سياسة

انتخابات “المستر بايدن”

سمير عطا الله


جاء دونالد ترامب رئيسًا أمريكيًّا زائرًا إلى الرياض، فوجد في استقباله عاصمة خرجت عن عاداتها القديمة من أجل الترحيب به.

وأمام ما لقي من حفاوة شخصية واتفاقات سياسية واقتصادية، تباهى أمام شعبه وناخبيه ومنافسيه بالبُعد الإضافي الذي أعطي لعلاقة قديمة بين الدولتين.

في هذا الوقت كان خصومه في واشنطن يتململون من مكاسبه الانتخابية.

وطرح منافسه جو بايدن السعودية في معركته على أنها “خصم”.. وعندما وصل إلى البيت الأبيض لم يعبأ بأهمية العلاقة الخاصة، بل راح يلغي ويفكك كل ما حققه ووقعه ترامب.

ساعد “بايدن” ودعمه في هذا الموقف المتهور، تدهور سعر النفط إلى حد بعيد.

فمَن يحتاج إلى السعودية ونفطها وقد أصبح سعر البرميل تحت الثلاثين دولاراً؟

وشجعه في هذا التنظير مستشاراه غير المرئيين، باراك أوباما وبيل كلينتون. وكان الأول قد أهمل العلاقة تمامًا مع العرب، فيما ذهبت زوجة الثاني كوزيرة للخارجية، إلى ميدان التحرير في القاهرة تبارك وتبايع ثورة “الإخوان”.

عندما ارتفع سعر النفط إلى سعر خيالي بعد حرب أوكرانيا، اكتشف “بايدن” وحلقته أن الرؤية القصيرة ضرر طويل.. ولم يعد المستر بايدن يعرف كيف يخرج من نفق التسرع المراهق في سياساته الخارجية.

أما السعودية، فبقيت مكانها.. وفي ضوء البلبلة الأمريكية، قال الأمير محمد بن سلمان شيئًا واحدًا: “الرئيس الأمريكي يعرف عنواننا، فهو لم يتغير”.

الآن يبحث الرئيس “بايدن” بسرعة عن عنوان الرياض وعن طريق الوصول إليها.. وسوف يجدها في مكانها، تشدد على مصالحها الوطنية.. وتحترم مصالح أصدقائها، وتحرص على مكانتها في العلاقات الدولية.

أما استخدام العبارات غير الجائزة قانونيًّا بين الدول، فهذا شأن المستر بايدن ومأزقه.. ليس مع السعودية وحدها، بل مع أكثر من جهة، خصوصًا الآن مع فلاديمير بوتين، الذي وصفه بأنه “مجرم حرب”، ما اضطر وزير الخارجية، المستر بلينكن، للتوضيح للخروج من تبعات استخدام العبارة.

لا تبني الرياض سياساتها على سعر برنت أو النفط الرملي في كندا.. وفيما تلهى “الكوريون” عبر السنين باستقرار الطاقة في العالم، كانت مهمتها الدائمة حماية الشعوب المستهلكة من أضرار الأمزجة الطائشة والمغامرة.

لكن أيضًا لا مكان لإملاء أي سياسات عليها، ولا تغيرت في المقابل ثوابتها في أي وقت، ولا تغيرت في المقابل استقلاليتها وسياساتها السيادية في كل حقل.

المؤسف أن إدارة “بايدن” لم تتردد في نقد الحلفاء واسترضاء الخصوم.. وقد ذهبت في السياستين إلى حدود غير مقبولة.

والسياسة في الرياض لم تعد تتغافل عن مثل هذه الإساءات في أي علاقة مشتركة، فالسيادة الوطنية لا تخضع لأحجام الدول، ولا لحجم ثرواتها.. ومراعاة السيادة والمصالح أفضل للجميع.

نقلا عن الشرق الأوسط

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى