بعد الهدنة.. الاشتباكات تتجدد في السودان
شهدت العاصمة السودانية الخرطوم اشتباكات وإطلاق نيران بالمدفعية، بعد وقت قصير من انتهاء وقف لإطلاق النار استمر 24 ساعة ساعد في هدنة قصيرة في القتال المستمر منذ ثمانية أسابيع. بينما تضاءلت آمال السودانيين في إنهاء الحرب الدائرة التي أعادت بلدهم سنوات إلى الوراء.
وقال شهود إن القتال استؤنف عقب انتهاء سريان وقف إطلاق النار في السادسة صباحا في شمال أم درمان التي تشكل إلى جانب الخرطوم. وبحري المجاورتين العاصمة المثلثة حول ملتقى نهر النيل.
وقال سكان إن قصفا مدفعيا وقع في منطقة شرق النيل في الضواحي الشرقية للعاصمة وعند جسر يربط بين أم درمان وبحري. كما وردت أنباء عن انفجارات واشتباكات في الخرطوم.
وأبلغ سكان ونشطاء عن مزيد من التدهور في الأيام القليلة الماضية في مدينة الجنينة، قرب الحدود مع تشاد وموجات جديدة من الهجمات تشنها قبائل عربية. وشهدت المدينة انقطاعا واسعا في الاتصالات لعدة أسابيع.
ومن بين المدن المتضررة الأخرى مدينة الأُبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان إلى الجنوب الغربي من الخرطوم وتقع على طريق رئيسي يؤدي إلى دارفور. ويقول السكان إنها تشهد فعليا حالة حصار بسبب الصراع مع انقطاع الإمدادات الغذائية والأدوية. وتعد منطقة كردفان منطقة زراعية مهمة ومصدرا للماشية والبذور الزيتية والصمغ العربي.
وعبر نحو 400 ألف من النازحين إلى البلدان المجاورة نصفهم تقريبا اتجه شمالا إلى مصر. وبدورها شددت مصر السبت إجراءات الدخول إلى أراضيها. وأصدرت قرارا جديدا يُلزم جميع السودانيين من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و50 عاما بالحصول على تأشيرة.
وحتى قبل تغيير القواعد، واجه آلاف السودانيين فترات انتظار طويلة عند الحدود في أثناء محاولتهم الحصول على تأشيرات.
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في 15 أبريل/نيسان بسبب توترات تتعلق بخطة مدعومة دوليا للانتقال إلى الحكم المدني.
وتسبب الصراع في نزوح أكثر من 1.9 مليون مما سبب أزمة إنسانية كبيرة وسط مخاوف من امتدادها في المنطقة المضطربة. ويتركز القتال في العاصمة التي تحول معظمها إلى ساحة قتال تعاني من النهب والاشتباكات.
كما اندلعت الاضطرابات في أنحاء أخرى مثل إقليم دارفور بغرب البلاد الذي عانى بالفعل من صراع بلغ ذروته قبل نحو 20 عاما.
وسبقت الهدنة الأخيرة سلسلة هدنات كانت تهدف إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية ومنح السكان فرصة لالتقاط الأنفاس من ضغوط القتال.
وتحاول الوساطة السعودية والأميركية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بما يمهد للعودة إلى طاولة المفاوضات لحل الخلافات بالحوار، بينما هدد الوسيطان بتأجيل المحادثات التي استمرت بشكل غير مباشر في الآونة الأخيرة في حال تواصل القتال.
ومنذ منتصف أبريل الماضي، تشهد الخرطوم ومدن أخرى اشتباكات بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). خلّفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة نزوح ولجوء جديدة في إحدى أفقر دول العالم.
وبين القائدين خلافات أبرزها بشأن المدى الزمني لتنفيذ دمج مقترح للدعم السريع في الجيش وهو بند رئيسي في اتفاق مأمول لإعادة السلطة في المرحلة الانتقالية إلى المدنيين، بعد إجراءات استثنائية فرضها البرهان، حين كان متحالفا مع حميدتي، في 2021.
ويعتبر الرافضون تلك الإجراءات “انقلابا عسكريا”. بينما قال البرهان إنها هدفت إلى تصحيح مسار المرحلة الانتقالية ووعد بتسليم السلطة إلى المدنيين عبر انتخابات أو توافق وطني وهو ما لم يحدث حتى الآن.