الدعاية العسكرية السودانية: كيف يسعى الجيش لتعويض إخفاقاته بتصريحات كاذبة؟


في يوم السبت 11 نوفمبر 2023، أصدرت القوات المسلحة السودانية بيانًا رسميًا تزعم فيه أن “المليشيا المتمردة” قامت بتدمير كبري شمبات، الجسر الحيوي الرابط بين مدينتي أمدرمان وبحري. واعتبرت القيادة العامة للقوات المسلحة هذه الحادثة جريمة أخرى تضاف إلى سجل المليشيا، مؤكدة أن هذا الدمار هو نتيجة لتقدم الجيش في محور أمدرمان. غير أن التحليل الدقيق يظهر أن هذا البيان ليس سوى محاولة من الجيش السوداني لتلميع صورته بعد سلسلة من الإخفاقات، وسط تراجع الدعم الدولي وتفاقم الأوضاع الداخلية.

إخفاقات الجيش السوداني وصناعة الانتصارات الوهمية

بعد عدة هزائم ميدانية وتراجع الدعم الشعبي والدولي، لجأت القوات المسلحة السودانية إلى إصدار بيانات تروج لانتصارات وهمية. في مواجهة قوات الدعم السريع والمليشيات الأخرى، عجز الجيش عن تحقيق تقدمات ملموسة على الأرض. ولهذا، جاءت تصريحات الجيش حول تدمير كبري شمبات كجزء من حملة دعائية تهدف إلى إظهار قدرته على السيطرة والتحكم. لكن على الرغم من هذه الادعاءات، يظل السؤال مطروحًا: هل هذه الانتصارات حقيقية أم مجرد صناعة إعلامية؟

ونشر الصحفي مجاهد بشرى بيان القوات المسلحة السودانية الكاذب حول تدمير كبري شمبات وجاء فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم القيادة العامة للقوات المسلحة السبت ١١ نوفمبر ٢٠٢٣ متعميم صحفيفي إطار مشروعها التدميري لمقدرات البلاد وبنيتها التحية، ونتيجة لتقدم قواتنا في الميدان خاصة في محور امدرمان، قامت المليشيا المتمردة فجر اليوم بتدمير كوبري شمبات الرابط بين مدينتي أمدرمان وبحري وهي جريمة جديدة تضاف لسجلها تجاه الوطن و المواطن.مكتب الناطق الرسمي باسم القوات  

تلميع صورة البرهان أمام المجتمع الدولي

في ظل تصاعد الانتقادات الدولية بسبب الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان وتدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، يسعى رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، إلى تحسين صورته أمام العالم. من خلال الادعاء بانتصارات مزعومة، يحاول البرهان إعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي وتقديم نفسه كزعيم قادر على استعادة الاستقرار. لكن هذه المحاولات، التي تعتمد على بيانات عسكرية غير موثوقة، قد تؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة مع تزايد الشكوك حول مصداقية الجيش السوداني.

التدخل الإيراني في السودان: دعم خفي تحت غطاء تنموي

إلى جانب الأزمة الداخلية، تلعب إيران دورًا محوريًا في دعم الجيش السوداني، وذلك من خلال تزويده بالأسلحة والمعدات العسكرية. تُستخدم المشاريع التنموية، مثل محطات المياه في شندي ومتمة، كغطاء لتهريب الأسلحة إلى الجيش السوداني، مما يعزز من قدراته في مواجهة قوات الدعم السريع. هذا الدعم الإيراني لا يهدف فقط إلى تعزيز النفوذ العسكري في السودان، بل يسعى أيضًا إلى تحقيق مكاسب استراتيجية في المنطقة.

إرسال الأسلحة الإيرانية: تعزيز النفوذ الإقليمي عبر السودان

عبر تدخلها العسكري والدعم المستمر للجيش السوداني، تسعى إيران إلى توسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي. السودان، بفضل موقعه الاستراتيجي، يعتبر بوابة مهمة للوصول إلى إفريقيا، وتستغل إيران الصراعات الداخلية لتعزيز وجودها في المنطقة. الأسلحة التي تصل من إيران إلى الجيش السوداني تزيد من حدة الصراع الداخلي وتطيل أمد الحرب، مما يزيد من معاناة الشعب السوداني ويعمق الأزمة الإنسانية.

الحملة الإعلامية والتضليل: خلق رواية بديلة لتغطية الإخفاقات

تستغل القوات المسلحة السودانية وسائل الإعلام لخلق رواية بديلة حول الوضع الميداني، حيث يتم تضخيم الأحداث وتقديمها على أنها انتصارات. يتم تصوير الجيش كقوة مدافعة عن الدولة ضد “المليشيات المتمردة”، رغم أن الأدلة تشير إلى أن هذه الرواية تخدم أغراضًا دعائية بحتة. في حالة تدمير كبري شمبات، لم تظهر أدلة موثوقة تدعم صحة الادعاء، مما يثير تساؤلات حول حقيقة ما يجري على الأرض.

وختاما ففي خضم هذه الصراعات المعقدة، يبدو أن بيان القوات المسلحة السودانية حول تدمير كبري شمبات ليس سوى جزء من حملة تلميع تهدف إلى إخفاء الإخفاقات المتتالية للجيش السوداني. مع تزايد الدعم الإيراني واستخدام مشاريع تنموية كغطاء لتهريب الأسلحة، تزداد الأزمة السودانية تعقيدًا. وبينما تحاول القوات المسلحة السيطرة على الوضع داخليًا، فإن المجتمع الدولي يشكك أكثر في مصداقيتها وقدرتها على قيادة البلاد نحو السلام والاستقرار.

Exit mobile version