بـ’لوك’ جديد لمرحلة جديدة.. الحريري يعود إلى بيروت
استهل رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري عودته إلى بيروت بلقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالمقر الحكومي، بالتزامن مع الذكرى السنوية التاسعة لاغتيال والده، التي حملت رمزية هذا العام تحديدا مع المطالبات بعودته إلى الساحة السياسية لشكيل حكومة إنقاذ في بلد يسير نحو الهاوية، إذ بدت آمال اللبنانيين معلقة عليه في ظل انسداد الأفق أمامهم على كافة الأصعدة.
وعاد الحريري بـ”لوك” جديد، وسط تساؤلات عنا اذا كان هذا التغير في الملاح سيحمل معه أيضا تغيرا سياسيا بعد أن انكفأ الرجل لفترة طويلة منذ انهيار كل محاولات تشكيل الحكومة في عهد الرئيس اللبناني السابق ميشال عون وبعد تراجع أيضا في شعبية الحريري وحزبه واخفاقات وأزمات مالية، بينما تقول مصادر إن تراجع الدعم السعودي لرئيس الحكومة اللبنانية الأسبق كان من بين الأسباب الرئيسية لانكفائه.
وقبل أيام على عودة الحريري لإحياء ذكرى والده رُفعت صور ولافتات تأييد وترحيب به في العديد من المناطق اللبنانية وخصوصاً في الطريق الجديدة وصيدا والبقاع وطرابلس وعكار تعبّر عن رغبة في عودته للمشهد السياسي، مع تحضير جمهور تيار المستقبل للاحتشاد في ساحة الشهداء الأربعاء المقبل في 14 شباط/فبراير لتوجيه رسالة إلى الحريري بضرورة التوقف عن تعليق العمل السياسي والبقاء في لبنان لتصحيح الخلل في التوازن الوطني وملء الفراغ في الساحة السنية.
وواكب جمهور “تيّار المستقبل” بزخم زيارة الحريري الى بيروت على مواقع التواصل الاجتماعي وتفاصيل اطلالته الأولى من السراي الحكومي. وتصدر هاشتاغ سعد الحريري قائمة الأكثر تداولا في لبنان وسط الكثير من التعليقات والتساؤلات. البعض عبروا عن أملهم في ان يترافق هذا التغيير المظهري مع تغيير سياسي في البلد. حيث تثير أبعاد وأهداف هذه الزيارة الكثير من الجدل والنقاش إلا أن كل كلمة تُقال عنها وعن مفاعيلها تبقى في إطار التحليل والأمنيات. إذ لم تصدر كلمة واحدة عن الحريري بعد.
#سعد_الحريري متغير … مثل هالبلد ما تغيرت.
سعد في #لبنان … و ان شاء الله يجي معه السعد.
14 شباط موعدنا#ناطرينك#لبنان_للبنانيين #ماجدة_الرومي #بيروت pic.twitter.com/yfI9mtNvn6— Fadi Raslan (@fadiraslan88) February 13, 2024
هيدا الحب مين في يشتريه
فرحتي بفرحتين بعودة الامل بعودة رئيسنا
وبفرحة المحبين والاوفياء والمخلصين
احلى جمهور واوفى جمهور
نور لبنان #سعد_الحريري https://t.co/mcEMHX8Az9— Lina Taha (@LinaTaha18) February 11, 2024
ومن المقرر أن يشارك الحريري الأربعاء. في احتفال سيكون بشكل أساسي عبر تجمع شعبي كبير لمناصري “تيار المستقبل” أمام ضريح الحريري الأب في وسط بيروت. فيما أطلق مناصرو سعد الحريري “النفير” في المناطق منذ أكثر من أسبوع بغرض التجمع في المناسبة المذكورة تحت عنوان “تعوا ننزل تيرجع”. بهدف دفع الحريري باتجاه العودة إلى العمل السياسي”.
ويجتمع الحريري مع شخصيات ومرجعات لبنانية خلال وجوده في بيروت. مع أن جدول لقاءاته لم يعلن وكذلك مدة بقائه في لبنان.لكن العديد من الأطراف السياسية ترى في عودته فرصة للخروج من حالة الجمود التي سيطرت على لبنان خلال السنوات الأخيرة، مطالبين إياه بالعودة عن قراره. ففشل الحكومات المتعاقبة في إدارة الأزمات المتلاحقة. دفع العديد من اللبنانيين إلى التطلع إلى عودة زعيم يتمتع بخبرة واسعة وعلاقات دولية قوية لإعادة البلاد إلى مسارها الصحيح.
وتبقى استقبالات واتصالات وزيارات الحريري محط أنظار. خصوصا مضمون الكلمة التي سيلقيها في الذكرى 19 لاغتيال والده. إذ من شأن ذلك أن يرسم خارطة تحركه في المرحلة المقبلة.
وكان الحريري علق في 24 يناير 2022، عمله في الحياة السياسية، داعيا “تيار المستقبل” للقيام بالخطوة نفسها وعدم الترشح للانتخابات، معللا قراره باقتناعه بأن “لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة”.
وشكل اعتزال الحريري، الذي يعد حدثاً نادرا في المشهد السياسي اللبناني فراغا سياسيا داخل الطائفة السنية بعد خروجه من المشهد، وأثر هذا الخروج على التركيبة الحاكمة في لبنان. ومنذ انسحابه عام 2022، تدهورت الأوضاع الاقتصادية بصورة دراماتيكية، ولم تفلح أي من القوى السياسية الأخرى في سدّ الفراغ الذي خلّفه.
وفاقمت الأزمة الاقتصادية من حالة اليأس السياسي، في ظل انهيار العملة الوطنية. وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. وانهيار القطاع المصرفي، وتفاقم الأزمات الخدماتية، وغياب الدعم الدولي. وعلى الرغم من خطورة هذه الأزمة، لم تبدِ القوى السياسية اللبنانية أي جدية في معالجتها ولم تتخذ خطوات ملموسة لوقف الانهيار الاقتصادي، الأمر الذي بات يُهدد مستقبل لبنان. تاركاً اللبنانيين في ضبابية من الخوف واليأس.
لذلك تعتبر عودة الحريري بارقة أمل للبنانيين. باعتباره الشخصية المحورية في المعادلة السياسية اللبنانية والداعم الأساس للاقتصاد. فقد لعب دوراً محورياً في جذب الاستثمارات إلى لبنان خلال سنوات حكمه السابقة.
ورأى الوزير السابق طلال المرعبي في بيان أنه “عشية الذكرى الـ 19 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، نقف من جديد امام جريمة العصر هذه الذكرى الاليمة والموجعة في تاريخ لبنان”. وأضاف “في هذه الذكرى نتطلع اليوم الى دولة الرئيس سعد الحريري مكمل المسيرة. معولين عليه العودة الى وطنه والمشاركة في نهوض لبنان من جديد”.
من جهتها، أصدرت جمعية “تجار لبنان الشمالي” بيانا الاثنين. قالت فيه إن الوضع في لبنان يتطلب بشكل ملحّ إنشاء حكومة إنقاذ تتمتع بالثقة، الكفاءة، والشرعية. قادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة والتعامل مع المجتمع الدولي للحصول على الدعم المالي والإنساني لمواجهة الأزمات المتفاقمة.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام إن الجمعية رحبت بعودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان. معتبرة إياه شخصية وطنية محترمة وموثوقة. تمتلك الخبرة والرؤية والقدرة على قيادة البلاد في هذه المرحلة الحرجة، وتعكس تطلعات الشعب اللبناني وتحظى بالدعم العربي والدولي.
وطالبت الجميع بالتعاون مع الحريري وكذلك تسهيل مهمته للبقاء في لبنان ودعمه لتشكيل حكومة إنقاذية، دون وضع شروط أو عراقيل تعيق هذه العملية الحيوية. داعية القوى السياسية إلى تحمل مسؤولياتها والتخلي عن المناكفات والمصالح الضيقة. والالتزام بمبدأ الحوار من أجل مصلحة لبنان.
وأعربت عن تضامنها مع الحريري في جهوده لإنقاذ لبنان من الانهيار. كما أعلنت استعدادها للمشاركة في أي خطة وطنية شاملة تهدف إلى إعادة الاستقرار والنمو والتنمية إلى لبنان. مشددة على أهمية حماية حقوق ومصالح القطاعات المنتجة والعاملة في البلاد.