود عن التعبير عن أنفسهم بحرية وسلاسة، وتُحد من قدرتهم على المشاركة في الحوارات اليومية والتفاعلات الاجتماعية؛ مما يُفاقم من العزلة والإحباط الذي قد يشعرون به.
صعوبة استرجاع الكلمات
كما أشارت إلى مشكلة أخرى وهي صعوبة استرجاع بعض الجنود المصابين للكلمات وتذكر اسم شخص ما، وكذلك مشاكل في دقة الكلمات عند محاولة قول شيء.
وذكرت: أن “هذه الأمور تتحسن مع مرور الوقت، لكن هذه الإصابات أقل وضوحًا من الإصابات الجسدية في الأطراف، وتؤثر بشدة على نوعية حياة الجنود الذين يجدون أنفسهم لا يستطيعون التواصل مع الأصدقاء أو استخدام الهاتف بنفس الطريقة”، مؤكدة أن بعض هذه الأعراض تستمر لسنوات.
اضطراب ما بعد الصدمة
يعاني مئات الجنود في الجيش الإسرائيلي من “اضطراب ما بعد الصدمة” وأمراض نفسية وجسدية أخرى منذ وقوع هجمات في السابع من أكتوبر واندلاع الحرب في قطاع غزة، يشعر الجنود الاحتياطيون الذين يعودون إلى حياتهم المدنية بالقلق.
ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية – وفقًا لمصادر في الجيش الإسرائيلي-، أن آلاف الجنود الإسرائيليين يعانون من “علامات الإجهاد والارتجاج الدماغي والإنهاك القتالي” منذ بدء الحرب في غزة، وقد خضعوا للعلاج من قبل هيئة تابعة للجيش الإسرائيلي.
وشكَّل الجيش الإسرائيلي وحدة مؤلفة من ضباط صحة نفسية وأطباء نفسيين، عقب اندلاع الحرب في موقعين على مقربة من الحدود مع قطاع غزة، وهما قاعدة “سدي تيمان” العسكرية، وفي منطقة رعيم، وذلك للتعامل مع الجنود الذين يعانون من مشاكل نفسية.
حيث تزايدت الإصابات النفسية بين جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة ضد فصائل المقاومة في قطاع غزة، وفقًا لتقارير رسمية صادرة عن الجيش.
وأشارت القناة الـ12 الإسرائيلية، إلى أن حوالي 10 آلاف جندي يعانون من أعراض نفسية منذ بداية النزاع، مما يمثل تحديًا جسيمًا للجيش الإسرائيلي في مجال الصحة النفسية.
وأقر الجيش بأنه يواجه أكبر مشكلة في مجال الصحة النفسية منذ عام 1973، مع تصاعد الضغوطات النفسية على الجنود خلال المعارك الدائرة في قطاع غزة.
وأوضح رئيس قسم الصحة النفسية في الجيش الإسرائيلي، لوسيان ليئور، أن هناك توقعات بزيادة أعداد الجنود الذين يلجأون للعلاج النفسي بعد انتهاء الحرب.
ومنذ بداية النزاع، قام آلاف الجنود بالفحص النفسي، حيث أكدت رئيسة القسم السريري للأمراض العقلية في الجيش، يخال ليفشيتز، أن حوالي 3 آلاف جندي تم فحصهم بواسطة ضباط الصحة العقلية.
وفي إطار جهوده لمواجهة هذه الأزمة، أعلن الجيش الإسرائيلي عن توفير خط ساخن للصحة النفسية، حيث قام حوالي 30 ألف جندي بالاتصال به منذ بداية الحرب، وتم تسريح حوالي 200 عسكري بسبب المشاكل النفسية التي ظهرت لديهم خلال هذه الفترة.
وتظهر هذه التقارير التحديات النفسية التي يواجهها جنود الجيش الإسرائيلي. بالإضافة إلى التحديات الصحية الجسدية الناتجة عن طبيعة المعارك والظروف المعيشية في المناطق التي تشهد صراعًا.