امتداد الإرهاب في أفريقيا… أسباب الانتشار وطرق المواجهة
فرضت التنظيمات الإرهابية سيطرتها على عدة بلدان أفريقية. فوسط غياب للرؤى السياسية، وتردي الأوضاع المعيشية بسبب الأزمات الاقتصادية، بات استقطاب الشباب هدف هذه التنظيمات، لتوسيع النفوذ.
فقد تمدد الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي، من مالي وتشاد مرورًا بالنيجر والكونغو الديمقراطية إلى بوركينا فاسو ونيجيريا والصومال. وزادت زيادة وتيرة العمليات الإرهابية، التي أدمت أوصال تلك البلدان.
وصار من الواضح رؤية نمو نفوذ هذه التنظيمات، وتعود أسباب تلك العمليات إلى الأيديولوجيات التي تعتنقها من جانب. وتردي الأوضاع السياسية والمعيشية في القارة السمراء من جانب آخر.
هشاشة الأوضاع
في تصريح وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف. قال مؤكدا “تنظيم داعش والجماعات التابعة له تواصل استغلال ديناميكيات الصراع، وهشاشة الحكم وعدم المساواة؛ للتحريض على الهجمات الإرهابية والتخطيط لها وتنظيمها”.
وأفاد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، في تقرير له
، أن الغالبية العظمى من دول أفريقيا تعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية؛ الأمر الذي يدفع الكثير من الشباب نحو خيارين؛ الهجرة غير الشرعية، أو الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية.
أسباب انتشار وتمدد الجماعات الارهابية
وأشار التقرير أيضا إلى أن محاولة تغيير الوضع القائم، دفعت الشباب نحو اعتناق أفكار “متطرفة ومن ثم الانضمام إلى إحدى التنظيمات الإرهابية”.
وقد أشار التقرير أيضا، إلى تدني مستوى التعليم في أفريقيا وارتفاع الأمية لأعلى مستوى بين قارات العالم، إضافة إلى “الرشوة والمحسوبية ونمطية العيش”.
وحصر المركز الأوروبي، أسباب ودوافع تمدد هذه الجماعات الإرهابية في أفريقيا.
5 أسباب للانتشار:
●الأزمات السياسية وعدم استقرار العديد من البلدان الأفريقية.
● هشاشة الحكم وغياب الدولة وضعف دورها في العديد من المناطق.
●ضعف القبضة الأمنية للعديد من الدول الافريقية على حدودها، الأمر الذي يعطي حرية الحركة لهذه الجماعات.
●الأزمات الاقتصادية والتهميش الاجتماعي والفساد.
●إرتفاع مستويات الفقر.
أهم المنظمات الإرهابية الممتدة بأفريقيا
أوضح المركز الأوروبي، أن تواجد 64 من التنظيمات والجماعة الإرهابية الناشطة في مختلف مناطق أفريقيا وتختلف انتماءاتها، إلا أنها تتفق في اتخاذ العنف وسيلة لها.
ولعل أبرز التنظيمات الإرهابية الكبرى الممتدة على أرض أفريقيا، ما يلي:
● تنظيم القاعدة:
يصنف “تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي” واحدة من هذه التنظيمات الإرهابية الممتدة، ويشكل امتدادًا لـ”الجماعة السلفية للدعوة والقتال”.
فبعد انفصاله عن “الجماعة السلفية” عام 1997، أعلن مُبايعته لتنظيم القاعدة في نفس العام.
ثم تغير اسمه إلى “تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي”، سنة 2007.
●جماعة بوكو حرام:
وتعني في لغة الهوسا “التعليم الغربي حرام”.
وقد نشأت “بوكو حرام”نيجيريا في مدينة ميد جوري، في عام 2002.
وتتخذ هذه الجماعة من مناطق قبيلة الهوسا في الشمال النيجري معقلاً لها.
وتبلغ الإيرادات المالية لبوكو حرام، عشرة ملايين دولار، ناتجة عن التجارة غير المشروعة عبر الحدود، وفقاً لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
●حركة الشباب الصومالية:
نشأت حركة “الشباب” في عام 2004 في القرن الأفريقي وتحديداً في الصومال.
ثم أعلنت ولاءها وتبعيتها إلى تنظيم القاعدة سنة 2012.
وقد مثلت حركة الشباب الصومالية الجناح العسكري لـ”اتحاد المحاكم الإسلامية”، أنها انشقت عنه في عام 2007.
وعقب التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال، إنخفض معدل العمليات التي تقوم بها حركة الشباب، إلا أنها أعادت عملياتها في 2009 مرة أخرى.
وتتمركز حركة الشباب في وسط وجنوب الصومال وقد زادت قوتها بشكل ملحوظ ولا سيما عقِب الانسحاب الإثيوبي من الصومال.
●داعش
لم تسلم أي من المناطق الجيوسياسية الخمس كما حددها الاتحاد الأفريقي من نشاط التنظيم، وقد وسّع التنظيم نفوذه في قارة أفريقيا.
يقول الباحث في معهد دراسات الأمن، مارتن إيوي، عن وجود داعش في أفريقيا: “شهدت 20 دولة على الأقل في أفريقيا نشاطاً مباشراً لداعش، ويتم استخدام أكثر من 20 آخرين للخدمات اللوجستية، وحشد الأموال والموارد الأخرى”.
●الهجمات الإرهابية
شهدت الهجمات الإرهابية تمدداً وتزايداً؛ في بوركينا فاسو تلتها مالي والنيجر تصدرت قائمة بلدان المنطقة من حيث عدد ضحايا الإرهاب، إذ سقط في البلدان الثلاثة مجتمعة نحو ألفي شخص خلال 2022.
بحسب المركز الأوروبي، فإن العمليات الإرهابية انتشرت وتوسع نفوذها خلال العام 2022.
وتشهد بحيرة تشاد تمركزا كبيرا للنشاط الإرهابي، خاصة في حوض بحيرة تشاد، و يضم أجزاء من الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا ومنطقة الساحل الوسطى على طول حدود بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
تكتيكات التنظيمات الإرهابية
وبحسب المركز الأوروبي، فإن طبيعة وتكتيكات الجماعات الإرهابية تغيرت في المنطقة بشكل كبير؛ فبعد أن كانت تأخذ في بدايتها طابعا تكفيريا محدودا، بدأت تتوسع بشكل لافت خلال عامي 2021 و2022 بولادة مجموعات جديدة؛ واندماج أخرى مع بعضها.
الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب
تعددت طرق مواجهة الإرهاب بين جهود محلية داخلية، وجهود خارجية.
وتمثلت الجهود الداخلية في شن القوات الحكومية الصومالية، عمليات أمنية ضد حركة الشباب نتج عنها 116 قتيلاً من عناصر الحركة.
وقد أسفرت العمليات الأمنية في منطقة الساحل عن مقتل 59 إرهابيًا في بوركينا فاسو ومالي، بالإضافة إلى استسلام 60 مسلحًا في بوركينا فاسو، تمهيداً لإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع.
أما الجهود الخارجية، فقد تمثلت في محاولة فرنسا إيجاد استراتيجية جديدة من أجل مواجهة تمدد الجماعات الإرهابية، تأخذ النيجر، كبداية لإعادة ابتكار