صحة

بدأ العد التنازلي ولكن ماذا بعد كورونا؟


بدأ العد التنازلي لكوفيد – 19. مارغريت كينان بريطانية الجنسية ستبلغ بعد أيام الـ91 من عمرها هي أول شخص في العالم يتم تطعيمه بلقاح فايزر خارج عالم المختبرات.
هل علينا أن ننزع أقنعة الوجه ونسرع لاحتضان بعضنا البعض وتعويض ما فاتنا من قبلات؟ هل سنكف عن غسل أيدينا بين حين وآخر، لا سعيا وراء النظافة بل تخلصا من كائنات غير مرئية قد تكون علقت بهما؟ هل سنستعيد جلساتنا، الكتف إلى الكتف واليد تصفق اليد في لحظة المرح؟
بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا يقول “لا عودة إلى ما كنا عليه قبل أن يحل كوفيد – 19. يجب عدم الاسترخاء” فالعدو لا يزال قويا وأسلحته لا تزال قاتلة. سنتعايش معه إلى زمن غير معلوم.

السياسيون صاروا خبراء صحة بعد أن تراجع الاهتمام باستعراضاتهم التي يؤدي بعضها إلى الموت هو الآخر. صارت أخبار الوباء أو ما سمي بالجائحة تتصدر كل الأخبار. حتى أن بعض الناس تخصص في معرفة أعداد المصابين في كل بلد وأيضا عدد الموتى. وكان الماراثون على أشده ويتزايد عدد المهزومين قبل الوصول إلى خط النهاية غير المحدد بينما ظل البعض مصرا على التزام الموقف الرافض للتصديق.
لقد حضرت نظرية المؤامرة بقوة. انقسم المروجون لها بين فرق عدة. بعضهم لم يكن مقتنعا بوجود الوباء أصلا. فالأخبار بالنسبة إليه كلها شائعات والمستشفيات فارغة، أما القصد المبيت فإنه يكمن في إجراء تمارين من أجل تدجين المجتمع والتحكم بمؤسساته بدءا من العائلة التي جرى تفكيك أوصالها بعد أن تمت إشاعة الخوف المتبادل بين أفرادها.
أما البعض الآخر فقد ذهب إلى أن نشر الفايروس ينطوي على خطة جهنمية كان الهدف منها التخلص مما يمكن التخلص منه من البشر الفائضين وبالأخص كبار السن والمرضى بعد أن أصبح عدد الساكنين على سطح الكرة الأرضية يدعو إلى القلق بسبب كثرته.
لم تكن الحروب وسيلة كافية للقيام بتلك المهمة ولا الكوارث الطبيعية كانت هي الأخرى وسيلة مقنعة. لذلك تم اللجوء إلى ذلك الفايروس المصنع ليفتك بالبشرية وهو أعمى.
كل ذلك من الأقاويل لا يمكن الاعتداد به أمام ما كان العلماء يقولونه. وبين المرتابين والعلماء مرت سنة 2020 برقمها السحري الجميل ثقيلة وكئيبة بل كانت بالنسبة إلى الكثيرين سنة ميتة لا تُحسب من العمر.
ما خسرته الشركات في تلك السنة هو أكبر بكثير مما خسره الأفراد مجتمعين حول الأرض. ذلك ما تقوله الأرقام في الواقع، أما ما تقوله الحقيقة ينص على أن خسارة فرد واحد لعمله ولدخله ولمستوى معيشته تعادل بالنسبة إلى ذلك الشخص خسارة كل الشركات الكبرى.
ولكن مهلا. لقد انهارت مؤسسات كبرى وانتهت دول إلى الاستجداء حتى الدول الثرية صارت تعاني من نقص في تمويل ميزانياتها وتخلت دول كثيرة عن مشاريع أدركت أنها لن تستطيع تمويلها. ما حدث كان ضربة عاصفة للاقتصاد العالمي برمته. أثر الوباء على كل شيء وخلخله إلا الحروب فإنها ظلت محافظة على شدتها كما لو أنها تقع خارج الكرة الأرضية.
الحروب تقع في مكان آخر. ذلك المكان الذي يتوزع بين ليبيا واليمن وسوريا وكان رعاته يقيمون في إيران والعراق وتركيا لم يكن في حاجة إلى أن يستضيف خوفا جديدا. ما فيه يكفيه.
كان العالم كله يفكر في كيفية الوقوف صفا واحدا في وجه الموت فيما كان رعاة الخراب وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات والميليشيات الشيعية التابعة لإيران ومثلها الأعلى حزب الله اللبناني يفكرون في كيفية الوصول إلى أسباب مبتكرة للموت الجماعي. وكان الانفجار العظيم الذي شهده ميناء بيروت واحدة من تلك الوسائل المبتكرة التي استحق حزب الله بسببها ثناء خاصا.
لقد تفوق ذلك الانفجار على كوفيد – 19 من جهة ما انطوى عليه من خسة ونذالة وانحدار أخلاقي وكراهية لكل معاني الحياة.

كانت إيران واحدة من أكثر المناطق ابتلاء بالوباء ولم تبخل كعادتها في تصدير أسوأ ما لديها إلى جيرانها. فكان نصيب العراق وسوريا ودول الخليج كبيرا بسبب العائدين من إيران. غير أن إيران كانت في الوقت نفسه تسابق الزمن من أجل الحصول على سلاح نووي وهي في الطريق إلى ذلك السلاح أنفقت أموالا هائلة على برنامج الصواريخ الباليستية.

كان الإيرانيون يسقطون في الشوارع بسبب الإصابة بمرض كورونا فيما كان الحرس الثوري يستعرض آخر إنجازاته على مستوى السلاح الصاروخي.

الآن يستيقظ العالم من سبات 2020 وقد كان ثقيلا ومن المؤكد أنه سيعيد النظر في مختلف آليات عمله فالبعض منها أثبت فشله في مواجهة الأزمات العظيمة.

ولكن ألا يجب عليه أن يعيد النظر في وجود رعاة الحروب الذين كشفوا عن انقطاع صلتهم بالإنسانية تماما؟

نقلا عن العرب

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى