سياسة

السعودية دور محوري وازن أزمة السودان


بذلت السعودية جهودا كبيرة في عمليات إجلاء واسعة النطاق من السودان، ما منح المملكة دورًا مركزيًا في الأزمة الحالية في السودان. وسلّط الضوء على النفوذ الإقليمي للمملكة الخليجية في أعين العالم.

عادة ما تستخدم البارجة الحربية السعودية “جلالة الملك الدرعية” التي يبلغ طولها 102 متر لمواكبة ناقلات النفط عبر البحر الأحمر وفي التدريبات مع قوات بحرية غربية. لكنّها نفذت الأسبوع الماضي عملية مختلفة تمثلت في إجلاء مدنيين من المعارك الدائرة في السودان.

وحتى ظهر الاثنين، استقبلت السعودية أكثر من 5400 مدني تمّ إجلاؤهم. الغالبية العظمى منهم أجانب من 102 دول في ستّ قارات.

وقال كاميرون هدسون من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقره واشنطن. “لقد تأثرت بشدة بكفاءة عملهم للمساعدة في إجلاء الناس ووضع أسطولهم البحري تحت تصرف الأشخاص الفارين”.

وأضاف “هذه فرصة لتلميع صورتهم (السعوديين) على بُعد كيلومترات قليلة من اليمن حيث ظهرت بعض أسوأ تصرفاتهم”. في إشارة إلى الحرب التي قتل وأصيب فيها آلاف المدنيين في غارات جوية شنّها تحالف عسكري تقوده السعودية منذ 2015.

ومع ذلك، يحذّر بعض المحللين من أن عمليات الإجلاء قد تلقي بظلالها على الدور المعقد الذي لعبته السعودية وقوى خارجية أخرى في الاضطرابات في السودان.

وقالت خلود خير، مؤسسة مركز الأبحاث “كونفلونس ادفيزوري” ومقره الخرطوم إن القتال الذي أودى بحياة المئات وجرح الآلاف حتى الآن نتج جزئياً عن “التعامل بلطف” مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو “حميدتي”، حين كان على العالم أن يصرّ على إحداث إصلاح حقيقي.

وأضافت خير “هذه مهلة مؤقتة للمجتمع الدولي للتركيز على عمليات الإجلاء باعتبارها القصة الرئيسية وليس كيف وصلنا إلى هنا”، متابعة “وكأنّ جهود الإجلاء هي القصة الوحيدة”.

إجلاء “بلا زخرفة”

وهذا بالتأكيد هو الانطباع الذي تكرّسه وسائل الإعلام السعودية هذه الأيام، إذ تقوم المحطات التلفزيونية التي تديرها الدولة بتصوير الوافدين أثناء نزولهم من السفن في مدينة جدة الساحلية. غالبًا مع العلم السعودي في أيديهم وتجري مقابلات مع دبلوماسيين يشيدون بالتعبئة السريعة للبحرية السعودية.

ورأى المحلل السعودي عزيز الغشيان أنّ الرياض تبدو عازمة على الحصول على هذا النوع من جهود النوايا الحسنة التي اكتسبتها قطر قبل عامين عندما رحّبت بعشرات الآلاف من المدنيين الفارين من حركة طالبان في أفغانستان.

وأضاف الغشيان أن المملكة “تسلط نفوذها على الجماهير السعودية”، بهدف مواجهة “الإحباط المحلي من عدم وجود جهود إعلامية فاعلة تغطي الإنجازات السعودية ودورها كلاعب دولي”. لكنّ هذه الحملة الإعلامية لم تكسب الجميع بالكامل لصف السعودية.

ووجدت خير الأسبوع الماضي نفسها في بورتسودان مع آلاف آخرين في أمسّ الحاجة إلى مخرج هروب ووصفت العملية بـ”فوضوية”. حيث ينتظر الناجون المصابون بصدمات نفسية لساعات وأحيانًا أياماً، لمعرفة ما إذا كانت ستتم الموافقة على عبورهم البحر الأحمر في رحلة قد تستغرق ما يصل إلى 20 ساعة، اعتمادًا على السفينة.

وقالت خير إنها “تجربة إجلاء بلا زخرفة، أعتقد أنها متوقعة لكنني أعتقد أنها لا تتناسب مع الطريقة التي روج بها السعوديون لعملية الإجلاء كما لو كانت مهمة إنسانية. قبل أن تحصل في النهاية على مكان على متن رحلة جوية بريطانية بدلاً من ذلك.

ومع ذلك، فقد نسبت الفضل إلى السعوديين لكونهم “الوحيدين على الأرض الذين يتحملون أي نوع من المسؤولية من خلال توفير هذا الطريق الآمن للخروج، حتى لو شابته السياسة”.

عرض النفوذ 

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع العقيد تركي المالكي إن القوات السعودية ستستمر في تنفيذ عمليات الإجلاء “طالما أن السفارة السعودية تتلقى طلبات من السفارات الأخرى”.

وفي غضون ذلك، يروّج المسؤولون السعوديون للمملكة كوسيط. مستفيدين من علاقاتها مع كلا الجنرالين والنابعة جزئيًا من تورطهما في حرب اليمن.

والتقى مبعوث من البرهان الأحد بوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان. وطلب مسؤولون سعوديون عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي الأربعاء.

ويتماشى هذا مع الحملة الأخيرة لصنع السلام الإقليمي. التي شهدت تحرك السعودية في شكل مفاجئ لاستعادة العلاقات مع إيران وسوريا.

ومن المحتمل أن لا تعني السياسة الكامنة وراء مشاركة الرياض الكثير للمستفيدين منها. بما في ذلك الـ52 من الذين تم إجلاؤهم على ظهر السفينة “جلالة الملك الدرعية” الأحد.

وبعد تناول التمر والقهوة العربية، انتشر الرجال والنساء والأطفال على السجادات المفروشة محاولين النوم، فيما يقاومون دوار البحر. حيث انطلقت السفينة الحربية لمسافة 300 كيلومتر تقريبًا إلى جدة.

وبالقرب من الميناء، خاطب قائد سعودي المجموعة، معتذرًا لأنه لم يكن بإمكانه جعل الرحلة أكثر راحة من خلال توفير أسرّة للجميع. ودفعتهم كلماته الأخيرة إلى التصفيق.

وأبلغهم “بمجرد وصولكم إلى جدة، ستكون هناك فنادق إن شاء الله”. متابعا “سوف تنسون كل شيء عن هذه الرحلة”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى