بريطانيا تستعجل الاعتراف بمغربية الصحراء
تجمع كل المؤشرات على أن بريطانيا تقترب أكثر من أي وقت مضى من الاعتراف بمغربية الصحراء، في وقت تتصاعد فيه الدعوات التي تحثّ الحكومة البريطانية على دعم مقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب لحلّ النزاع المفتعل، باعتباره الحلّ الأكثر واقعية وجدية وهو ما يفسر الإجماع شبه الدولي الذي يحظى به.
وأورد موقع “الصحيفة” المغربي تقريرا نشره المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة، الذي يتخذ من لندن مقرا له، دعا الحكومة البريطانية إلى إنهاء ترددها بشأن مغربية الصحراء والتعجيل بإعلان تأييد مقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية.
وأشار التقرير الذي أنجزه السير سيمون مايل، الضابط المتقاعد في الجيش البريطاني ومستشار وزارة الدفاع لقضايا الشرق الأوسط إلى أن “الوضع في الصحراء المغربية قد يبدو صراعا متجمدا آخر في عالم تتزايد فيه الأزمات”، مضيفا أنه “نوع من الصراعات يقاوم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والوسطاء الآخرون من أجل الوصول إلى حل وتقف وراءه جماعات مسلحة تسعى عادة لتحقيق أجندات خاصة بدعم من أطراف خارجية ما يؤدي إلى إفشال جهود التسوية وإلى معاناة إنسانية كبيرة، كما يساهم في خلق جو من عدم الاستقرار المتسم بالتطرف والإرهاب”.
وأوضح أن مقترح الحكم الذاتي الذي عرضه المغرب على الأمم المتحدة عام 2007 يشكل أساسا للمفاوضات ويمهّد الطريق للرخاء المشترك عبر كل منطقة شمال إفريقيا، مشددا على أن “المبادرة المغربية لحل النزاع المفتعل هي الخطة الوحيدة التي تتسم بالمصداقية”، لافتا إلى أنها “ترتكز على الالتزام بمستقبل سياسي واقتصادي واعد للسكان مع احترام سيادة القانون والإجراءات الديمقراطية والتنمية المستدامة”.
وأشار إلى أن المغرب أظهر التزاما تجاه الصحراء المغربية خلال العقود الماضية، لافتا إلى برنامج تنمية الأقاليم الجنوبية الذي أرسى دعائمه العاهل المغربي الملك محمد السادس، فيما تحوّلت المنطقة التي تشهد طفرة تنموية اقتصادية واجتماعية إلى جاذبة للاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات.
وكشف التقرير أنه “مقابل كل جنيه إسترليني يتم تحصيله من الضرائب في الصحراء المغربية تحصل المنطقة على 7 جنيهات إسترلينية، ما يجعلها من بين أكثر المناطق تطورا في المملكة، وهو ما يفسر مشاركة نحو 66 في المائة من السكان في انتخابات 2021 العامة ويؤشر على اندماجهم الناجح”، وفق المصدر نفسه.
وتابع أن “الحلفاء التقليديين للمملكة المتحدة بما في ذلك ألمانيا وإسبانيا وهولندا والولايات المتحدة أعربوا عن دعمهم لخطة الحكم الذاتي المغربية، على اعتبار أنها أفضل وسيلة لتحقيق السلام والازدهار للسكان وإنهاء النزاع”، مضيفا أن “أغلبية الدول العربية والعديد من دول إفريقيا ومنطقة الكاريبي اتخذت الموقف نفسه ومنها بلدان فتحت قنصليات لها في الأقاليم الجنوبية بينما الذين يعارضون الحكم الذاتي لم يقدموا أي بديل موثوق، أما المحايدون فيوظفون هذه القضية كجزء من أجندات إقليمية أوسع”.
وبلغ عدد الدول التي افتتحت قنصليات في الصحراء المغربية 29 دولية تتوزع بين 17 قنصلية في مدينة الداخلة و12 قنصلية في مدينة العيون، فيما ينتظر أن يشهد العام الجديد افتتاح تمثيليات دبلوماسية أخرى مع تتالي الاعترافات بمغربية الصحراء.
وأشار إلى “قتامة الوضع في مخيمات تندوف الحدودية في الجزائر” واصفا إياه بـ”غير إنساني” و”خطير”، مضيفا أن “100 ألف من الصحراويين يعانون من ظروف مزرية ومحرومون من المستقبل وعاجزون عن إحداث التغيير”، في حين أن جبهة بوليساريو الانفصالية التي تدير المخيمات تعتمد بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية الدولية.
ويعيش قادة البوليساريو حالة بذخ ورفاه كبير في الجزائر، بينما يعاني الصحراويون في مخيمات تندوف البؤس والخصاصة ولا يصلهم من المساعدات سوى الشيء القليل.
وشدد التقرير على أن الحل الوحيد للنزاع المفتعل يكمن في تنفيذ خطة الحكم الذاتي المغربية، لافتا إلى أنها “توفر آفاق العمل والازدهار، عوض البدائل الأخرى التي تتراوح بين الركود والعودة إلى العنف والتي لا تقدم أي شيء للصحراويين وتُشكل في الوقت نفسه خطرا جسيما على الأمن والاستقرار”.
وحذر من أن “هذا الخطر يهدد المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل وفي نهاية المطاف يمثل تهديدا للمنطقة الأورومتوسطية برمتها”، مشيرا إلى أن “التهديد يتفاقم ويتسارع بفعل النفوذ الإيراني والأنشطة الخبيثة لفيلق القدس ولوكلاء طهران وخصوصا حزب الله“، منبها إلى أن “العلاقات بين إيران والجماعة اللبنانية والبوليساريو تتغذى على هذا التهديد الأمني”.
وسلط التقرير الضوء على الشراكة بين المغرب وبريطانيا والتوافق بينهما في القضايا العسكرية والطاقة والأمن الغذائي، مشيرا إلى أنه من شأن إنهاء لندن ترددها بشأن الاعتراف بمغربية الصحراء أن يعطي دفعة قوية للتعاون بين البلدين.