التقارب بين الدوحة وبيكين يهدد العلاقات القطرية الأمريكية
عقد أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين مساء السبت. لتعزيز علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات والدفع بها إلى مستويات أرفع. لا سيما في مجال التبادل التجاري والاستثماري والتعاون الرياضي. خاصة مع استعدادات قطر لاستضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.
وتسعى قطر لتقوية التعاون مع الصين في شتى المجالات، خاصة الاقتصاد والطاقة والصناعة والسياحة. في محاولة للنهوض باقتصادها بعد الخسائر التي تجرعها إثر مقاطعة الرباعي العربي للدوحة بسبب دعمها للإرهاب.
وقبل ذلك بأيام، كان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد أبلغ رسمياً بتصنيف قطر حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي “الناتو”. وجاء ذلك عقب المباحثات التي أجراها مع الشيخ تميم في البيت الأبيض.
فماذا يعني ذلك؟
رغم الفوائد التي ستعود على قطر جرّاء اتخاذ قرار التحالف القطري الأمريكي في ظل “الناتو”. وخاصة ما يتعلق بالتدريبات العسكرية المشتركة وعقود صيانة السلاح الأمريكي. إذا نشبت حرب في أوكرانيا مع أن الإشراف على ذلك سيكون ضمن الكوادر الفنية الأمريكية. إلا أن هناك أضرارا كارثية حيث إن رائحة الغاز ستبدو أكثر نفاذاً لدى المراقبين، كونها الهدف من قرار الزج بقطر في أتون حرب لا فائدة لها منها.
ففي تقرير حديث لجهاز التخطيط والإحصاء القطري صدر في 18 يناير 2022، بلغ إنتاج قطر من الغاز الطبيعي خلال عام 2020 مستوى 171.3 مليار متر مكعب (126 مليون طن متري)، وهو ما يعادي 4.4 بالمائة من إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في العالم. ما يجعل قطر تحتل المرتبة الخامسة كأكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم بعد الولايات المتحدة، وروسيا، وإيران، والصين.
هذا، ويعتمد الكثيرُ من دول العالم على الغاز الطبيعي القطري حتى الصين التي تحتاج للمزيد وتستورد من قطر لتعويض النقص لديها. ومن الواضح أن فائض الإنتاج القطري من الغاز الطبيعي لن يحل مشكلة أوروبا حتى لو ألغت الدوحة عقودها مع المستوردين لتوفير المطلوب. وحتى لو نجحت نسبياً في ذلك وتحملت التبعات السياسية، والقانونية، والمعنوية كثقة العملاء بها، فهل تغص الصين الطرف عن ذلك؟ أم تدرج قطر في قائمة الأعداء! وهذا خطير جداً بالنسبة لقطر المقبلة على مستقبل تنموي بهار، حيث من المتوقع أن تنتهك العقود الصينية القطرية، ما يضع الأخيرة في فوهة المدفع.
التخندق القطري إلى جانب أمريكا سيجعل من الدوحة هدفاً عسكرياً للخصمين الروسي والصيني على افتراض أن قرار الحرب يتم بالتنسيق بينهما لإرباك الطرف الأمريكي، أي أن حقول الغاز التابعة لشركة ” قطر غاز” والناقلات البحرية التابعة لها سوف تدرج ضمن الأهداف الثابتة والمتحركة.
وفي المقابل، لو قررت قطر تعزيز العلاقات مع الصين ولم تصطف إلى جانب واشنطن في حربها ضد موسكو وبيكين، فسوف تتوتر علاقاتها مع الولايات المتحدة ويهدم ما تم بناؤه خلال سنوات.
فهل تستغل الولايات المتحدة قطر كسلاح سلاح استراتيجي في استنزاف كلٍّ من روسيا والصين اقتصادياً على مدى المواجهات القريبة المحتملة؟ والمدى البعيد في إطار حرب باردة تبدت ملامحها وتنتظر اصطفافات جديدة؟