نشرت الجريدة الرسمية التركية في عددها الصادر، قرار البرلمان التركي حول تمديد مهمة القوات التركية في ليبيا لمدة 24 شهراً، مع تصاعد الرفض الداخلي والأممي لتواجد القوات الأجنبية والمرتزقة في البلد العربي الذي يواجه انقساما سياسيا حادا.
وفي الغرب توافق حكومة الوحدة الوطنية على بقاء القوات التركية، فيما يرفضه البرلمان، وينقسم أعضاء المجلس الأعلى للدولة بين التأييد والرفض لبقاء القوات هناك.
من جهتها، ترى تركيا أن بقاء القوات بهدف حماية مصالحها، وتعزيز استراتيجيتها وتعمل على الاستفادة القصوى من وجودها في الغرب الليبي ودعم حكومة الوفاق عسكريا في مواجهة الجيش الوطني الليبي ثم دعم حكومة الوحدة الوطنية في مواجهة الحكومة الموازية المدعومة من البرلمان.
وتستثمر أنقرة وجودها في ليبيا لتعزيز ما يسمى “استراتيجية الوطن الأزرق”، التي تعقد بشأنها اتفاقيات مع الحكومة في طرابلس، دون موافقة البرلمان الشرعي.
و”الوطن الأزرق”، استراتيجية تركية تستهدف السيطرة على بحر إيجة وشرق البحر المتوسط والبحر الأسود.
والجمعة الماضي، أحالت الرئاسة التركية مذكرة إلى رئاسة البرلمان، تقضي بتمديد مهام قوات البلاد في ليبيا 24 شهرا إضافيا ابتداء من 2 يناير/ كانون الثاني 2024. وجاءت موافقة البرلمان التركي بعد عملية تصويت، حظيت بموافقة أغلبية أعضائه.
وذكرت وكالة الأناضول التركية أن المذكرة الرئاسية التي تحمل توقيع الرئيس رجب طيب أردوغان، أكدت أن “الجهود التي بدأتها ليبيا عقب أحداث فبراير/ شباط 2011، لبناء مؤسسات ديمقراطية، ذهبت سدى بسبب النزاعات المسلحة، التي أدت إلى ظهور هيكلية إدارية مجزّأة في البلاد”.
وبررت الوكالة الوجود العسكري التركي في ليبيا بالقول أن حكومة الوفاق الوطني طلبت الدعم من تركيا في ديسمبر 2019، مع ازدياد التهديدات الأمنية في البلاد، وتوفير بيئة مناسبة للمنظمات الإرهابية والجماعات المسلحة، فضلا عن الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
والمفارقة أن الدبيبة قال في بداية ترأسه للحكومة أن القوات الأجنبية هي “خنجر” في ظهر ليبيا، ورغم ذلك عقد اتفاقيات فيما بعد خولت لتركيا جلب قواتها للأراضي الليبية.
وشددت على أن الهدف من إرسال قوات تركية إلى ليبيا “هو حماية المصالح الوطنية في إطار القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضدّ المخاطر الأمنية التي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا”.
لكن الوقائع تشير إلى أهداف أخرى لا علاقة لها بالديمقراطية، حيث حققت أنقرة الكثير من الأطماع في لبيبا من خلال توقيع مذكرة تفاهم لاستغلال النفط الليبي خلال فترة حكومة الوفاق مقابل دعم الميلشيات في الغرب لتؤكد هذا التوجه بمذكرة تفاهم أخرى في حكومة الوحدة الوطنية.
ونقلت تركيا مرتزقة سوريين وضباط مخابرات لدعم الميليشيات كما شاركت المسيرات التركية في شن هجمات على مواقع الجيش الليبي سابقا. وترفض الالتزام بالقرارات الأممية المتعلقة بضرورة خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية وذلك لدفع مسار التسوية السياسية للوصول إلى الانتخابات.
وتسعى تركيا للتواجد بقوة في ليبيا للحفاظ على مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية لكنها تواجه منافسة من دول مثل مصر التي تدعم قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر فيما تشير المعطيات بشأن استئجار قاعدة عسكرية للجيش التركي في ميناء الخمس جدلا بشان النفوذ التركي رغم نفي حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة لهذه المعطيات واعتبرتها محاولة غير بريئة لتأجيج التوتر مع تصاعد الرفض الداخلي والأممي لتواجد القوات الأجنبية والمرتزقة.
وأشارت الكاتبة الروسية بولينا بيكير، في مقال لصحيفة “فزغلياد” الروسية تحت عنوان “تركيا تضع يدها على ارث القذائفي” لما وصفتها بإشارات حول التوسع التركي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وتستبعد الكاتبة الروسية إمكانية نجاح الرئيس أردوغان في الهيمنة التامة على الوضع الليبي في ظل أزمة مالية تمر بها أنقرة مشيرة بأن أي مخطط في مثل هذا الحجم يحتاج لدعم مالي قوي.
وأضافت أيضا “للحفاظ على الأمن ضد المخاطر المحتملة الأخرى، مثل الهجرات الجماعية وتقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الشعب الليبي، وتوفير الدعم اللازم للحكومة الشرعية في ليبيا”.