سياسة

الدبيبة يتحدى البرلمان ويرفض قرار سحب الثقة من حكومته


 رفضت حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، مساء الثلاثاء، قرار مجلس النواب بسحب الثقة منها معتبرا إياها “رأيا سياسيا غير ملزم” وهو موقف أيده المجلس الرئاسي بينما رحب بالقرار قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر فيما لا تغادر الأزمة مربع الشد والجذب بين السلطتين وسط مؤشرات تصعيد ومواجهة محتملة.

وصوت نواب البرلمان الليبي بالإجماع في جلسته العامة على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية التي جاءت بالمرحلة التمهيدية في إشارة الى المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة، التي انقضت المدة المحددة لها والمتجاوزة 18 شهرا، واعتبار حكومة أسامة حماد هي الحكومة الشرعية.

وقال النواب الموقعون على مذكرة العودة إلى الإعلان الدستوري إنه “بناء على خارطة الطريقة المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، الذي انعقد في جنيف 18 يناير/كانون الثاني من عام 2021، وتحديدا نص المادة الثالثة من الاتفاق السياسي المعنية بالإطار الزمني للوصول إلى الانتخابات العامة في فقرته الثانية، تنتهي المرحلة الانتقالية للحل الشامل خلال 18 شهرا كحد أقصى، على أن تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفق الاستحقاقات الدستورية يوم 24 ديسمبر 2021.

وفعليا المرحلة التمهيدية انتهت مدتها، ولم يتحقق شيء من الأهداف التي جاء من أجلها المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة، ولم تتضمن خارطة المرحلة التمهيدية في الإعلان الدستوري، “مما يعني أن الاستمرار في المرحلة التمهيدية مخالفا للإعلان الدستوري الذي هو السند الشرعي لمؤسسات الدولة، وما يخالفه باطل، خصوصا بعد مضي مدة طويلة، ولم نصل للخروج من الأزمة” بحسب النواب. 

وأضاف الموقعون أن “الأمر يقتضي العودة للشرعية الدستورية والإعلان الدستوري والعمل بمقتضاه، وبناء على ما ذكر تنتهي جميع الصلاحيات التي منحتها المرحلة التمهيدية للسلطة التنفيذية دون أداء الغرض الذي أُنشأت من أجله، وهو ما يقتضي إنهاء جميع الآجال المتفق عليها والمحددة نصا وقانونا لعمل السلطة التنفيذية”. 

وأصدر مجلس النواب التشريعات اللازمة لتنفيذ بنود الاتفاق السياسي في الآجال المتفق عليها بالمرحلة الانتقالية، من أجل الإعداد لبيئة ديمقراطية لإنجاز الانتخابات. وقال المتحدّث باسم البرلمان الليبي عبدالله بليحق إن “المجلس يرى أن حكومة أسامة حماد هي الحكومة الشرعية حتى يتم اختيار حكومة موحّدة”، مشيرا الى أنه تم “تسمية رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قائدا للجيش الليبي. وفقا لما ورد في الإعلان الدستوري وقرارات المجلس”.

وكان صالح قد دعا الى تشكيل سلطة موحدة قادرة على تفكيك المركزية في البلاد عبر تقسيمها إلى محافظات تدير شؤون سكانها بميزانيات تقدر وفق عدد السكان والمساحة ومصادر الثروة فيها.
وأضاف، في كلمته خلال جلسة الجلسة العامة أن “مطالبة مجلس النواب بتوحيد السلطة ومشاركة الجميع، يأتي في إطار الحرص على وحدة البلاد ووقف الصراع وإنهاء الأزمة والوصول إلى توزيع عادل للثروة بحيث يتمتع الليبيون في المدن والقرى والأقاليم الثلاثة بحقوق متساوية. ووحدة السلطة مهم لتفكيك جغرافيا الصراع وإنهائه”.

 

وعن تلك الجلسة، قالت حكومة “الوحدة الوطنية”. عبر بيان، إنه في ظل انشغالها “بتحسين الخدمات العامة واتخاذ إجراءات تسهم في الارتقاء بالوضع المعيشي للشعب التقى عقيلة صالح مع عدد من النواب الشاغلين لكراسيهم منذ عقد ونصف ليعلنوا عن جملة من القرارات مكررة الشكل والمضمون والوسيلة”.
وتقصد حكومة “الوحدة الوطنية” بعبارة “قرارات مكررة الشكل والمضمون” قرار مجلس النواب اعترافه في 21 ديسمبر/كانون الأول 2021 سحب الثقة منها. ما يعني أن إجراء اليوم هو الثاني من نوعه من جانب المجلس.

وفيها بيانها أيضا، أوضحت الحكومة أنها “تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي الليبي (الموقع بالمغرب عام 2015) المُضمَّن في الإعلان الدستوري. وتلتزم بمخرجاته التي نصت على أن تُنهي الحكومة مهامها بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتُنهي المرحلة الانتقالية الطويلة التي عاشتها وعانتها البلاد”.
كما قالت أن “رئيس مجلس النواب (عقيلة صالح) يُصرّ مع عدد من النواب على عقد جلسات غير مكتملة النصاب ولا تتسم بالنزاهة والشفافية”. إضافة لـ”تخليهم عن التزاماتهم تجاه الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري وتعهداتهم للأطراف السياسية عبر إعلانهم المتكرر الذي يفيد بسحب الثقة من الحكومة وتنصيب حكومة موازية ليس لها ولا لحقائبها الشكلية أي أثر ملموس”.

واعتبرت “قرارات مجلس النواب التي لا تغير من الواقع شيئا عبارة عن بيانات ومواقف صادرة عن طرف سياسي يصارع من أجل تمديد سنوات تمتُّعه بالمزايا والمرتبات أطول مدة ممكنة لا عن سلطة تشريعية تمثل كل الأمة الليبية”.
وأضافت الحكومة أنها “تتعامل مع هذه البيانات (قرار سحب الثقة). المتكررة على أنها رأي سياسي غير ملزم، وشكل من أشكال حرية التعبير لأحد الأطراف السياسية التي تؤمن بها الحكومة وتكفلها لكل الأطراف والمواطنين على حد سواء”.
وأبدى نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبدالله اللافي، مساء الثلاثاء، رفضه لقرار مجلس النواب سحب صفة القائد الأعلى للجيش من مجلسه. معتبرا هذا القرار “هو والعدم سواء”، بينما رحب قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر به.

وقال الافي عبر حسابه على منصة “إكس”. إن “المجلس الرئاسي جاء وفق اتفاق بين الأطراف المحلية والدولية. وقرار إنشائه تم بتأييد مجلس الأمن لمخرجات مؤتمر برلين (بشأن ليبيا) عبر قراره رقم 2510 لعام 2020″.
وأضاف أن الاختصاصات التي تم منحها للمجلس الرئاسي جاءت “وفق المادة 64 من الاتفاق السياسي (الموقع بالمغرب عام 2015) .التي شُكل على أساسها ملتقى الحوار السياسي الليبي (في جنيف عام 2021)”.
واعتبر أنه بناءً على ذلك “فإن شرعية السلطات والأجسام السياسية الموجودة في المشهد الليبي اليوم تستمد شرعيتها من هذا الاتفاق”.

وأكد أن “أي تعديل يطال هذه الأجسام، أو اختصاصاتها يتطلب العودة لنصوص الاتفاق السياسي المستندة على ذات المادة المذكورة” متابعا “.وعليه أن ما يُتخذ من خطوات تخالف ذلك هي والعدم سواء”.
وأهاب اللافي بالبعثة الأممية للدعم في ليبيا بـ”ضرورة بذل المزيد من الجهود لإقناع الأطراف بسرعة الالتقاء لمناقشة القضايا السياسية الملحة. حيث أنها باتت اليوم تهدد بانجرار الأوضاع نحو النزاعات المسلحة، التي قد تعصف بقرار وقف إطلاق النار”
وتابع “في ذات الوقت ندعو الجميع لتغليب مصلحة الوطن عبر تعزيز فرص الحوار بإرادة وطنية صادقة، وخطوات فاعلة، تخفف من حدة الاستقطاب. وتساهم في استقرار الوطن وتصون وحدته”.

من جانبه، رحب حفتر بقرار مجلس النواب بشأن منصب القائد الأعلى للجيش. حيث قالت قوات شرق ليبيا، عبر بيان، إن “القيادة العامة (حفتر) ترحب بقرار مجلس النواب بشأن صفة وصلاحيات القائد الأعلى التي يملكها مجلس النواب صاحب الشرعية الدستورية، وهو الجسم السياسي الوحيد المُنتخب من قبل الشعب”.

وكان الاجتماع الثلاثي في القاهرة بين رؤساء مجلس النواب. والمجلس الأعلى للدولة، والمجلس الرئاسي في القاهرة منتصف شهر يوليو/تموز برعاية جامعة الدول العربية. قد دعا الى “تشكيل خارطة سياسية لإنهاء الأزمة وصولاً للانتخابات، والشروع في تلقي التزكيات ودراسة ملفات المرشحين لرئاسة الحكومة”. وفي أولى ردود الأفعال على قرار البرلمان. وجه رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري خطابا لصالح، أكّد فيه أن سحب صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي باطل. ومخالف للمادة (12) من الأحكام الإضافية للاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات العام 2015″.

ويبدو أن الخلافات بين مؤسسات الدولة لن تنتهي. بل أنها ستزيد من حدّة الانقسام السياسي وتعمّق من الأزمة والجمود مما يقضي على آمال الليبيين في انهاء النزاع واجراء انتخابات.

وكان المجلس الأعلى للدولة اتهم في وقت سابق مجلس النواب بعرقلة المسار السياسي عبر اتخاذه لإجراءات وصفها بأحادية الجانب. وقال إن “تكرار الفشل سيؤدي الى ترسيخ حالة الانقسام”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى