صحة

بين الرشاقة والقلق الغذائي.. هل يدفعنا الصيام المتقطع نحو اضطرابات الأكل؟


حوّل الصيام المتقطع إلى ظاهرة واسعة الانتشار عبر “تيك توك”، حيث يروّج له المؤثّرون كخطة “نمط حياة” بدلًا من كونه حمية.

ويشمل هذا النظام أساليب مثل 16:8 (الصيام 16 ساعة وتناول الطعام خلال 8 ساعات)، أو 5:2 (تناول الطعام 5 أيام والصيام يومان).

ويُقال إنه يحدّ من الأكل الليلي، ويخفف الالتهابات، ويقلّل خطر الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب، بل ويساعد على خسارة الوزن.

لكن وفقا لاختصاصيّة التغذية بيكي مهر، مديرة قسم التغذية الخارجية في مركز “رينفرو” لعلاج اضطرابات الأكل، فإن الصيام المتقطّع قد يُخفي سلوكا غذائيّا مضطربا. وتقول: “غالبا ما يُستخدم كغطاء اجتماعي مقبول لسلوكيات الأكل القهرية، خصوصا لدى من لديهم تاريخ مع اضطرابات الأكل”.

وتضيف مهر أن تجاهل إشارات الجوع والالتزام الصارم بمواعيد الأكل، يمكن أن يعزز سلوكيات مَرَضيّة، لا سيّما عندما يُقابل بفخر أو مديح على “الانضباط” أو خسارة الوزن.

وبدورها، تحذّر الطبيبة آن ماري أوميليا، مديرة الجودة في مركز التعافي من اضطرابات الأكل، من أن “أي شكل من أشكال تقييد السعرات أو الالتزام بقواعد صارمة، ومنها الصيام المتقطّع، يزيد من خطر الإصابة باضطرابات الأكل، خصوصا لدى من لديهم عوامل وراثية أو بيئية”.

وتشير دراسات حديثة إلى أن نساءً شابّات اتّبعن الصيام المتقطّع ظهرت لديهن أعراض مثل الأكل القهري، والقيء، واستخدام المليّنات، والإفراط في الرياضة، وغيرها من السلوكيات المَرَضيّة.

وما يميّز هذا النمط، بحسب مهر، هو أنه قد يتحوّل إلى “واجب” وليس خيارا؛ ما يؤدي إلى فقدان القدرة على الاستمتاع بالحياة. أما أوميليا فتشدّد على ضرورة تجنّب هذا النمط الغذائي من قِبل أي شخص لديه تاريخ شخصي أو عائلي مع اضطرابات الأكل، أو القلق، أو الاكتئاب، أو الصدمات النفسية، أو علاقة هشّة مع الطعام.

وبدلًا من الصيام المتقطّع، تنصح الخبيرتان باللجوء إلى “الأكل الحدسي”، أي الاستماع إلى إشارات الجوع والشبع، وتناول طعام متنوّع دون تأنيب، وممارسة حركة جسدية مفرحة، والنوم الكافي، واحترام تنوّع الأجسام.

وتختم مهر بالقول: “الجسم البشري لا يُدار بقواعد صارمة.. بل يحتاج إلى الرأفة لا العقاب. الطعام ليس وقودا فحسب، بل هو فرح وارتباط وثقافة وراحة”.

أصبح الصيام المتقطع من الأنظمة الغذائية الشائعة التي يُعتقد أنها تقدم فوائد صحية متعددة، لا سيما لصحة القلب.

وفيما تشير دراسات علمية إلى دوره في تحسين مؤشرات صحة القلب، تثار تساؤلات حول تأثيره طويل الأمد والمخاطر المحتملة المرتبطة به.  

وأظهرت أبحاث أن الصيام المتقطع قد يقلل مخاطر الإصابة بأمراض القلب عبر فقدان الوزن وتحسين حساسية الأنسولين، مما يحد من خطر السكري من النوع الثاني.

كما يساهم في خفض مستويات السكر في الدم، وتقليل الالتهابات المرتبطة بتصلب الشرايين، وتحسين مستويات الكوليسترول، إضافة إلى خفض ضغط الدم، مما يقلل العبء على القلب والشرايين.

وعلى الرغم من هذه الفوائد، أشارت دراسة قُدمت في مؤتمر جمعية القلب الأمريكية لعام 2024 إلى أن الأشخاص الذين يحدّون تناول الطعام إلى ثماني ساعات أو أقل يوميًا قد يكونون أكثر عرضة للوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية.  

إلا أن هذه النتائج تحتاج إلى مزيد من البحث، إذ لم تأخذ الدراسة في الاعتبار عوامل مهمة مثل نوعية الغذاء، ومستوى النشاط البدني، وعادات النوم، والتوتر، مما قد يؤثر على دقة النتائج.  

رغم الفوائد المحتملة للصيام المتقطع، إلا أنه قد لا يكون مناسبًا لبعض الفئات، مثل الحوامل والمرضعات، والأشخاص الذين لديهم تاريخ من اضطرابات الأكل، ومرضى السكري أو من يعانون من انخفاض متكرر في سكر الدم.

يجب على من يعانون من انخفاض ضغط الدم أو سوء التغذية، أو يشعرون بالإرهاق الشديد والدوار عند الصيام، توخي الحذر واستشارة مختص قبل اتباع هذا النظام.

ولضمان تحقيق أقصى فائدة من الصيام المتقطع لصحة القلب، يُنصح باتباع الإرشادات التالية:  

  • اختيار النمط المناسب.
  • التركيز على الغذاء الصحي.
  • شرب كميات كافية من الماء.
  • ممارسة النشاط البدني المنتظم.
  • استشارة مختص صحي.  

يستعين الكثيرون بما يُعرف بنمط “الصيام المتقطع” كوسيلة لإنقاص الوزن الذي يعمل على مبدأ التناوب بين فترات الأكل والصيام، والذي يعد آمنا وفقا للأبحاث ويقدم فوائد صحية.

وعلى الرغم من الفوائد الذي يقدمه الصيام المتقطع إلا أن هناك تحذيرات عديدة بشأنه؛ إذ حذر الخبراء من أن الصيام المتقطع قد يكون محفوفاً بالمخاطر بالنسبة لبعض الأشخاص.

وربطت دراسة جديدة وفقا لموقع “ساينس إليرت” بين الصيام المتقطع وتباطؤ نمو الشعر لدى الفئران، وقد يحدث تأثير مماثل لدى البشر، استنادا إلى تجربة سريرية صغيرة أجراها المؤلفون.

يقول المؤلف الرئيس بينج تشانغ، وهو عالم أحياء متخصص في الخلايا الجذعية بجامعة ويستليك في تشجيانغ بالصين، إن هذه الأخبار لا ينبغي أن تحجب الفوائد المحتملة للصيام المتقطع، لكنها تذكرنا بكمية المعلومات التي لا نزال نجهلها، وكيف يمكن أن تأتي أي فوائد صحية مع آثار جانبية مفاجئة.

وبين تشانغ “في أثناء الصيام، تبدأ الأنسجة الدهنية في إطلاق الأحماض الدهنية الحرة، وتدخل هذه الأحماض الدهنية إلى الخلايا الجذعية ذات السلاسل الدهنيات عالية الكثافة التي تم تنشيطها مؤخرا، ولكن هذه الخلايا الجذعية لا تملك الآلية المناسبة لاستخدامها”.

وتشير الدراسات السابقة إلى أن الصيام المتقطع يمكن أن يعزز مقاومة الإجهاد لبعض الخلايا الجذعية، كما يوضح تشانج وزملاؤه، بما في ذلك تلك المرتبطة بأنسجة الدم والأمعاء والعضل . 

واعتقد الباحثون أن الصيام قد يساعد أيضا في تجديد تلك الأنسجة، لذا قرروا التحقيق، فوضعوا الفئران المحلوقة في واحدة من مجموعتين من الصيام المتقطع، أو في مجموعة مراقبة مع إمكانية الوصول غير المحدودة للطعام، ثم راقبوا إعادة نمو شعر كل مجموعة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى