سياسة

الإمارات: فجر صناعي جديد

الدكتور سلطان الجابر


دفعت جائحة “كوفيد-19” العالم إلى إعادة ترتيب أولوياته لتحصين نفسه من التداعيات التي أثّرت في سلاسل التوريد والصحة والاقتصاد والمجتمع.

وازداد التركيز على ضمان الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتجات الطبية والدوائية والسلع الأساسية.

وبفضل رؤية القيادة ومتابعتها الدقيقة كانت استجابتنا لـ”الجائحة” في دولة الإمارات العربية المتحدة سريعة وفعّالة، وتميّزت بالفكر الاستشرافي والتخطيط المستقبلي بعيد المدى، فإلى جانب ضمان الأمن الغذائي وتأمين الأدوية واللقاحات للاحتياجات المحلية، قُدّمت مساعدات طبية إلى أكثر من 120 دولة في مختلف أنحاء العالم.

وضمن الاستعداد للمستقبل، وتماشيًا مع مبادئ دولة الإمارات للخمسين عامًا الجديدة في بناء اقتصاد قوي ونشِط، أُسست وزارة جديدة للصناعة والتكنولوجيا لتكون الجهة التنظيمية والتشريعية المسؤولة عن قطاع الصناعة، ولتعمل على تهيئة البيئات الاستثمارية والتشريعية والفنية الداعمة لنمو القطاع بالتعاون والتنسيق مع الجهات الاتحادية والمحلية، كذلك أُطلقت استراتيجية وطنية للصناعة تركّز على تطوير الصناعات القائمة حاليًّا، وتعزيز القدرات في الصناعات الحيوية وذات الأولوية، إضافة إلى تطوير مزايا تنافسية جديدة لصناعات المستقبل، وتحقيق الأمن الصناعي والاكتفاء الذاتي في المواد والمنتجات الاستراتيجية، ورفع كفاءة الصناعات الإماراتية وتنافسيتها.

وفي الخمسين عامًا الأخيرة، حققت دولة الإمارات نموًّا وتقدمًا كبيرين في مختلف القطاعات، ولا يزال أمام القطاع الصناعي كثير من الجهد والعمل ليواكب الأهداف المستقبلية للدولة، وستركّز وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة على تحقيق النقلة النوعية المنشودة في هذا القطاع الحيوي، بما في ذلك زيادة نسبة إسهام الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي.

وفيما تعمل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة على تحقيق أهدافها، فإننا نسترشد برؤية سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حين قال: “استراتيجية الصناعة تمثّل نقلة تنمويّة نوعيّة في تمكين المنظومة الصناعيّة الوطنيّة لتكون دعامة رئيسية من دعامات اقتصادنا الوطني، وهي تُجسِّد اهتمام الدولة بقطاع الصناعة، كونه أحد أهم محركات الاقتصاد الوطني خلال الخمسين سنة المقبلة، ومصدرًا أساسيًّا لتنويع الدخل، وخلق الوظائف، وتحقيق استدامة التنمية”.

كما تركّز الوزارة على توفير عوامل تمكين القطاع من خلال التخطيط، وتسهيل الشراكات، وتوفير التمويل المُيسّر، والتنسيق بين الجهات الاتحادية والمحلية، وإشراك القطاع الخاص، وتطوير منظومة تشريعية أكثر تحفيزًا للقطاع.

وأطلقت الوزارة حملة “اصنع في الإمارات” لاستقطاب أصحاب المواهب والأفكار من جميع أنحاء العالم، إضافة إلى تأمين حلول تمويلية من “مصرف الإمارات للتنمية” للقطاعات ذات الأولوية، ولدعم التحول إلى التكنولوجيا المتقدمة.

كما أطلقت الوزارة برنامج الثورة الصناعية الرابعة “الصناعة 4.0″، الذي يتبنى نهجًا واضحًا لتعزيز تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة في القطاع الصناعي، وأطلقت الوزارة برنامج القيمة الوطنية المضافة، الذي يهدف إلى إعادة توجيه نسبة كبيرة من مصاريف العقود والمشتريات إلى الاقتصاد الوطني، ودعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وخلال عام واحد من بدء تطبيق استراتيجية الصناعة الوطنية، زادت قيمة الصادرات الصناعية الإماراتية إلى 116 مليار درهم، مقارنة بـ82 مليارًا في عام 2019، وبلغ إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي 150 مليار درهم في نهاية عام 2021.

وبعد إطلاق برنامج القيمة الوطنية المضافة على المستوى الاتحادي، نجح البرنامج في إعادة توجيه 41.4 مليار درهم إلى الاقتصاد الوطني في عام 2021 من خلال مصروفات المشتريات والخدمات.

كما دخلت إلى الخدمة 220 مصنعًا جديدًا بدأت الإنتاج فعليًّا، وتقدّمت دولة الإمارات 5 مراكز في مؤشر التنافسية الصناعية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “UNIDO”، من المركز 35 إلى المركز 30 في عام 2021.

وإذ تُمثّل هذه الإنجازات والأرقام تقدمًا مهمًّا، فإننا لا نزال في بداية الطريق نحو تحقيق طموحاتنا وأهدافنا، فنحن نشهد بزوغ “فجر صناعي جديد” ستكون معه دولة الإمارات لاعبًا محوريًّا في قطاعات جديدة، وكلنا ثقة وتفاؤل بقدرتنا على تحقيق هذه الطموحات بفضل دعم القيادة وتضافر الجهود المخلصة، وندعو الجميع إلى التعاون معنا ومشاركتنا في مسيرة نمو القطاع الصناعي بالدولة.

نقلا عن الاتحاد الإماراتية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى