بين المعابر: عائدون من لبنان يواجهون تحديات السلطات المتصارعة في سوريا


أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن سيدة توفيت بسبب تدهور وضعها الصحي بعد منعها من عبور معبر عون الدادات، الذي يفصل بين مناطق سيطرة قوات مجلس منبج العسكري ومناطق سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريف حلب، حيث يعاني العائدون من لبنان من تعقيدات عديدة تحول دون دخولهم مناطق المعارضة لأيام طويلة، فيما تتراشق الأطراف المختلفة الاتهامات حول أسباب أزمة المعبر.

وبدأت عائلات موجودة عند معبر عون الدادات بالدخول إلى مناطق ريف حلب الخاضعة لنفوذ “الحكومة المؤقتة” بعد رحلة طويلة بدأت من مختلف مناطق لبنان مرورًا بمناطق سيطرة النظام وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وأيام من إغلاق المعبر.

وذكر المرصد أنه بتوجيهات مباشرة من الاستخبارات التركية تمنع الشرطة العسكرية، عبور المدنيين نحو ريف حلب الشمالي، مبررة ذلك بمخاوف من تسلل خلايا قد تنفذ هجمات في مناطق سيطرة القوات التركية رغم أن مئات المدنيين يعانون من أوضاع إنسانية متدهورة نتيجة هذا المنع. وتم تحويل 8 حالات طبية حرجة إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وكانت حكومة الائتلاف المؤقتة قد ذكرت، في بيان نُشر على موقعها الرسمي الاثنين، أن المعبر مغلق حتى إشعار آخر، مبررة قرارها أنه نتيجة الأوضاع الأمنية في المنطقة، وما وصفته بـ”التصرفات غير الأخلاقية” في ساحة عون الدادات، من قبل عناصر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، “تجاه القادمين من مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة النظام السوري“، دون أن يتطرق البيان لتفاصيل هذه التصرفات.

ونفى مسؤول كردي بارز إغلاق المعبر من طرف “الإدارة الذاتية”، قائلا أن مناطقها ومعابرها مفتوحة أمام حركة الراغبين بالعودة لمناطقهم الأصلية؛ ووصلت سيارات إسعاف “الدفاع المدني” السوري إلى ساحة المعبر، ونقلت عدداً من الحالات الإنسانية، بينهم مرضى وكبار السن قادمين من لبنان.

يأتي ذلك في ظل استمرار منع المدنيين من عبور معبر عون الدادات وتدهور الأوضاع الإنسانية، الأمر الذي يتسبب بمعاناة سكان ريف حلب الشمالي، حيث يواجه المئات ظروفاً قاسية دون حلول تلوح في الأفق، مما يزيد في الحاجة إلى تدخلات عاجلة لرفع القيود وتخفيف المعاناة الإنسانية المتزايدة.

ووفقا لـ”وحدة إدارة مخاطر الكوارث” التابعة للحكومة اللبنانية عَبر أكثر من 400 ألف شخص من لبنان إلى سوريا، غالبيتهم سوريون، في غضون أسبوعين، أي منذ أن كثفت إسرائيل غاراتها على مناطق مختلفة في لبنان.

وأوضحت الوحدة في تقرير لها الاثنين، أنه منذ تاريخ 23 سبتمبر/أيلول لغاية الخامس من أكتوبر سجّل الأمن العام عبور أكثر من 300 ألف سوري.

ويختار هؤلاء بعد اجتيازهم الحدود وجهات متفرقة، وبينما يفضل البعض منهم البقاء في مناطق سيطرة الحكومة السورية يقرر آخرون الذهاب إلى قراهم وبلداتهم الأصلية في شمال وشرق سوريا وشمال وغربي البلاد، وهو ما تؤكده إعلانات رسمية.

ومع ذلك، لا تبدو عملية الانتقال من منطقة نفوذ إلى أخرى في سوريا بالأمر السهل بناء على الحدود المرسومة بين كل من مناطق النظام والأكراد في شمال شرقي البلاد وفصائل المعارضة، حيث تسيطر في ريف محافظة حلب وإدلب.

وقال المرصد السوري إن حواجز قوات النظام السوري واصلت خلال الأيام الماضية تضييق الخناق وابتزاز السوريين العائدين من لبنان ماليا، حيث تفرض رسوما تصل إلى 200 ألف ليرة سورية على كل حافلة تقلهم.

وتفرض أيضا نفس المبلغ عن كل شخص مطلوب للخدمة العسكرية، كما يتعرض كل من يرفض الدفع للاعتقال، وفق ما أكده مواطن من مدينة الرقة أجبر على دفع مبلغ قدره 3 ملايين ليرة سورية لعناصر حاجز “الفرقة الرابعة” للعودة إلى منطقته، بحسب المرصد.

ولا تعتبر المعابر الداخلية التي تفصل بين أطراف النفوذ في سوريا جديدة على مشهد البلاد الممزقة، وكانت قد ارتسمت معالمها بعدما استقرت العمليات العسكرية على الأرض.

وعلى مدى السنوات الماضية كان الكثير من السوريين المتوزعين في مناطق النفوذ المتناحرة اضطروا لقطع مسافات طويلة ودفع إتاوات على الطرقات والمعابر الداخلية، لقاء وصولهم إلى وجهتهم أو طلبا للعلاج.

Exit mobile version