سياسة

الفريق الفلسطيني بأولمبياد باريس.. مهمة «نضالية» من نوع آخر


أن تكون فلسطينيا بل وغزاويا وتشارك في أولمبياد عالمية، فالمهمة قد تكون أصعب وأكبر من مجرد إنجاز رياضي

فاليري ترزي، سبّاحة فلسطينية تعود جذورها لقطاع غزة، كان حلمها الشخصي لفترة طويلة هو المشاركة في مثل هذه الأولمبياد العالمية المقامة حاليا في باريس، لكنها اليوم “ليست من أجل نفسها. بل من أجل وطن وأمة”.

هذا ما قالته فاليري، السباحة البالغة من العمر 24 عاما،  والتي تنافست في سباق 200 متر فردي متنوع، في مقابلة طالعت في شبكة “سي إن إن” الرياضية.

وفاليري هي واحدة من ثمانية فلسطينيين يتنافسون في باريس. ومثل كل رياضي موهوب بما يكفي للوصول إلى هذا الحد، تمثل الألعاب الأولمبية تتويجا لعقود من العمل والاستثمار، ولكن بالنسبة لهؤلاء الفلسطينيين، تمثل الألعاب أكثر من مجرد إنجاز رياضي.

“أقاتل من أجل فلسطين”

وتضيف ترزي “كلما تدربت بجدية أكبر وكلما كان أدائي أفضل، كلما حصلت فلسطين على المزيد من التقدير. هذه هي مهمتنا، أنا أقاتل من أجل بلدي من خلال الرياضة”.

وفي حين استهلك معظم الرياضيين التدريب والوصول إلى الذروة في الوقت المناسب للحصول على فرصة تحدد مسيرتهم المهنية للفوز بميدالية، كانت رحلة الفريق الفلسطيني إلى باريس محفوفة بالتحديات، سواء من الناحية اللوجستية أو العاطفية.

وفي هذا الصدد تتحدث السباحة الفلسطينية “نحن هنا (من أجل بعضنا البعض) في أعلى المستويات وأدنى المستويات. وتحدثنا عما نريد القيام به كمهمة، كرياضيين.نريد نشر قصصنا ورسالة السلام”.

تم اختيار طرزي إلى جانب الملاكم وسيم أبو سل، لحمل العلم الفلسطيني في حفل افتتاح أولمبياد باريس.

وعن هذه اللحظة تقول “بصراحة، إنه أعظم شرف يمكن أن أحصل عليه على الإطلاق”.

وبالنسبة للفتاة الفلسطينية فإن حرب غزة تثقل كاهل الرياضيين الأولمبيين الفلسطينيين، ولذلك تريد أن “تكون مصدر إلهام”

“خاصة في وقت تمر فيه فلسطين بحرب ولا يريد الكثير من الناس أن نرفع العلم. لا يريد الكثير من الناس أن نكون هنا. لذا فإن القدرة على القيام بذلك، والنزول إلى نهر السين، وتكريم عائلتي وتكريم بلدي يعني الكثير”، تتابع فاليري.

وبينما لا تتمتع فلسطين باعتراف دولي كامل وهي دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة، اعترفت اللجنة الأولمبية الدولية باللجنة الأولمبية الوطنية الفلسطينية كعضو في عام 1995، مما يسمح للرياضيين الفلسطينيين بالمنافسة في الألعاب.

الفريق الفلسطيني في افتتاح الأولمبياد

ولم تفوت السباحة الفلسطينية أهمية حمل العلم في حفل الافتتاح في فرنسا التي لا تعترف رسميا بدولة فلسطين.

وقالت: “سألني أحدهم ذات يوم عما إذا كان العلم الفلسطيني رمزا للمقاومة. وقلت: “كل دولة أخرى في العالم لديها علم. لماذا لا نستطيع أن نرفع علما؟ نحن بشر، نحن مثل أي شخص آخر، نحن مجرد رياضيين، نريد أن نكون هنا ونتنافس”.

وتقام الألعاب الأوليمبية في باريس، في وقت تتواصل فيه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مخلفة قرابة أربعين ألف قتيل.

واندلعت الحرب في أعقاب هجوم مباغت شنته حماس على بلدات إسرائيلية في غلاف غزة، ما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر العشرات.

وبحسب وزارة الصحة في غزة، قُتل أو جُرح حوالي 400 رياضي ومدرب ومسؤول رياضي حتى يوليو/تموز الماضي.

ومن بين الضحايا في غزة أول رياضي فلسطيني على الإطلاق وحامل العلم من دورة الألعاب الأولمبية لعام 1996، ماجد أبو مراحيل، الذي قيل إنه توفي في مخيم النصيرات للاجئين في وقت سابق من هذا العام بسبب الفشل الكلوي.

عند سؤالها عن مراحيل، تفكر ترزي في السير على خطاه “لقد فعل ذلك من أجل قضية أعظم، لقد فعل ذلك من أجل الشعب الفلسطيني. بنفس الطريقة التي أفعل بها ذلك، وبنفس الطريقة التي فعلها وسيم، حامل العلم الآخر لدينا. أرفع العلم من أجل كل هؤلاء الأشخاص، الضحايا الأبرياء الذين لقوا حتفهم للتو بسبب هذا الصراع”.

الجسد في باريس والعقل مع غزة

في المقابل، يشكل العبء العاطفي للوضع في غزة تحديًا مستمرًا للفريق الفلسطيني المشارك في أولمبياد باريس.

وهنا تتساءل فاليري “لماذا يتوجب علينا أن نكون في الألعاب الأولمبية ونتلقى مكالمات هاتفية حول وفاة أقاربنا في غزة؟”

“لقد تلقى بعض زملائي في الفريق مثل هذه المكالمات المدمرة، وهي حقيقة قاتمة أصبحت للأسف هي القاعدة. ويبدو الأمر وكأننا لسنا مخدرين تجاهها لأنها لا تزال تؤثر علينا، لكنها شيء طبيعي الآن”.

 

الفريق الفلسطيني في افتتاح الأولمبياد

على الرغم من التحديات، وجد الرياضيون الدعم من الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم. وتدفقت رسائل التشجيع والتضامن، مما ذكّرهم بأهمية مهمتهم.

وتشير ترزي في هذا السياق، إلى أنها ” تلقيت الكثير من الحب والدعم من الناس في غزة”. “هذا يعني الكثير بالنسبة لي، أنهم يعرفون أنني هنا لتمثيل عائلتي وجذوري وكل شيء من هذا القبيل.”

بالنسبة لترزي وزملائها في الفريق، فإن الألعاب الأولمبية هي فرصة نادرة لتسليط الضوء على التجربة الفلسطينية وإلهام الأمل من خلال الرياضة.

وحقيقة عدم وجود حمام سباحة بالحجم القانوني في جميع أنحاء غزة تؤكد على العقبات الكبيرة التي يواجهونها في تطوير المواهب الرياضية.

وبينما يتنافس الفريق الفلسطيني في باريس، تعتبر ترزي أنهم ليسوا مجرد رياضيين، بل هم سفراء للسلام والوحدة والمرونة.

وأضافت “نريد أن نلهم الجيل الأصغر، الجيل القادم من الرياضيين. لدينا جميعا هدف مشترك. نسعى جميعا إلى تعزيز الميثاق الأولمبي في السلام والوحدة والتضامن. وهذا مهم جدًا للجميع هنا.”

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى