السجن 42 عاماً للزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش الموقوف في تركيا
قضت محكمة تركية بسجن الزعيم السابق لحزب الشعوب الديموقراطي صلاح الدين دميرتاش لمدة 42 عاما على خلفية تظاهرات عنيفة اندلعت عام 2014 تنديدا بحصار تنظيم الدولة الإسلامية لمدينة كوباني ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا، حسبما أفاد الإعلام التركي الخميس.
ودين دميرتاش (51 عاما) المسجون منذ 2016 وسبق أن تنافس مرتين في الانتخابات مع الرئيس رجب طيب إردوغان، بعشرات الجرائم بما في ذلك تقويض وحدة الدولة وسلامة أراضيها.
وحكمت المحكمة في سينجان على مشارف العاصمة أنقرة كذلك على الرئيسة المشاركة السابقة للحزب فيغين يوكسيكداغ بالسجن 30 عاما وثلاثة أشهر، حسبما أفادت قناة “إن.تي.في” التلفزيونية الخاصة ومنظمة “دراسات الإعلام والقانون” (MLSA).
وتعود القضية المرفوعة ضد أعضاء سابقين في حزب الشعوب الديموقراطي بينهم دميرتاش ويوكسيكداغ، إلى واحدة من الفترات الأكثر قتامة في الحرب السورية التي اندلعت في العام 2011.
وقضى 37 شخصا في تظاهرات عنيفة اندلعت في تركيا في تشرين الأول/أكتوبر 2014 بعد نداء أطلقه حزب الشعوب الديموقراطي احتجاجا على رفض الحكومة التركية التدخل لمنع سقوط مدينة كوباني في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي العام 2015، انتزعت قوات سوريا الديموقراطية كوباني من تنظيم الدولة الإسلامية بدعم من الولايات المتحدة.
وصوّر الإعلام صلاح الدين دميرتاش على أنه “(الرئيس الأميركي السابق) باراك أوباما الكردي” وقد ترشح للانتخابات الرئاسية التركية ضد إردوغان في 2014 ثمّ في العام 2018 من السجن.
وبعد إدانته عام 2018 بالسجن أربعة أعوام وثمانية أشهر بتهمة “الدعاية الإرهابية” في أحد جوانب هذه القضية، أمرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنقرة بالإفراج عنه “في أسرع وقت ممكن”، معتبرة أن سجنه يهدف إلى “خنق التعددية السياسية”. وقالت المحكمة إن حقوق دميرتاش، في التعبير عن الرأي والحرية وغير ذلك من الحقوق، انتهكت.
وأضافت في ذلك الحين، أن سجنه احتياطياً بعث “برسالة خطيرة لكل الناس” من شأنها تقييد حرية الحوار الديمقراطي، وأن احتجازه كل هذه المدة لأربع سنوات دون محاكمة هي لدوافع سياسية لا يمكن تبريرها.
ويتهم بارتكاب عشرات الجرائم والجنح بما فيها إهانة الرئيس والارتباط بحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة “إرهابية”. وفي نهاية مايو أعلن أنه سينسحب من الحياة “السياسية الناشطة”.
ويتهم إردوغان الحزب بأنه الجناح السياسي لمسلحين يشنون تمردا منذ عقود ضد الدولة التركية. وينفي حزب الشعوب الديموقراطي هذه التهم ويتهم بدوره الحكومة باستهدافه بسبب معارضته الشديدة لإردوغان.
وخاطب دميرتاش أنصاره عبر اتصال هاتفي بزوجته من زنزانته في إحدى المرات قائلا “لقد أصبحت تركيا أشبه بسجن مفتوح، إنهم يحاولون حكم المجتمع عبر الترهيب والتخويف”.
ودرس دميرتاش في كلية الحقوق بجامعة أنقرة، وأصبح عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة حقوق الإنسان التركية في مدينة ديار بكر، ثم أصبح رئيساً لها، وشكّل جمعية حقوق الإنسان التركية وأسس مكتب ديار بكر لمنظمة العفو الدولية.
وكان يدعو البرلمان التركي باستمرار إلى الاعتراف بالهوية الكردية والسماح للغة والثقافة الكردية، كون الأكراد يشكلون ثاني أكبر قومية في البلاد، ويبلغ عددهم ما بين 20 و25 مليون نسمة من أصل عدد سكان تركيا البالغ 80 مليون نسمة.
وكان قد أشار في عدة مقابلات صحفية إلى أنه سمع لأول مرة بــ “الأكراد” في مرحلة الدراسة الثانوية للتأكيد على التعتيم الإعلامي على الهوية الكردية. وانخرط في الحياة السياسية بعد تأثره باغتيال رئيس حزب العمل الشعبي الكردي وداد آيدن، الذي سجلت جريمة اغتياله ضد مجهول عام 1991.
وشارك في تأسيس حزب الشعوب الديمقراطي في عام 2012 وترأس الحزب مناصفة مع السياسية التركية اليسارية فيغن يوكسكداغ. ويقول الحزب عن نفسه بأنه المظلة التي تحمي حقوق جميع المكونات الموجودة في تركيا وليس الأكراد فقط.
ومنذ تسعينات القرن الماضي، تم حظر نحو عشرة أحزاب داعمة لقضايا الأكراد أو اضطرّت إلى حل نفسها قبل حظرها.