سياسة

تركيا تستعد لانتخاب رئيسها.. التفاصيل


يبدو أن تركيا بعد انتخابات غد الأحد لن تكون تلك التي كانت قبلها، وما سينبثق عن الزمن الفيزيائي من نتائج سيكون كافيا لمحو أزمنة أو استنساخها أو دحرها.

في رأس قائمة المرشحين الأبرز، الرئيس التركي المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، ومرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، وما بينهما سنوات ضوئية تفصل المعسكرين وتختزل تناقضات الخصمين الإيديولوجية والسياسية.

وحتى الجمعة، أظهرت استطلاعات الرأي تقدما طفيفا لكليجدار أوغلو الذي يقترب من تجاوز عتبة الخمسين بالمئة من الأصوات اللازمة لتجنب دورة ثانية في 28 مايو الجاري.

فهل يقلع كليجدار أوغلو فعلا بتركيا لزمن مختلف أم أن أزمان أردوغان لا تزال سارية رغم نتائج استطلاعات الرأي؟ وهل فعلا أن الزمن التركي سيتغير بغض النظر عن اسم الفائز؟

جميع الاحتمالات واردة وفق مراقبين ممن يعتقدون أن الغد لن يكون فاصلا في تاريخ تركيا الحديثة فحسب، وإنما سيحدد على طريقته مسار الكثير من الملفات الإقليمية والدولية الهامة.

انسحاب إنجه

وقبل 3 أيام فقط من الاقتراع، أعلن محرم إنجه رئيس حزب “الوطن”، انسحابه من السباق الرئاسي، في خطوة مفاجئة بالنسبة لمرشح كان أردوغان يعول على أصواته لدعمه بشكل غير مباشر عبر خصمها من الذهاب احتمالا للمعارضة.

وفي الداخل التركي، تفجرت استفهامات عن المغزى من قرار مماثل، فالرجل الذي يرى خبراء أن ترشحه صوري يستهدف فقط جمع الأصوات لصالح الرئيس الحالي، ينسحب قبل تحقيق الهدف بأمتار قليلة، ويمنح المعارضة ركلة قد تحسم السباق منذ جولته الأولى.

ويُعتقد أن خلافات طرأت في الكواليس أو تغيرا ما دفع نحو خطوة ستعكر الأجواء داخل الائتلاف الحاكم والذي يبذل جهودا من أجل تأجيل حسم الانتخابات إلى الجولة الثانية.

وبحسب خبير إن تقارير عديدة مبنية على نتائج استطلاعات للرأي تشير إلى أن أردوغان لن يفوز في الجولة الأولى.

وأوضح الخبير أن “سيناريو مماثل سيقلب كل التوازنات وسيكسب المعارضة الثقة والدفع، وستتأثر الحكومة بشكل كبير بهذا القرار”.

 “ثمن باهظ”

وقبيل الاقتراع، حاول أردوغان حشد أنصاره محذرا في الآن نفسه من أنهم قد يدفعون “ثمنا باهظا” في حال صعود منافسه العلماني إلى السلطة.

والجمعة، تجنب أردوغان على غير عادته توقع نتيجة الانتخابات حين رد على سؤال من صحفي على التلفزيون ما إذا كان سيفوز في الانتخابات، بالقول إن “صناديق الاقتراع ستقرر الأحد”.

كما أقر أردوغان (69 عاما) بأنه يواجه صعوبة في استمالة القاعدة الناخبة من الشباب الذين لا يتذكرون الفساد والفوضى الاقتصادية التي كانت سائدة في ظل الحكومات العلمانية في تركيا بالتسعينيات.

وصرّح في ظهور إعلامي آخر هذا الأسبوع “هناك جيل في بلادنا لم يعايش أيا من المشكلات التي عايشناها”.

وقال الجمعة في تجمع في إسطنبول لأنصاره الذين لوحوا بالأعلام: “لا تنسوا… قد تدفعون ثمناً باهظاً إذا خسرنا”.

واعتبر أن الحكومات الغربية تستخدم المعارضة لفرض رؤيتها على المجتمع التركي، مضيفا “أيها الغرب، أمتي هي التي تقرر”.

رغم ذلك، قد لا يتمكن أردوغان من استخدام أوراقه الرابحة، فشريحة واسعة من الشباب – أبرز الناخبين- يؤيدون منافسه رغم أنهم لم يعرفوا رئيسا غيره.

كما أن الأكراد الذين كانوا يثقون في السابق في جهوده لإنهاء اضطهادهم الثقافي، يدعمون الآن حملة كليجدار أوغلو.

أيضا، تلعب الأزمة الاقتصادية – الأسوأ في تركيا منذ ربع قرن والتي تنسب بمعظمها الى آراء اردوغان الاقتصادية غير التقليدية – دورا في دفع مجموعات أخرى الى فقدان الثقة بحكومته.

دماء جديدة

من جانبها، تلعب المعارضة التركية على هنات زمن أردوغان، وتعد بوضع اقتصادي أحسن وحريات أكبر، وأيضا بالعودة إلى دبلوماسية هادئة مع أوروبا وحلفائها الغربيين وإعادة العلاقات مع سوريا المجاورة.

ويبدو أن كليجدار أوغلو يستشعر بوادر السخط السائد في المجتمع التركي، ولذلك حاول هذا الموظف الحكومي السابق أن يخوض حملة شاملة تتجاهل الهجمات الشخصية التي شنها أردوغان وتركز على التعهد بإعادة تعزيز النظام الاقتصادي والحريات المدنية.

كما أحاط نفسه بخبراء اقتصاديين يثق بهم المستثمرون الغربيون وبعض حلفاء أدوغان السابقين الذين يمكن أن يساعدوا في جذب أصوات الناخبين القوميين.

أوراق أخرى تلوح بها المعارضة وهي الأكراد، حيث تعهد كليجدار أوغلو بحقوق أكبر تحميهم من التهميش الذي يرون أنه لحقهم في عهد أردوغان.

أما خارجيا، فتحاول المعارضة الاستفادة من ابتعاد تركيا في عهد أردوغان عن أوروبا، وهذا ما أكده أحمد اونال تشفيكوز، المستشار الخاص لخصم أردوغان، بالقول لوكالة فرانس برس إن “غالبية مشاكلنا مع الاتحاد الاوروبي ناجمة عن نقص الديمقراطية في تركيا”.

ودعي 64 مليونا و113 ألفا و941 ناخبا، بينهم 60 مليونا و697 ألفا و843 شخصا داخل تركيا، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة هذا الأحد، فيما جرى التصويت بالخارج في وقت سابق.

ورغم أن 3 مرشحين يخوضون السباق الرئاسي بعد انسحاب إنجه، إلا أن المنافسة تنحصر بين أردوغان مرشح تحالف “الشعب” الحاكم، وكمال كليجدار أوغلو مرشح تحالف “الأمة” المعارض.

اسمان يختزلان ما سلف من زمن تركيا وما سيأتي، وما بينهما أيضا.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى