سياسة

الإمارات.. ودعم الحوار في أزمة أوكرانيا

عبدالجليل السعيد


النزاع الروسي-الأوكراني يهيمن اليوم على أخبار القارة العجوز.

وكما كان متوقعاً وقع المحظور بين الجارَين روسيا وأوكرانيا، وباتت المواقف الدولية تتوزع بين مَن يقف إلى جانب كييف ومَن يقف إلى جانب موسكو، لكن هناك من يقف إلى جانب السلم عموما، عبر مبدأ الحوار والتفاوض، وكان على رأس هؤلاء دولة الإمارات.

كان مجلس الأمن الدولي ساحة جديدة لصراع القوى العالمية، بطريقة دبلوماسية، تمت ترجمتها حتى اللحظة عبر جلستين لهذا المجلس المعني بحفظ السلم والأمن الدوليين، لكن اللافت هو موقف دولة الإمارات السياسي والدبلوماسي، بصفتها عضواً غير دائم في مجلس الأمن الدولي، فقد كان موقفاً راسخاً إزاء المبادئ الأساسية للأمم المتحدة والقانون الدولي وسيادة الدول ورفض الحلول العسكرية ودعم الحوار والتفاوض سبيلا لإنهاء أي نزاع.

فالإمارات دائما تؤمن بأن العمليات العسكرية لن تُفضي إلا إلى مزيد من العنف المتكرر، والأزمة الأوكرانية-الروسية مثال واضح على ذلك، لذا شجَّعت جميع أطراف الأزمة الروسية الأوكرانية عبر امتناعها عن التصويت لإدانة أي طرف، بغية ترك الباب مواربا للتدخل وتقريب وجهات النظر والدخول في حوار سيلجأ إليها الجميع لا محالة حين يتأكدون أن العمليات العسكرية لا طائل من ورائها.

الاختبار الذي يواجهه العالم اليوم يمثل معايير صعبة لكل الدول، وكون معطيات الاستقطاب الحاد، الذي فرضته الأزمة الروسية-الأوكرانية، تهدد بشكل مباشر أسس المجتمع الدولي، وتزيد عوامل عدم الاستقرار، فإن الإمارات رفعت الصوت عالياً من أجل تحكيم العقل في هذا النزاع الدائر.

الحلول السياسية في ظل هذه العاصفة العالمية هي الأمور التي تعبِّد الطريق الأفضل لمواجهة الأزمات والحد من آثارها، وهنا نلتفت مثلا إلى كلام وزير خارجية المملكة العربية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان، قبل أيام في مؤتمر ميونيخ للأمن، حين قال: “على الروس، كما الأوكرانيين، التفاوض والحوار المُفضي للسلام المستدام بين البلدين”.

على جانب آخر من الأزمة نتساءل: “لماذا ركزت الولايات المتحدة على إصدار إدانة سريعة من مجلس الأمن ضد أحد طرفي النزاع الروسي-الأوكراني؟!

إنها المصلحة الأمريكية للإضرار بالاقتصاد الروسي وليس الانتصار لأوكرانيا كما يتوهم البعض.. هذا هو التفسير العملي الذي تواءم مع الموقف الأمريكي من “الحليف” الأوكراني، الذي تورّط في مواجهة مع الدب الروسي كان يمكن تجنبها، لولا الأمريكان.

ولأن تجزئة الأمن الدولي والإقليمي أمر مرفوض، فإن الامتعاض من الحليف الأمريكي بات مسألة لا تخفى على أحد.. فهنا في محيطنا العربي ترسّخت خيبة الأمل والثقة حيال واشنطن، نتاج مواقفها التي تجزِّئ معايير الأمن حسب مصلحتها فقط، لا مصلحة حلفائها وأصدقائها، أو حتى حسب ما تمليه عليها مسؤوليتها كقطب أوحد للعالم، ما دفع الآخرين للبحث هم أيضا وراء مصالحهم بتنويع شراكاتهم الدفاعية والاقتصادية، انتظارا لعالم ما بعد النزاع الروسي-الأوكراني.

إن القراءة الصحيحة لموقف الدبلوماسية الإماراتية في مجلس الأمن الدولي يجب أن تكون هادئة وعقلانية لتلائم هدف دولة الإمارات من مقعدها في مجلس الأمن، وهو ما أوضحه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، بقوله: “فوز دولة الإمارات بعضوية مجلس الأمن الدولي يجسد ثقة العالم في السياسة الإماراتية وكفاءة منظومتها الدبلوماسية وفاعليتها، وانطلاقاً من المبادئ والقيم التي تأسست عليها، وستواصل الإمارات مسؤوليتها من أجل ترسيخ السلام والتعاون والتنمية على الساحة الدولية”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى