سياسة

السياسة الخارجية التركية.. تمويل ودعم للإرهاب في المنطقة


تؤكد السلطات التركية، في شخص الرئيس رجب طيب أردوغان، في كل مناسبة ومحفل دولي، أنها تبذل حثيث المساعي ولا تدخر جهدًا في محاربة الإرهاب، وهو ما أكدت عليه وزارة الخارجية التركية على موقعها الرسمي، والتي زعمت أن تركيا تعمل بشكل فعال على مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره منذ القدم، وهو ما يبرهن الواقع على عكسه تماما.

وتقول تركيا إنها هاجمت عديد التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش و17 نوفمبر، وأصالة، وغيرها، مدعة أنها كانت دومًا رائدة في زيادة وعي المجتمع الدولي بخطر الإرهاب وإنشاء آليات واتخاذ التدابير الأكثر فعالية لمكافحة الإرهاب.

وتزعم أن أي محاولة لإلصاق أي دين أو عرق أو إثنية بسمة الإرهاب هي جريمة في حق هذا الدين أو العرق، أو الإثنية وخطأ جسيم، لكن هذه الشعارات تتناقض مع السياسات الفعلية المتخذة من قبل تركيا العدالة والتنمية، والتي أتضحت بشكل جلي منذ وصول الحزب إلى الحكم في 2002.

فمنذ تلك اللحظة ظهر انحياز السياسة الخارجية التركية للجماعات الإسلامية الإرهابية في تحركاتها ضد الدول الحاضنة لها. فلم يتحرج النظام رغم هذه الادعاءات أن يعلن حزب العمل الكردستاني فالعراق منظمة إرهابية فقط لكونه يمثل الإثنية الكردية -والتي تعد أقلية موجودة في كل من العراق وتركيا- لمطالبتها بالانفصال عن العراق. كما أن أردوغان يدعم داعش والقاعدة والإخوان المسلمين وجماعة الشباب الصومالية وغيرها، في سوريا والعراق في مصر والسودان وليبيا والصومال، وهم جماعات تتخذ من الدين ستارًا لها لارتكاب الجرائم الإنسانية في حق شعوب تلك الدول، ولتدميرها، وزعزعة أمن المنطقة واستقرارها.

تلك السياسات جعلت من تركيا منبرًا للجماعات الإرهابية في المنطقة، ومعبرًا لتلك الجماعات من مختلف دول العالم إلى الشرق الأوسط وأفريقيا. وقد تعرضت لانتقادات متكررة بسبب تعاملها ودعمها لتلك الجماعات من قبل مختلف الدول الأوروبية والعربية. فتلك السياسات التركية تجاه الإرهابيين دائمًا ما تثير جدلًا وانتقادًا نتيجة تعرض المنطقة بأكملها للخطر والتهديد بسبب تلك السياسات الغاشمة.

لكن رغم الانتقادات الدولية للدعم التركي للإرهاب والجماعات الإرهابية الإسلامية خاصةً إلا أن تركيا تتمسك بها وتحرص في الوقت الآني على استمرارها، بل إنها أضحت أحد أدوات سياساتها الخارجية التي يستخدمها أردوغان دون حرج لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية داخلية وخارجية. 

تتعدد الأسباب الكامنة وراء الدعم التركي للإرهاب، ومن تلك الأسباب استغلال تلك المزاعم بوجود إرهاب محيط بتركيا يدفعها لزيادة تسليحها والاهتمام بمحاربته على حساب قضايا الداخل التركي مثل التعليم والصحة والاقتصاد على اعتبار أن الأمن هو الذي يجب أن تكون له الأولوية لأنه يهدد الوجود التركي. ومن الأسباب أيضًا أن سياسة دعم الإرهاب تتماشى مع المساعي التوسعية التركية على الساحة الإقليمية والتغلغل في المنطقة، حيث إن تلك الجماعات الإرهابية  تمكن تركيا من زعزعة استقرار دول المنطقة، وتقويض تلك الدول وبخاصة الدول التي تمكنت شعوبها من الإطاحة بحكم الإخوان الذين تدعمهم تركيا طمعًا في تحقيق حلم الخلافة وإعادة إسطورة الدولة العثمانية، ومن ثم تحقيق مزيد من عدم الاستقرار وانتشار حالة اللاأمن في المنطقة يمكن تركيا من تنفيذ أجندتها الخاصة بذلك الحلم.

فتستخدم تركيا الإرهاب كذريعة للتمدد العكسري في الدول العربية والسيطرة عليها. ويمكن القول إن تركيا تستنسخ استراتيجية طهران في رعاية التنظيمات الشيعية لخدمة نفوذها الإقليمي برعايتها للجماعات الإرهابية المتأسلمة.

يُضاف لذلك أن تركيا تحقق مكاسب اقتصادية حيث إن سيطرتها وتوسعها في المنطقة بمساعدة الجماعات الإرهابية سيمكنها من السيطرة على مناطق النفط والغاز الطبيعي، والسيطرة على الموانئ والمضايق البحرية، فضلًا عن توفير الكثير من المشاريع الاقتصادية في المناطق المدمرة تحت دعاوي تركية بالمساهمة في إعادة الإعمار، إعادة إعمار الدول التي تسببت في تدميرها.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى