سياسة

الضغوط الأميركية.. هل تدفع قطر للتخلي عن حماس؟


سلّط الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في غزّة الضوء على استضافة الدوحة لقيادات حماس ودعمها ماليا للحركة، فيما ينتظر أن تدفع الضغوط الأميركية قطر إلى إعادة تقييم علاقاتها مع الفصيل الفلسطيني المسلّح. خاصة بعد أن حذّر وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الدولة الخليجية من ارتباطها بالحركة.

ويقول الخبير في شؤون الخليج في “كينغز كولدج” أندرياس كريغ إن الحرب بين حماس وإسرائيل التي اندلعت منذ 12 يومًا، قد تدفع الدوحة إلى التراجع في علاقتها مع الحركة تحت ضغط أميركي، مضيفا “أعتقد أن هناك إدراكًا بأنه لا بدّ من تقديم شيء ما في ما يتعلق بهذه العلاقة نظرًا إلى ما تطلبه الإدارة الأميركية”.

وتقود قطر جهودًا دبلوماسية مكثّفة وقد انخرطت في مفاوضات حول تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس، معوّلة على علاقاتها مع الفصيل الفلسطيني المسلّح.

وفي وقت تسعى إسرائيل إلى القضاء على حماس، تهدف الولايات المتحدة، حليفة قطر، إلى الضغط على الحركة الإسلامية، بعد تأكيدها دعمها الكامل لتل أبيب وتقديمها لها مساعدات عسكرية ضخمة.

وفرضت واشنطن الأربعاء عقوبات على عشرة أعضاء في حماس ومقدمي تسهيلات مالية للحركة، موجودين في غزة والسودان وتركيا والجزائر وقطر وبينهم قيادي رفيع يُدعى محمد أحمد عبدالدايم نصرالله مقيم في قطر.

وقال مسؤول قطري اشترط عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس إن المكتب السياسي لحماس “افتُتح في قطر عام 2012 بالتنسيق مع حكومة الولايات المتحدة بناء على طلب أميركي لفتح قناة تواصل مع الحركة. مضيفا أنه “تم استخدام المكتب بشكل متكرر في جهود الوساطة الرئيسية المنسقة مع إدارات أميركية متعددة لإرساء الاستقرار في غزة وإسرائيل”.

ورغم ذلك، لا تقيم قطر علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل ولم تطبع علاقاتها مع الدولة العبرية كما فعلت دول عربية أخرى منذ العام 2020 .واتّبعت النهج نفسه مع حركة طالبان الأفغانية عندما دعتها لفتح مكتب سياسي لها في الدوحة عام 2013 بمباركة الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما. وهذا ما سمح بترتيب محادثات بين واشنطن .وطالبان قبيل الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021.

لكن خلال زيارته إلى قطر الأسبوع الماضي حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الدولة الخليجية من علاقاتها الوثيقة مع حماس التي تستضيف مكتبا لحماس ورئيسه إسماعيل هنية. قائلا “لا يمكن أن تستمر الأمور كالمعتاد مع حماس”.

إلا أنّ رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني دافع عن مكتب الحركة، مشيرًا إلى أنه يُستخدم لغرض “التواصل وإرساء السلام والهدوء في المنطقة”.

وعلى مدى سنوات، قدّمت قطر الدعم المالي لقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس .وتحاصره إسرائيل منذ 2007 وأكد مسؤولون في الدوحة أن ذلك يحصل “بالتنسيق الكامل مع إسرائيل والأمم المتحدة والولايات المتحدة”.

لكن المحلل كريغ يرى أنه سيكون على قطر “أن ترسي نوعا من الانفصال بينها وبين هنية”. معتبرا أن “الدوحة قد تستمر في استضافة مكتب حماس لكنها تحتاج إلى تحديد مسافة ما بين قيادة حماس وصناع القرار القطريين“.

وتضمّ قطر أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط وقدّمت واشنطن دعمها للدولة الخليجية الاستراتيجية الصغيرة خلال الحصار الذي فرضه جيرانها عليها لمدة أربع سنوات بقيادة الرياض.

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو/حزيران 2017 علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. واتّهمت الدول الأربع الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرّفة والتقرّب مع إيران. وهو ما نفته قطر.

وفي يناير/كانون الثاني 2021 حصلت مصالحة مع موافقة الدول الأربع على رفع القيود في قمة لمجلس التعاون الخليجي في مدينة العُلا السعودية.

وترى الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط سنام وكيل أن قطر ستقرر “بشكل واضح الأولوية” في علاقاتها، معتبرة أن علاقات القطريين .و”استثمارهم في الروابط الثنائية مع واشنطن ستتفوّق على أي علاقات أخرى في المنطقة”، مضيفة “بالنسبة لواشنطن. من المفيد أيضًا التفكير بأنّ أحد شركائها قادر على التواصل عبر القنوات الخلفية”.

وتوقّعت وكيل وهي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد تشاتام هاوس للأبحاث ومقرّه لندن أن تقوم قطر “ببعض الخطوات” لإعادة تقييم علاقتها بحماس “ومع الوقت النأي بنفسها عن هذه العلاقة”.

لكنّها تشير إلى أن “الأمر سيتطلب وأعتقد أن هذه نقطة أساسية أن تكون لدى المجتمع الدولي والولايات المتحدة خطة لمعالجة مسألة تقرير الفلسطينيين مصيرهم”. فيما يوضح كريغ أن المكتب السياسي لحماس في قطر أُنشئ في أعقاب انتفاضات الربيع العربي عام 2011 وسط مخاوف أميركية من احتمال أن تقيم الحركة قواعد في إيران أو لبنان.

ويرى أن من شأن طرد قادة حماس من الدوحة أن يخلق وضعاً مماثلاً ستفقد خلاله الدول الغربية الرقابة والسيطرة عليهم. لافتا إلى أن “لقطر نفوذا كبيرا”. بالنظر إلى دور الوساطة الذي لعبته في اتفاق تبادل السجناء بين واشنطن وطهران الشهر الماضي.

وتساند إيران العديد من الفصائل الفلسطينية في غزة في مواجهة إسرائيل التي سبق لها أن اتهمت طهران بتهريب أسلحة إلى القطاع.

ويقول كريغ إن الولايات المتحدة “تحرص على أن يكون القطريون قادرين على التحدث مع الإيرانيين وتوضيح الخيارات العملية المختلفة .والتأكد من عدم تفجّر الوضع بشكل كامل” في المنطقة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى