السودان.. عائلات ضحايا الإخوان تقيم سرادقات العزاء
شرعت عائلات سودانية في إقامة سرادقات العزاء لأبنائها الذين قتلوا خلال الثلاثين عاماً الماضية على يد تنظيم الإخوان الإرهابي، وذلك بعدما رأت قيادات الفلول خلف القضبان، وتمت إدانة رأس السلطة البائدة عمر البشير، وسط آمال للقصاص من باقي النظام.
ومن جانبه، تؤكد أسرٌ قد قتل أبناءها على يد الإخوان، بأنها ظلت ثلاثة عقود عازفة عن إقامة سرادقات عزاء لحين القصاص، غير أنها ترى أن العدالة قد اقتربت بعد الإجراءات التي تتخذها السلطة، الأمر الذي شجعها على تلقي التعازي.
وبالتزامن مع احتفالات السودانيين بالذكرى الأولى لثورة ديسمبر التي أنهت حكم الإخوان، فقد بدأت الحاجة هانم تتلقى التعازي في نجلها مجدي محجوب والذي قام نظام الإخوان بإعدامه ديسمبر 1989، بتهمة حيازة النقد الأجنبي، وقد تمت تسميته بشهيد الثورة الأول، نظرا لكونه أول سوداني تغتاله السلطة.
كما تستعد أسر أخرى لتلقي التعازي، في 28 ضابطاً قام نظام الإخوان بإعدامهم قبل ثلاثة عقود بتهم تدبير محاولة انقلابية، وأخفى أيضا جثثهم، ولذك بعدما أعلنت السلطة الانتقالية العثور على مقبرتهم، والذي ربما يقود للقصاص من المتورطين.
كما أن منزل المعلم أمين بدوي إبراهيم بمدينة عطبرة بشمال السودان، وهو أحد أبرز ضحايا التعذيب الوحشي في معتقلات جهاز مخابرات نظام الإخوان المعزول، والتي تعرف ببيوت الأشباح، إذ قتل داخلها يوم 18 أكتوبر 1997، يستعد للعزاء.
وكان قد تم اعتقال معلم اللغة الإنجليزية أمين بدوي بواسطة مخابرات الإخوان عندما كان يوزع بطاقات الدعوى لحفل زفافه، إذ تحولت أفراح عائلته لأحزان بعد تلقيهم نبأ وفاته داخل بيوت الأشباح.
ورفض سلطة الإخوان نقل جثمان الفقيد من الخرطوم لعطبرة لمواراته في مسقط رأسه، قد عمّق جراح عائلة المعلم، الشيء الذي حدث مع غالبية ضحايا التعذيب خلال حقبة حكم الإخوان بقيادة المعزول عمر البشير، في حين كانت الصدمة الشديدة لأسر مجزرة ضباط 28 الذين أخفت السلطة جثامينهم. كل هذا دفع عائلات الضحايا إلى العزوف عن إقامة سرادقات العزاء، وقيادة حملة طيلة خلال السنوات الماضية في سبيل القصاص من قتلتهم.
وقد ارتفع آمال عائلات الضحايا في انتصار قضيتهم، وبعد سقوط نظام الإخوان في 11 أبريل، غير أن حكم الإدانة الذي صدر بحق الرئيس المعزول عمر البشير بجريمة الفساد، قد خلف سعادة وسط العائلات المكلومة، الأمر الذي حفزها على تلقي التعازي مجددا.
عدالة السماء
وقد استقبلت الحاجة هانم التي تبلغ 75 عاماً، يوم الثلاثاء، عشرات السودانيين الذين وصلوا إلى منزلها بضاحية الخرطوم 2 لتعزيتها في نجلها مجدي محجوب الذي قام نظام الإخوان بإعدامه قبل 30 عاما بجريمة حيازة النقد الأجنبي، وذلك بعدما فتحت أبوابها مجدداً لتلقي العزاء بالتزامن مع إدانة الرئيس المعزول عمر البشير.
وقد قالت الحاجة هانم: كنت واثقة من أن يأتي هذا اليوم الذي أرى فيه الذين قتلوا ابني ظلماً أمام منصات العدالة، لقد قضيت كل هذه السنوات، وأدعو الله أن ينتقم منهم.
وفي تصريح للعين الإخبارية، قالت الحاجة هانم بأنها أقامت العزاء في ابنها، بعد سقوط نظام الإخوان، ولكن بعد إدانة عمر البشير والاستشهاد بقضية نجلها في قاعة المحكمة، قررت تلقي العزاء.
وأضافت أيضا: أعدموا ابني ظلماً في بضع ملاليم، وها هم الآن يواجهون المصير ذاته، لقد خففت العقوبة ضد المعزول عمر البشير، ولكن لن نستريح إلا بعد أن نحصل على القصاص.
وقد أدانت محكمة في الخرطوم، يوم السبت الماضي، الرئيس المعزول البشير بجريمة الحيازة غير المشروعة لملايين من النقد الأجنبي، وقد حكمت عليه بالسجن سنتين، يقضيها في دور رعاية اجتماعية، بينما كانت هيئة الاتهام ترغب في أن يصل الحكم للإعدام، مستشهدة بذلك بقضية مجدي محجوب.
آمال عائلات مجزرة رمضان
وقد فتحت إدانة الرئيس المعزول آمال عائلات حركة 28 رمضان وهم ضباط أعدمهم نظام الحركة الإسلامية السياسية العام 1990، بتهمة تدبير محاولة انقلابية، في القصاص، وصولاً لسرادق العزاء الكبير.
وفي نفس السياق، تقول منال، وهي شقيقة النقيب طيار مصطفى عوض خوجلي الذي كان ضمن 28 ضابطاً أعدمهم البشير، إدانة الرئيس المخلوع أسعدتنا كثيراً، لأنها تمثل بداية القصاص للشهداء، وتشير إلى أننا في الطريق الصحيح نحو الهدف الذي ظللنا نكافح لأجله منذ 29 عاما.
وخلال حديث مع العين الإخبارية، أضافت منال عوض خوجلي: إدانة البشير كانت بداية للانتصار، ولكن لا نزال ننتظر كشف أماكن دفن شهداء رمضان، وتحديد المتورطين في الجريمة، ومن ثم نقيم سرادق العزاء لأول مرة.
وتابعت القول: ما تم من إجراءات بخصوص قضية شهداء 28 رمضان جيد، ولكن غير كافٍ لدفعنا لدرجة إقامة سرادق العزاء، فنحن ننتظر معرفة مكان دفن الجثث أولاً، ومن ثم القصاص.