الالتهاب الرئوي لدى الأطفال في الصين.. ما سببه؟
تواجه الصين ارتفاعا حادا في الالتهاب الرئوي لدى الأطفال، ورغم توقع العلماء حدوث طفرة في أمراض الجهاز التنفسي لكن ما تشهده بكين غير عادي.
وقالت منظمة الصحة العالمية (WHO)، خلال الأسبوع الماضي، إن التهابات الشتاء الشائعة، وليس أي مسببات أمراض جديدة، هي السبب وراء الارتفاع الكبير في حالات العلاج في المستشفيات.
وكان من المتوقع ارتفاع عدد الإصابات في بكين هذا الشتاء، باعتباره الموسم البارد الأول في الصين دون قيود “كوفيد-19” منذ بدء الوباء في عام 2020.
ويقول علماء الأوبئة، إن الأمر غير المعتاد هو ارتفاع معدل انتشار الالتهاب الرئوي في الصين، لكن عندما تم تخفيف قيود “كوفيد-19” في بلدان أخرى أدت الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي (RSV) في الغالب إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالمرض.
سبب موجة الالتهاب الرئوي لدى الأطفال في الصين
طلبت منظمة الصحة العالمية معلومات، بما في ذلك النتائج المختبرية والبيانات حول الاتجاهات الحديثة لانتشار أمراض الجهاز التنفسي، من السلطات الصحية الصينية الأسبوع الماضي.
وقالت المنظمة، في بيان صدر في 23 نوفمبر/تشرين الثاني، إن السلطات الصحية الصينية أرجعت الارتفاع في عدد حالات العلاج في المستشفيات منذ أكتوبر/تشرين الأول إلى مسببات الأمراض المعروفة، مثل الفيروسات الغدية، وفيروس الأنفلونزا، والفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، والتي تميل إلى التسبب فقط في أعراض خفيفة تشبه أعراض البرد.
ومع ذلك، فإن الزيادة في عدد الأطفال الذين يدخلون المستشفى منذ شهر مايو/أيار، خاصة في المدن الشمالية مثل بكين، ترجع بشكل رئيسي إلى المفطورة الرئوية، وهي بكتيريا تصيب الرئتين.
المفطورة الرئوية سبب شائع لـ”الالتهاب الرئوي المشي”، وهو شكل من أشكال المرض الذي عادة ما يكون خفيفًا نسبيًا ولا يتطلب الراحة في الفراش أو دخول المستشفى، ولكنه يصيب الأطفال بشدة هذا العام.
ونقل موقع nature عن بنجامين كاولينج، عالم الأوبئة في جامعة هونج كونج، قوله: “هذه طفرة شتوية نموذجية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة”.
وأضاف عالم الأوبئة الصيني، الذي لم يتفاجأ بموجة المرض: “يحدث هذا قليلاً في وقت سابق من هذا العام، ربما بسبب زيادة تعرض السكان للإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الناتجة عن ثلاث سنوات من تدابير كوفيد”.
وكان انتعاش أمراض الجهاز التنفسي الشائعة خلال فصل الشتاء الأول بعد تخفيف التدابير الوبائية، مثل ارتداء الأقنعة وقيود السفر، نمطا مألوفا في بلدان أخرى.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، كان عدد الأشخاص الذين تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب الإنفلونزا في الولايات المتحدة هو الأعلى مقارنة بالوقت نفسه من العام منذ سنة 2010.
وقال فرانسوا بالوكس، عالم الأحياء الحسابي في كلية لندن، إن عمليات الإغلاق على مستوى البلاد وغيرها من التدابير المطبقة لإبطاء انتشار كوفيد-19 منعت مسببات الأمراض الموسمية من الانتشار، ما أتاح للناس فرصة أقل لبناء مناعة ضد هذه الكائنات الحية الدقيقة، وهي ظاهرة تعرف باسم “دين المناعة”.
وأضاف بالوكس، في بيان لمركز الإعلام العلمي في المملكة المتحدة: “نظرًا لأن الصين شهدت إغلاقًا أطول وأكثر قسوة من أي دولة أخرى على وجه الأرض، فقد كان من المتوقع أن تكون موجات الخروج من الإغلاق كبيرة هناك”.
ومع ذلك، فإن موجة المرض الصينية تختلف عن تلك التي شوهدت في البلدان الأخرى، إذ عانت بعض الدول من عدوى الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي خلال فترات الشتاء التي أعقبت فيروس كورونا، ولكن في الصين كانت عدوى المتفطرة الرئوية شائعة.
وهذا أمر مثير للدهشة لأن الالتهابات البكتيرية غالبًا ما تكون انتهازية وتترسخ بعد العدوى الفيروسية، كما يقول كاولينج.
على الرغم من أن الالتهاب الرئوي الناجم عن البكتيريا يُعالج عادة بالمضادات الحيوية المعروفة باسم “الماكروليدات”، إلا أن الاعتماد المفرط على هذه الأدوية أدى إلى تطوير مقاومة العامل الممرض.
وتشير الدراسات إلى أن معدلات مقاومة المفطورة الرئوية للماكروليدات في بكين تتراوح بين 70% و90%.
وعلق كاولينج: “هذه المقاومة قد تساهم في ارتفاع مستويات دخول المستشفى هذا العام بسبب المتفطرة الرئوية، لأنها يمكن أن تعيق العلاج وتبطئ التعافي من عدوى الالتهاب الرئوي البكتيري”.