سياسة

الإمارات ومصر .. شراكة استراتيجية ورؤية استباقية وطموحٌ مشترك


شهدت العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية تطوراً كبيراً على مدار خمسة عقود ونصف، إلى أن وصلت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين، في ظل الروابط التاريخية المتجذرة التي تجمع البلدين على جميع المستويات، علاوةً على المصالح المشتركة بينهما.

ويولي قادة البلدين، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رعاية واهتماما كبيرا بالعلاقات الثنائية المشتركة، ويسعيان للدفع بها نحو التميز والارتقاء، اهتماماً منقطع النظير، وتربط بين القائدين علاقات أخوية ويتمتعان بثقل سياسي عالمي نظراً لدورهما في الارتقاء ببلديهما والحفاظ على أمنهما، وصون أمن المنطقة واستقرارها في مواجهة التحديات الراهنة، ومكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره.

ومنذ 7 يونيو 2014 حتى لقائهما في قاعدة 3 يوليو في 3 يوليو الماضي، بلغت حجم الزيارات المتبادلة بين كل من ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نحو 26 زيارة.

وشهدت السنوات الأخيرة تنسيقاً وثيقاً بين القيادتين الإماراتية والمصرية حيال القضايا السياسية المحورية، وتقارباً كبيراً في الرؤى والمواقف السياسية تجاه القضايا الإقليمية التي تمثلت في التسوية السياسية لتلك الأزمات حفاظًا على مقدرات الشعوب، وصوناً لأمن الدول العربية والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي العربية، وتعزيز العمل العربي المشترك، ودفع الجهود الدولية للتوصل لحلول سياسية لمختلف الأزمات الإقليمية، لاسيما تلك المرتبطة بمكافحة الإرهاب.

وعلى المستوي العسكري، شهدت الفترة الممتدة ما بين عام 2014 وحتى اليوم، تعاوناً استباقياً في المجال العسكري بين البلدين، شاركت قوات البلدين البحرية والجوية والبرية في سلسلة من التدريبات العسكرية المشتركة كان أبرزها فعاليات التمرين العسكري المشترك زايد 3 في مايو الماضي التي جرت علي أرض الإمارات، كما شاركت القوات الإماراتية في فعاليات التدريب المشترك “سيف العرب” في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قاعدة محمد نجيب العسكرية في مصر، كما نفذت القوات المسلحة الإماراتية والمصرية التدريب العسكري المشترك “صقور الليل” في نوفمبر 2019، وفي 25 يوليو 2018 انطلقت فعاليات التدريب البحري المشترك استجابة النسر 2018، وسبقتها في أبريل من العام ذاته فعاليات التدريب البحري المصري الإماراتي المشترك خليفة 3، وغيرها الكثير والكثير من التدريبات والمناورات المشتركة بين البلدين.

ولم يكتفِ البلدان بالتدريبات المباشرة، بل أسهما في مناورات مشتركة مع دول كبرى، وبينها الولايات المتحدة الأمريكية في كل من تحية النسر، والنجم الساطع، ثم عربياً عبر درع العرب للتعرف على أحدث النظم وأساليب القتال وتعظيم الاستفادة، وتناولت تدريبات النجم الساطع مكافحة الإرهاب، والتدريب على كل سيناريوهات التهديدات المختلفة في ظل الحرب التقليدية وغير النظامية.

وعكست التمارين العسكرية المشتركة رغبة قيادة البلدين في ترسيخ أسس التعاون العسكري، وتطوير العمل المشترك بين القوات المسلحة المصرية والقوات المسلحة الإماراتية.

قاعدة 3 يوليو

وحرص ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على المشاركة في مراسم افتتاح وتدشين جميع القواعد العسكرية المصرية الجديدة، ومنها مشاركته في افتتاح قاعدة “3 يوليو” البحرية في منطقة جربوب المطلة على البحر المتوسط، والتي تعد أحدث القواعد العسكرية المصرية على البحر المتوسط، وتهدف إلى تأمين مصر في الاتجاه الاستراتيجي الشمالي والغربي، بالإضافة إلى مناورات قادر 2021 الاستراتيجية.

وعقب الافتتاح قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عبر حسابه الرسمي في تويتر: سعدت بحضور افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية المصرية في منطقة جرجوب، مصر بقيادة أخي عبدالفتاح السيسي تشهد إنجازات بارزة في مختلف القطاعات الحيوية، كل التوفيق للشعب المصري الشقيق في مسيرته نحو البناء والتنمية.

محمد نجيب

كما شارك ولي عهد أبوظبي في افتتاح قواعد عسكرية مصرية أخرى، في تأكيد منه على قوة ومتانة العلاقات المصرية الإماراتية، ففي يوليو من عام 2017 شاركت دولة الإمارات بوفد رفيع المستوي ترأسه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في حفل افتتاح قاعدة “محمد نجيب” العسكرية التي تعد أكبر قاعدة عسكرية في أفريقيا والشرق الأوسط بمدينة الحمام في محافظة مرسى مطروح، وتخريج دفعات من الكليات والمعاهد العسكرية.

قاعدة برنسيس

وفي منتصف شهر يناير من عام 2020 شارك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في افتتاح قاعدة برنيس العسكرية بجنوب محافظة البحر الأحمر، التي تم تدشينها لحماية وتأمين السواحل المصرية الجنوبية، كما شهد أيضاً فعاليات المناورة قادر 2020.

وقال ولي عهد أبوظبي في تصريحات له على هامش الافتتاح إن القوات المسلحة المصرية ليست حصناً لمصر الشقيقة فقط، وإنما هي قوة لكل العالم العربي لأن قوة مصر هي قوة للعرب جميعاً، ومصر بقواتها المسلحة القوية والمتطورة تمثل عنصر استقرار وسلام في المنطقة.

رؤى متسقة

وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية أخوية واستراتيجية، وتتسم بعمقها وتجذرها على المستويين الرسمي والشعبي في ظل الرؤى المتسقة بين قيادتيهما، والحرص المشترك على التشاور المستمر حول القضايا والملفات والتحديات في البيئتين الإقليمية والدولية والإيمان بوحدة الهدف والمصير، وأن تعزيز القدرات العسكرية المصرية والعربية يسهم في حماية المكتسبات التنموية لشعوب المنطقة، ويوفر البيئة الآمنة للتطور الاقتصادي والحضاري، وتعزيز الأمن والسلم ليس فقط على المستوى الإقليمي، وإنما على المستوى العالمي كذلك بالنظر إلى ما تمثله المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط من أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة إلى أمن العالم كله ومصالحه”.

وجسدت مشاركة ولي عهد أبوظبي في افتتاح أحدث وأهم القواعد العسكرية المصرية، والتمارين العسكرية، دعم الإمارات المستمر لمصر في مسيرتها التنموية الشاملة، انطلاقاً من إيمانها بأهمية دور مصر في حماية مكتسبات شعوب المنطقة، والحفاظ على أمنها واستقرارها.

وتتميز العلاقات الثنائية الأخوية بين الإمارات ومصر، بالرسوخ والتطور والثبات، والتعاون المستمر فيما بينهما من أجل التصدي للمخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي، يؤكد أن الشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما هي رصيد للأمة العربية، ودرعها الحصين في مواجهة التحديات.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى