سياسة

الحوثي يكتوي بدائرة ناره

عبدالحميد توفيق


مع كل دعوة دولية من أجل السلام في اليمن تلجأ مليشيا الحوثي إلى سلوكٍ عدواني تكشف من خلاله نزعتها، التي تستهدف أمن الإقليم برمته، بعد أن أوغلت في إيذاء اليمن واليمنيين.

برهنت في أكثر من محاولة على أنها مخلب من مخالب مشروع خارجي يتعارض ويتناقض مع هوية اليمن وانتمائه. تضرب بعرض الحائط مطالب الشعب اليمني بالسلام والاستقرار ضمن محيطه العربي.

منذ أن بدأت التحولات الجذرية في ساحة الميدان تصب في صالح كفة الشرعية اليمنية عبر إسناد قوات التحالف العربي، أماط الحوثي اللثام عن حقيقته وبدا مكشوفا أكثر حيال مضمون أهدافه ودوره في مجمل الاضطراب الذي تسعى طهران إلى إحداثه في اليمن وفي محيطه العربي للتسلل عبر طرق ملتوية وأبواب مواربة.

لا يقتصر التخبط الذي تعكسه السلوكيات العدوانية لمليشيا الحوثي على حدوده اليمنية الداخلية، بل يتجاوزها إلى الخارج، مرة في المياه الدولية والإقليمية كما حدث من قرصنة لسفينة روابي التي لقيت إدانة دولية بالإجماع، وأخرى ضد الأحياء السكنية الآمنة في بعض مدن المملكة العربية السعودية، وصولا إلى عدوانها على بعض المرافق المدنية في دولة الإمارات العربية المتحدة.

مَن يدفع ثمن ارتهان الحوثي للمشاريع الخارجية هو الشعب اليمني بجميع أطيافه ومكوناته. حوّل الإرهاب الحوثي قطاعات واسعة من اليمنيين في المدن والبلدات التي يستولي عليها إلى رهائن بكل ما في الكلمة من دلالة ومعنى، شبابه أسرى أهوائه، والآخرون الرازحون تحت تهديده لا يجدون ما يقيهم شروره.

يتبادر إلى الأذهان سؤال بسيط ملخصه باختصار شديد: لماذا لا تقبل مليشيا الحوثي عروض السلام التي يتم طرحها من جهات عربية ودولية حتى الآن؟
الجواب أكثر بساطة من السؤال: الحوثي رهينة وخادم لمشروع إيراني تغريبي لا يأبه بدم اليمنيين، لا حاضرهم ولا مستقبلهم. يضعهم خدمة لهذا المشروع على مقصلة لا يتوقف دورانها. التقت نزعة العدوان لدى مليشيا الحوثي مع أوهام الاستيلاء على البلاد وأخذ العباد أسرى، فتضخمت، بسبب الحسابات الخاطئة والقراءات القاصرة، هذه النزعة حتى لامست تصوراتُهم تصوراتِ أسيادهم بالتورط في استهداف دول عربية مجاورة ظلت على عهدها عبر قرون من الزمن مخلصة لليمن ولليمنيين بالتزام جدي عماده وحدة الوجود ووحدة المصير بفعل تشابك وتداخل العوامل المتعلقة بالأمن المشترك والمصالح المتبادلة وعوامل التاريخ والجغرافيا والمجتمع.

المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أصلب وأكبر من أن تهزهما عدوانات مليشيا فقدت بصيرتها تحت وطأة هزائم متدرجة ومستمرة على مدار الأيام الماضية. أمام إرادة الشعب اليمني المستند إلى عمق هويته العربية وجذورها لن تستطيع مثل هذه الشرذمة أن تنال من خياراته ولن تتمكن من قطع وشائج علاقته بمحيطه. دروس رد التحالف العربي على استهداف منشآت مدنية إماراتية بليغة في دلالاتها وتبعاتها. ما حققه التحالف في إطار رده يتجاوز عدد ونوعية الأهداف العسكرية التي تم استهدافها، كما أنه يتعدى حدود إحصائيات قتلى قادة الحوثي، إنها رسائل تحمل في طياتها تحذيرات قاطعة بأن التحالف العربي يعمل في إطار نجدة اليمنيين وحمايتهم، ولا يسمح بالتطاول على أحد من أعضائه ولا على رموزه السيادية. الإدانات الواسعة للاعتداء الإرهابي الحوثي على المنشآت المدنية في الإمارات رافقها ارتفاع منسوب الحديث في الأوساط الدولية عن ضرورة تصنيف هذه المليشيا ضمن قوائم المنظمات الإرهابية. تصنيفها يعني تصنيف الجهات الراعية لها أيضاً. ضربة معنوية موجعة لا بد من العمل على إنجازها كي تضاف إلى سلسلة الضربات الميدانية الواسعة وما أحدثته من تصدعات في صفوفهم، وما أوقعته من إصابات مباشرة في عدد كبير من قياداته.

من حيث يدري أو لا يدري، يغذّي الحوثي الإرهابي بسلوكه الأرعن قناعات المجتمع الدولي بضرورة العمل ضد نزعته العدوانية، ويوسع دائرة الضغط عليه لقبول مطالب الدوائر الدولية وطروحاتها بشأن السلام في اليمن.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى