سياسة

بعد 12 سنة.. سوريا تعود إلى الجامعة العربية


اتفق وزراء الخارجية العرب، في اجتماعهم التشاوري الذي عقد بالقاهرة، اليوم الأحد، برئاسة وزير الخارجية المصري سامح شكري، على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، واستئناف مشاركة وفودها في اجتماعات الجامعة اعتباراً من اليوم.  وفق بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية، نقلا عن المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف الذي قال إن “اجتماع وزراء الخارجية العرب وافق على عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية”، مضيفا أن “دبلوماسيّة الحوار ومساعي التكامل العربي التي تبنّاها العراق كان لها جهد حقيقي في عودة سوريّا للجامعة العربية”.

وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط إن الرئيس السوري بشار الأسد يمكنه المشاركة في قمة الجامعة هذا الشهر “إذا ما رغب”.

وردا على سؤال حول إمكانية مشاركة الأسد في القمة المقرر عقدها في السعودية، قال أبو الغيط في مؤتمر صحفي في القاهرة “إذا ما رغب… سوريا ابتداء من مساء اليوم هي عضو كامل العضوية في الجامعة العربية ومن صباح الغد لهم الحق في شغل أي مقعد يشاركون فيه”. مضيفا “عندما توجه الدعوة من قبل دولة الضيافة المملكة العربية السعودية، وإذا رغب أن يشارك فسوف يشارك”.

كما أكد متحدث باسم جامعة الدول العربية بأن اجتماع وزراء الخارجية العرب قرر عودة سوريا لشغل مقعدها الدائم في المنظمة بعد سنوات من استبعادها جراء الحرب الدامية في البلد الممزق.

لكن قطر المعارضة الصريحة للرئيس السوري بشار الأسد أكدت الأحد أنها لن تطبّع العلاقات مع حكومة دمشق رغم قرار استئناف مشاركة وفودها في اجتماعات جامعة الدول العربية.

وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد بن محمد الأنصاري إن موقف بلاده من “التطبيع مع النظام السوري لم يتغير”. مضيفا في تصريح لوكالة الأنباء القطرية (قنا) أن حكومته لن تكون “عائقا” أمام الخطوة التي اتخذتها الجامعة العربية، لكن أي تطبيع للعلاقات بين الدوحة ودمشق “يرتبط في المقام الأول بالتقدم في الحل السياسي الذي يحقق تطلعات الشعب السوري”.

وتابع الأنصاري أن نظام الرئيس بشار الأسد يجب أن يقوم بـ”معالجة جذور الأزمة التي أدت إلى مقاطعته وأن يعمل على اتخاذ خطوات إيجابية تجاه معالجة قضايا الشعب السوري”.

وقبل الإعلان الرسمي كشف مسؤولون بالجامعة العربية، في وقت سابق الأحد، عن إشارات إيجابية بشأن استئناف عودة سوريا إلى الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها.

ويعتقد محللون أن عودة سوريا ستعزز من مناخ الاستقرار في المنطقة، وأن جميع الدول العربية عليها التناغم مع فكرة أنه لا حل للأزمة في سوريا من دون وجود بشار الأسد كرئيس في دمشق.

وأكد وزير الخارجية المصري، خلال افتتاح اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم الأحد، أن حل الأزمة السورية لن يكون عسكريا والسبيل الوحيد للتسوية هو الحل السياسي بملكية سورية خالصة دون إملاءات خارجية.

وتابع “أثبتت جميع مراحل الأزمة السورية أنه لا حل عسكريا لها وأنه لا غالب ولا مغلوب في هذا الصراع”.

وأضاف “إننا على اقتناع تام بأن السبيل الوحيد للتسوية هو الحل السياسي بملكية سورية خالصة دون إملاءات خارجية واستيفاء الإجراءات المرتبطة بتحقيق التواصل الوطني بين الأشقاء السوريين”.

ونوه شكري إلى أنه “لا شك أن انضمام الجمهورية العربية السورية إلى البيان الختامي لاجتماع عمان في الأول من مايو هو تطور إيجابي وخطوة مهمة على صعيد إثبات حسن النوايا وتنفيذ التعهدات وتعزيز التعاون العربي-العربي لحل الأزمة السورية”.

وكان اجتماع وزراء الخارجية العرب المغلق، قد انطلق صباح اليوم الأحد، برئاسة وزير الخارجية المصري، لبحث مشروع قرار بشأن عودة سوريا للجامعة العربية واستئناف مشاركتها في جميع اللجان.

وكان المتحدّث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، جمال رشدي، قد توقع في تصريحات سابقة صدور قرار بعودة سوريا إلى الجامعة العربية في اجتماع الأحد.

كما أكد مندوب الأردن الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير أمجد العضايلة، وجود “إشارات إيجابية إلى توافق متوقع على مشروع قرار لعودة سوريا إلى الجامعة العربية”، متوقعا أن “يتوافق وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم اليوم الأحد على قرار يتضمن استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة”، ومشيرا إلى أنه “لمس توافقا عربيا على أهمية إطلاق دور عربي ريادي لحل هذه الأزمة”.

يأتي ذلك، بعدما قدم العضايلة، خلال اجتماعات تحضيرية على مستوى المندوبين الدائمين عقدت السبت في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، إحاطة لمجلس الجامعة عن مجريات اجتماع عمان التشاوري بشأن سوريا، مشيرا إلى أن الأردن له دور ضليع في موضوع بحث الأزمة السورية، وكان رائدا في إطلاق دور عربي قيادي يفضي إلى حل هذه الأزمة ومناقشة الأمر في اجتماع عمان.

وقال العضايلة إن “الأمور تسير بشكل إيجابي والوزراء سيقرون الأحد مشروع القرار إن لم يكن هناك أي ملحوظات”، موضحا أن “العملية ستكون توافقية وليس على شكل تصويت”.

وتأتي هذه التصريحات في ظل توجه رسمي متزايد لدى دول عربية لإعادة سوريا إلى محيطها العربي، وإلى مقعدها في جامعة الدول العربية، الذي تم تجميده على خلفية الأزمة السورية التي بدأت في عام 2011.

وذكرت مصادر إعلامية، أن القرار المرتقب لوزراء الخارجية العرب، “سيؤكد ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج لحل الأزمة وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة”، مشيرة إلى أنه “تم تبليغ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، السبت، بمضمون مسودة القرار”.

ولفتت المصادر إلى أن “مسودة قرار الجامعة العربية تضمن تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا، ووحدة أراضيها، واستقرارها، وسلامتها الإقليمية، والتأكيد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا في الخروج من أزمتها، إضافة إلى التضامن التام مع الشعب السوري إزاء ما يواجهه من تحديات تطال أمنه واستقراره، وما يتعرض له من انتهاكات تهدد وجوده، وحياة المواطنين الأبرياء، ووحدة وسلامة الأراضي السورية”.

وكذلك تضمن “الترحيب بالجهود المبذولة من أجل تهيئة الظروف الملائمة لتحريك مسار التسوية السياسية الشاملة في سوريا، والحرص على تفعيل الدور العربي القيادي في جهود حل الأزمة السورية لمعالجة جميع تبعاتها”.

كما تضمنت المسودة “الترحيب بالبيانات العربية الصادرة عن اجتماعي جدة وعمان بشأن سوريا، والحرص على إطلاق دور عربي قيادي في جهود حل الأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها، والترحيب باستعداد دمشق للتعاون مع الدول وتنفيذ الالتزامات والتوافقات التي تم التوصل إليها في اجتماع عمّان واعتماد الآليات اللازمة لتفعيل الدور العربي.”

وعقدت الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، السبت، اجتماعا تحضيريا لاجتماعين وزاريين مقررين اليوم الأحد، لبحث ملف “عودة سوريا” لمقعدها المجمد منذ 2011، وتطورات السودان، وفق مصدرين رسميين.

والخميس، كشفت الخارجية المصرية في بيان أن اتصالات مصرية عربية أجريت للتشاور وتنسيق المواقف بشأن اجتماع الأحد المقرر لبحث الملفين السوداني والسوري، دون تفاصيل أكثر.

غير أن وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، نقلت تصريحا صحفيا صادرا عن “مصدر عربي مسؤول” لم تسمه، كشف أن اجتماع سوريا الأحد بمقر الجامعة العربية “سيبحث مسألة إعادة سوريا لشغل مقعدها”.

والأربعاء، قال أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، في مقابلة مع قناة “الشرق” السعودية، إن “مما أرصده من نشاطات واتصالات ومتابعات وزخم، فإن عودة سوريا (قبل القمة العربية بالرياض في 19 مايو) احتمال وارد جدا أن يحدث”.

وأوضح أن ذلك “يجب أن يحدث على مراحل، يبدأ باجتماع ونقاش ثم توافق (بين الدول الأعضاء)، وتقدم دعوة إلى سوريا، وتأتي وتشارك في أي اجتماع وزاري آخر، وتعود إلى كل الفعاليات”.

وأصبح الملف السوري في الآونة الأخيرة محور عدد من الاجتماعات، حيث عقدت محادثات إقليمية في عمان مطلع مايو الجاري، بمبادرة أردنية مع سوريا، وقد اعتبرها وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي”خطوة في الاتجاه الصحيح لإنهاء العزلة السياسية لسوريا وإعادة دمشق إلى الصف العربي”.

ومنتصف أبريل الماضي عُقد اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي في جدّة شاركت فيه أيضًا مصر والعراق والأردن للبحث في مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربيّة.

وعقب اجتماع جدّة بأيام زار وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان دمشق، في أول زيارة رسمية سعودية إلى سوريا منذ القطيعة بين الدولتين مع بدء النزاع في سوريا قبل 12 عاماً.

وكانت دول عربيّة عدّة على رأسها السعوديّة أغلقت سفاراتها وسحبت سفراءها من سوريا، احتجاجًا على تعامل النظام السوري عام 2011 مع “انتفاضة شعبيّة” تطوّرت إلى نزاع دامٍ دعمت خلاله السعوديّة وغيرها من الدول العربيّة فصائل المعارضة السوريّة.

وعلّقت جامعة الدول العربيّة عضويّة سوريا لديها في نوفمبر 2011.

لكن خلال السنتين الماضيتين تتالت مؤشّرات التقارب بين دمشق وعواصم عدّة، بينها أبوظبي التي أعادت علاقاتها الدبلوماسيّة، والرياض التي أجرت محادثات مع دمشق حول استئناف الخدمات القنصليّة بين البلدين.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى