تونس.. تمديد حبس العريض على ذمة التحقيق في ملف تسفير الجهاديين
قرر قاض بقطب مكافحة الإرهاب التمديد بأربعة شهر في إيقاف علي العريض القيادي في حركة النهضة الإسلامية ورئيس الوزراء الأسبق في القضية المتعلقة بشبكات تسفير الجهادين التونسيين إلى بؤر التوتر.
فيما ينتظر أن يساهم التقارب بين تونس ودمشق في الكشف عن كافة ملابسات الملف، خاصة بعد اتفاق الرئيس التونسي قيس سعيد مع نظيره السوري بشّار الأسد أثناء لقاء جمعهما خلال قمة جدة الشهر الماضي على تكثيف التعاون بين البلدين على كافة المستويات.
ويقبع العريض في السجن بعد أن أصدر القضاء التونسي بحقه في 12 ديسمبر بطاقة إيداع لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد. في ختام تحقيق مطوّل إثر الاشتباه في أنه يقف وراء إرسال عدد من الشبان التونسييين للقتال في العراق وسوريا، كما شملت التحقيقات رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
ونفت الحركة الإسلامية في بيان حينها أي علاقة للعريض بملف التسفير، مؤكدة أن “إقحامة” في القضية محاولة من السلطة السياسية للتغطية على ما أسمته “الفشل الذريع” للدورة الأولى من الانتخابات التشريعية التونسية.
وتقدّر مصادر تونسية عدد التونسيين الذين تم إرسالهم للانضمام إلى جماعات إرهابية من بينها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، بنحو 6 آلاف.
وعيّن سعيّد في أبريل الماضي محمد المهذبي سفيرا فوق العودة لتونس لدى دمشق، منهيا بذلك سنوات من القطيعة بين البلدين. في خطوة رحّبت بها السلطات السورية معلنة عن اعتزامها اتخاذ قرار مماثل وإعادة فتح سفارتها.
وتتيح الصلاحيات الواسعة للسفير التونسي بسوريا إبرام اتفاقيات في مختلف القطاعات مع الجانب السوري، ما يؤشر على تدشين مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين. بما من شأنه أن يعطي دفعة قوية لحلحلة عدد من الملفات المتعلقة بالإرهاب يتصدرها ملف تسفير التونسيين، لاسيما وأن الجانبي السوري يمتلك الكثير من المعطيات التي قد تفيد السلطات التونسية.
وكانت تونس قد قطعت علاقاتها مع سوريا في العام 2011 خلال عهد الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي. بينما انتقدت المعارضة تلك الخطوة محذّرة من تداعياتها على الجالية التونسية التي تقدّر بنحو 6 آلاف. وبادرت السلطات التونسية عام 2015 بأول خطوة دبلوماسية تجاه سوريا بتعيين ممثل قنصلي لها في دمشق.
وكان عدد من المعتقلين التونسيين قد أفادوا في اعترافات مصوّرة بأنه تمّ تسهيل سفرهم إلى ليبيا ومنها إلى إسطنبول قبل دخول الأراضي السورية والانضمام إلى المقاتلين.
واتّهمت أحزاب علمانية النهضة بحثّ الشباب التونسي على الالتحاق ببؤر التوتّر والإرهاب والخارج، في غمرة انفلات الخطاب الديني الذي شهدته المساجد التونسية خلال هيمنة الحركة الإسلامية على الحكم.
وانطلقت التحقيقات في الملف بعد التدابير الاستثنائية التي فرضها قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 واعتقل القضاء التونسي عددا من السياسيين والأمنيين للاشتباه في تورطهم في تسهيل سفر التونسيين إلى بؤر الإرهاب.
كما أصدر قضاء مكافحة الإرهاب في يونيو من العام الماضي قرارات تقضي بتجميد الأرصدة المالية لعدد من الشخصيات. من بينها رئيس حركة النهضة ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي ووزير الخارجية الأسبق رفيق عبدالسلام.
ويرى مراقبون أن نورالدين البحيري القيادي في الحركة الإسلامية كانت له اليد الطولى في فرض التعتيم على أحد أهم الملفات التي تدين النهضة. بينما اتّهمه معارضون بالسيطرة على القضاء التونسي الذي كان البعض يطلق عليه “قضاء البحيري”.
واعتقلت السلطات التونسية البحيري مطلع العام 2022 ووضع قيد الإقامة الجبرية في قضية تتعلق ببيع الجنسية التونسية. ومنح بطاقات تعريف وطنية وجوازات سفر لأجانب، قبل أن يطلق سراحه ويمنع مع السفر مع إبقائه على ذمة التحقيقات.
ولطالما نفت النهضة جميع الاتهامات، معتبرة أن السلطة السياسية القائمة تسعى إلى استهداف قيادات الحركة بهدف تصفية خصومها، لكن الرئيس التونسي يشدد على استقلالية القضاء، مؤكدا على أنه لا أحد فوق القانون.