سياسة

الدعم الأميركي لمغربية الصحراء يثير ارتباكاً في الموقف الجزائري


جددت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء دعمها المطلق والثابت لمغربية الصحراء موضحة أن المحادثات لحل النزاع المفتعل ينبغي أن تجري فقط على أساس خطة مغربية من شأنها منح المنطقة بعض الحكم الذاتي تحت سيادة الرباط وهو تأكيد يكشف عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. كما انه يربك الجزائر التي سارعت لاصدار بيان كشف حالة الانكار التام. لما حققته السلطات المغربية لتوسيع الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء.

وبحسب بيان للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، أخبر الوزير ماركو روبيو في اجتماع مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في واشنطن أن الخطوة .التي اتخذها الرئيس دونالد ترامب في عام 2020 للاعتراف بسيادة الرباط على المنطقة تظل سياسة أميركية.
وقالت بروس إن “الوزير أكد مجددا دعوة الرئيس ترامب الأطراف إلى الانخراط في مناقشات دون تأخير، باستخدام مقترح الحكم الذاتي المغربي كإطار وحيد للتفاوض على حل مقبول للطرفين”.
وتمسك واشنطن بمغربية الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي ليس مجرد سياسة .وقتية تتغير بحسب الظروف بل هو خيار استراتيجي واضح يعكس التزام الولايات المتحدة بمبادئ الاستقرار الإقليمي والعدالة حيث يعبر هذا الموقف عن قناعة راسخة ومقاربة دائمة لنزاع مفتعل طال أمده. بغض النظر عن تغير الإدارات الأميركية. 

وبحسب بروس، قال روبيو الثلاثاء إن الاقتراح .الذي قدمه المغرب لأول مرة في عام 2007 “جدي وموثوق وواقعي” و”الأساس الوحيد لحل عادل .ودائم للنزاع” مضيفة أن “الولايات المتحدة لا تزال تعتقد أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن”.
ويشكل تمسك واشنطن بمغربية الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي رسالة قوية موجهة إلى الجزائر التي تواصل دعمها لجبهة البوليساريو ما يفرض على الحكومة الجزائرية .مراجعة سياستها العقيمة بشأن النزاع المفتعل وأن تتبنى مقاربة أكثر براغماتية تساهم في تعزيز السلام والتنمية في شمال إفريقيا.ورغم واقعية الطرح الاميركي لكن الخارجيةالجزائرية اختارت التمسك بنهجها العقيم معبرة في بيان عن استائها من موقف واشنطن رغم انه غير جديد. وثابت في دعم الحقوق المشروعة للمغرب ما يكشف حالة النكران من قبل الدبلوماسية الجزائرية تجاه واقع جديدة يؤكد على سيادة الرباط على أراضيها.

وكررت خطابها بأن “قضية الصحراء تتعلق بالأساس بمسار تصفية استعمار لم يُستكمل وبحق في تقرير المصير لم يُستوف” في موقف لم يعد يحظى بتأييد المجتمع الدولي .والقوى الكبرى المؤيدة بشكل تام لموقف الرباط.
وفي استمرار لخطاب الانكار قالت الخارجية الجزائرية “إن أي حياد عن هذا الإطار لا يخدم بالتأكيد قضية تسوية هذا النزاع. مثلما أنه لا يُغير البتة من الحقائق الأساسية اللصيقة به .والتي أقرتها وثبتتها الأمم المتحدة عبر جميع هيئاتها الرئيسية. بما في ذلك الجمعية العامة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية”.
وسعت الجزائر في الفترة الأخيرة لتحسين علاقاتها مع واشنطن لكن متابعين يرون أن سياسة المناكفة في ملف الصحراء تؤثر حتما على تلك المساعي. ولا يمكن للجانب الجزائري أن يتغافل عن الدور الهام والحاسم لواشنطن في الملف.

كما ان انفتاح الحكومة الجزائرية على إيران في غمرة الجهود الاميركية. لتسوية الملف النووي من شأنه ان يزعج إدارة ترامب وهذا بدوره سيؤثر على محاولاتها لتعزيز الشراكة مع الجانب الأميركي. ويظهر جليا الموقف المهادن الذي اظهره البيان في تناقض مع مواقف حادة .ومتشنجة اتخذتها السلطات الجزائرية ضد دول في المنطقة اعترفت بمغربية الصحراء.
ويقطع موقف واشنطن الطريق على اي محاولات جزائرية للاستمرار في عرقلة تسوية نزاع الصحراء وفق المقربة الأميركية المدعومة دوليا. كما يعطي الموقف الأميركي يعطي دفعة قوية لمسار الاعترافات الدولية مغربية الصحراء .وقد تنهي العديد من الدول ترددها في دعم مقترح الحكم الذاتي.

 ويلاحظ أن دعم مغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي نهج سياسي واضح ودائم مهما تغيرت الإدارات الأميركية سواء في عهد الديمقراطيين والجمهوريين. فالإدارة الأميركية الديمقراطية السابقة بقيادة جو بايدن ساندت كذلك بشكل قوي حقوق الرباط وخاصة حقه في سيادته على صحرائه.
ويشهد الصراع المفتعل جمودا منذ فترة طويلة ويعود تاريخه إلى عام 1975. ويدور بين المغرب صاحب الأحقية على ارضه وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.

واعترف ترامب في نهاية ولايته الأولى بمطالبات المغرب بالسيادة على صحرائه في إطار اتفاق وافق بموجبه المغرب على تطبيع علاقاته مع إسرائيل. 

وبعد الخطوة الأميركية بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء فتح الجال امام الاعتراف الدولي الواسع في نجاحات دبلوماسية متتالية للرباط .حيث اتخذت فرنسا قرارا مماثلا في يوليو/تموز من العام الماضي.
وقالت إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة في الصحراء المغربية. في عام 2022 إنها تدعم خطة الحكم الذاتي التي طرحتها الرباط.

ويعتبر الموقف الأميركي مهما في توقيته ومضمَونه قبل إحاطة المبعوث الخاص للصحراء المغربية دي ميستورا في جلسة مغلقة لمجلس الامن حول تطورات الملف حيث سيشكل موقف ترامب 
ومن المنتظر أن يقدم المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية، ستيفان دي مستورا، إحاطته المرتقبة أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في الصحراء المغربية. حيث سيستعرض آخر التطورات المتعلقة بالصراع المستمر في المنطقة. 

وتتضمن الإحاطة تقييمًا للوضع السياسي والإنساني. بالإضافة إلى التقدم الذي تم إحرازه في مسار المفاوضات بين الأطراف المعنية. كما يتوقع أن يتم التطرق إلى الجهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة لتعزيز عملية السلام، مع التركيز على ضرورة إيجاد حل سياسي عادل ودائم للنزاع. سيكون لهذه الإحاطة أهمية كبيرة في تحديد الخطوات المستقبلية في إطار مساعي الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وتعثرت العملية التي قادتها الأمم المتحدة لحل الصراع إذ يقول المغرب .إن الحكم الذاتي هو الأساس الوحيد للمحادثات وهو موقف واقعي ويعتبر الحل الوحيد لإنهاء النزاع المفتعل، في حين تصر جبهة البوليساريو والجزائر على إجراء استفتاء في استمرار لسياسة التعنت.

وأكد عضو الكونغرس الأميركي، ماريو دياز-بالارت، أن تجديد الولايات المتحدة تأكيدها على الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء يعبّر عن “ثبات” موقفها. وذلك استمرارا للموقف الذي أبلغه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس. كما أشاد بالجهود التي يبذلها المغرب في سبيل تعزيز السلام والازدهار تحت قيادة جلالة الملك.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح العضو المؤثر في مجلس النواب الأميركي أن تأكيد سيادة المغرب على الصحراء يعكس الموقف .الذي تبناه الرئيس ترامب خلال ولايته الأولى، ويشمل أيضاً الاعتراف بأهمية دور المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، في قضايا ذات أهمية كبيرة. ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة والمغرب، بل أيضاً بالنسبة للمنطقة والعالم بشكل عام.

وأضاف أن “الدور الذي يلعبه المغرب في تعزيز السلام في الشرق الأوسط يعد محورياً وأساسيًا لرفاهية شعبي البلدين، المغربي والأميركي”. كما أشار إلى أنه لم يكن مفاجئًا، بل كان مشجعًا، أن يجدد كاتب الدولة التأكيد على أهمية العلاقة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة. ورؤية المملكة ورائدتها في هذا السياق.
وأكد أن ذلك يُظهر “ثبات موقف الرئيس ترامب” الذي كان دائمًا واضحًا بشأن هذه القضية. مشدداً على أن الولايات المتحدة تعتبر هذه العلاقة “استراتيجية”. حيث تساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي والسلام والازدهار.

السيادة الكاملة والمطلقة للمغرب على هذه المنطقة أصبحت اليوم مؤكدة بوضوح

ومن جانبه أفاد الخبير السياسي الفرنسي كريستوف بوتان أن تجديد الولايات المتحدة دعمها لسيادة المغرب على صحرائه يعد تجسيدًا لخيار جيوسياسي يعكس التزامًا ثابتًا .ومتينًا تجاه فاعل رئيسي على الساحة الدولية.
وأوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الإدارة الأميركية كانت .قد قدمت دعمًا كبيرًا في سنة 2020، ليس فقط للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء. المدعومة من طرف الأمم المتحدة، بل أيضًا لمغربية هذا الإقليم. وأكد أن “السيادة الكاملة والمطلقة للمغرب على هذه المنطقة أصبحت اليوم مؤكدة بوضوح”.

وأضاف أن “بعد مرور أربع سنوات ونصف، تؤكد إدارة ترامب الجديدة أن الحل الوحيد لتسوية هذا النزاع المفتعل حول الصحراء هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”. كما أشار إلى أن قرار الولايات المتحدة في 2020 كان له تأثير إيجابي على تطور هذا الملف على المستوى الدولي. حيث بدأت مواقف العديد من الدول تتغير، إما بالابتعاد عن الأطروحات التي تنكر مغربية الصحراء، أو بالتقرب نحو الاعتراف الصريح بسيادة المغرب، ومن أبرز هذه الدول ألمانيا وفرنسا.
وأكد بوتان أن هذا التجديد للموقف الأميركي سيترتب عليه آثار جديدة تدعم الاتجاه نفسه. وأضاف أن “الوضع الحالي للصحراء المغربية، كمنطقة اقتصادية واعدة بفضل ميناء الداخلة الأطلسي. وكقطب استقرار أمني في منطقة تتزايد فيها التهديدات، خصوصًا في الساحل المجاور. يجب أن يحفز دولًا أخرى على الانضمام إلى صف الداعمين لهذا الحل الواقعي”.

ورفضت الجزائر المشاركة في محادثات دعا إليها مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية. وتصر على إجراء استفتاء مع طرح خيار الاستقلال وهو موقف معزول لا يحظى بالدعم الدولي ويهدف فقط لتوتير الاجواء.

 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى