سياسة

الإخوان.. مرحلة جديدة بوفاة إبراهيم منير


يدخل الإخوان مرحلة جديدة بوفاة القائم بعمل مرشدهم إبراهيم منير، قد تكتب شهادة انهيار تنظيم دخل منذ فترة مرحلة تشظٍ وثقت أسوأ فصول وجوده.

يرى مراقبون عقب وفاة أنها أسقطت كل المبررات اللائحية التي اتخذتها جبهته عندما نصبت “منير” قائمًا بعمل مرشد الإخوان بعد إلقاء القبض على نائب المرشد محمود عزت، والقائم بعمل مرشد الجماعة قبل سنوات.

استند منير إلى عدة نصوص لائحية وفق ما سمحت له اللائحة الداخلية للجماعة بأن يولي نفسه منصب القائم بعمل مرشد الإخوان. حيث تم اختياره نائبًا لمرشد الإخوان في عهد المرشد قبل الأخير، محمد مهدي عاكف، وهو ما أعطاه قوة في التنافس على المنصب.

منير وجبهته 

تم اختيار منير نائبًا للمرشد في وقت سابق. حيث اعتادت الجماعة أن تختار عددًا من النواب للمرشد بصورة رمزية أولًا لإرضاء إخوان الخارج من ناحية ولاستخدام هؤلاء النواب في إحياء نشاط الجماعة إذا تمت مواجهتها من قبل السلطات في مصر.

اختيار أعطى قوة لمنير في صراعه مع الجبهة المناوئة له، وقد يكون ذلك سبب ضعف جبهته في صراعها مع معسكر محمود حسين. فما كان مصدر قوة في الماضي سيكون مصدر ضعف في المستقبل.

كما اعتمد عليه محمود عزت ومحمد بديع، مرشد الإخوان قبل أن يتم إلقاء القبض عليهما في تسيير شؤون التنظيم في الخارج. حيث بات هو الرجل الأول تنظيميًا ولائحيًا، والأقرب لتولي شأن الجماعة بعد وفاة جمعة أمين، نائب المرشد في لندن قبل سنوات، وإلقاء القبض على محمود عزت من قبل السلطات الأمنية في مصر.

وفاة “منير” ستضعف جبهته، خاصة أنها تعتبر نفسها الممثل الرئيسي للجماعة، بينما اعتبرت الجبهة الأخرى التي يتولاها محمود حسين ومصطفى طلبه بأنها أعفت نفسها من التنظيم تمامًا. وهنا يمكن القول إن وفاة منير لن تؤثر بحال من الأحوال على الصراع الدائر بين الجبهتين، بل ستعززه.

مزيد من الانقسام

المتوقع أن وفاة “منير” ستؤدي إلى مزيد من الانقسام في جبهته، بحيث لا يُصبح الصراع بين 3 جبهات فقط، هي جبهة إبرهيم منير وجبهة محمود حسين والجبهة الثالثة التي عرفت باسم المكتب العام. وإنما سيحدث انقسام داخل جبهة إبراهيم منير نفسها، وهنا سينقسم المقسم ويتجزأ المجزأ داخل التنظيم.

وهنا يمكن القول إن وفاة منير ستكون بمثابة نقطة فارقة في الصراع الدائر داخل التنظيم بين الجبهات المنقسمة. وسيكون ذلك لصالح جبهة محمود حسين، خاصة أن “منير” لم يترك إلا شخصية ضعيفة لخلافته قد لا تكون قادرة على استكمال الصراع.

السمات الشخصية

حيث كان إبراهيم منير، ماكرًا ويتمتع بقدر من الدهاء فضلًا عن شخصيته الكاريزماتية، وهو ما قد يفتقده خلفاؤه. وهنا سيكون هؤلاء الخلفاء الحلقة الأضعف في الصراع. وهو ما قد يحسمه لصالح محمود حسين من جانب ويؤدي إلى انقسام جبهة إبراهيم منير على نفسها من جانب آخر.

حيث تعاني جماعة الإخوان الإرهابية من انهيارات بنيوية على خلفية وفاة الرجل الأول في التنظيم. فضلًا عن أن هذه الوفاة ستُعزز حالة الانقسام بصورة أكبر ليس داخل جبهة إبراهيم منير وإنما داخل الجبهة المناوئة له والمعروفة بجبهة محمود حسين. والتي تبحث هي الأخرى عن أي هدف تحرزه بمرمى خصمها.

ستظهر دواعي الخلاف ومقدماته بعد ساعات من إعلان الوفاة وربما قبل أن يسجى جسد منير. فمن المتوقع أن تُصدر جبهة محمود حسين بيان نعي تؤكد فيه حسم الصراع لصالحها قبل أن تعلن فيه وفاة الرجل الذي سبق أن أعفته من الجماعة. وهو ما قد يثير حالة من الاحتقان داخل الجبهات المتصارعة، لأنه سيفهم على أنه تشف في الرجل.

كما أن هناك سيناريو آخر، وهو أن جبهة محمود حسين تتجاهل نبأ وفاة إبراهيم منير، وهو احتمال ضعيف، فقد يصدر بيان النعي في نفس يوم الوفاة أو بعدها بيومين أو عدة أيام. وهو ما ستعتبره الجبهة المناوئة تجاوزا في حق جبهة إبراهيم منير، وتجاوزا لتاريخ الرجل النضالي وانتمائه للجماعة المبكر وما بذله من عطاء لصالح التنظيم.

وفي كل الأحوال، فإن المعركة بين الجبهتين ستبدأ سواء مع نعي جبهة محمود حسين أو في تجاهل نعي الرجل وعدم حضور جنازته. فالصراع الحقيقي بين الجبهتين سيطفو إلى السطح أكثر بعد وفاة “منير” ما قد يكتب شهادة انهيار الجماعة.

لصالح حسين!

هناك توقع بأن محمود حسين سيحسم الصراع لصالحه بعد أن ينضم إليه عدد لا محدود من أعضاء الجماعة ممن كانوا يقفون في منطقة وسط بالصراع، عندما يرون أن الكفة سوف تميل لصالحه.

ونفس الأمر سيحدث بالنسبة لبعض الدول التي تدعم تنظيمات الإسلام السياسي في العموم والإخوان على وجه الخصوص. حيث تقوم بتقديم الدعم لجبهة محمود حسين، وهنا ترى هذه الدول أن هذا الدعم لجبهة محمود حسين سينتشل التنظيم من متاهات الانقسام الذي ضربه قبل أكثر من عامين.

كل المؤشرات تؤكد أن محيي الدين الزايط، نائب إبراهيم منير، سيتولى التنظيم بعد الوفاة مباشرة، وبالتالي تؤول كل صلاحيات “منير” إليه. وبغض النظر عن المخالفة اللائحية في ذلك، فإن الزايط ليس بقوة محمود حسين ولا كاريزما منير الذي خلفه في المنصب.

كما أن محيي الدين الزايط، المصري الجنسية، كان عضوًا لمجلس شورى الجماعة، بينما كان محمود حسين، عضوًا لمكتب الإرشاد وأمين عام للتنظيم، وبالتالي الأخير كان يفوقه في الدرجة التنظيمية، وهنا لن يستطيع “الزايط” أن يصمت كثيرًا أمام جبهة محمود حسين، وهذا قد يصب في صالح “حسين”.

محمود حسين يمثل الدولة العميقة داخل التنظيم، ولذلك يبدو أنه تعامل بالمثل المصري القائل “اصبري على عدوك لحد ما الموت يجيله”. حيث قلل من نبرة انتقاده بل ابتعد عن انتقاده بالفترة الأخيرة عندما تناهت إليه الظروف الصحية التي يمر بها خصمه.

هناك حالة من الانتشاء بين “إخوان مصر” الموالين لجبهة محمود حسين بسبب وفاة إبراهيم منير، حيث يُرددون بأن وفاة “منير” نهاية للصراع والانقسام وبداية صفحة جديدة للتنظيم يقودها إخوان مصر بقيادة محمود حسين كما كان يحدث في السابق.

فرصة للمنشقين

كما ستعلن جبهة محمود حسين عما قريب “حسين” قائمًا بأعمال المرشد بديلًا لمصطفى طلبة، خاصة أن الظروف باتت مواتية له.

وقالت مصادر خاصة من داخل التنظيم إن جبهة محمود حسين ستعطي فرصة لكل من انحاز إلى جبهة إبراهيم منير حتى يتبرأ من التبعية السابقة ويُعلن ندمه على ذلك ويعود إلى أحضان التنظيم “الجديد” حتى يستطيع “حسين” تفكيك ما تبقى من جبهة “منير” المنهارة.

وثمة اجتماعًا للهيئة الإدارية العليا للإخوان منعقدًا الآن قبل أن يتم دفن إبراهيم منير. حيث تم تشكيل هذه الهيئة كي تكون بديلًا لمكتب الإرشاد، والتي تتكون من 13 عضوًا من أعضاء الشورى لترتيب الأوضاع وعدد من ملفات الجماعة.

شهادة انهيار!

 الخبير البارز في شؤون حركات الإسلام السياسي، الدكتور هشام النجار، يرى أن تنظيم الإخوان بكل أجنحته سيتأثر سلبا، وسيخسر كثيرا بوفاة منير.

كما أكد أن جبهة محمود حسين والكماليين (التيار الثالث) لن يستغنوا عن جبهة يستثمرون سياسيا من خلالها مواقفهم الحادة وعنفهم وتحريضهم.

وقال النجار إنه ربما تشكل وفاة منير ظاهريا مكسبا للجبهات الأخرى المنافسة (جبهتي محمود حسين والكماليين أو التيار الثالث)، لكن في واقع الحال تعد الجماعة برمتها خاسرة بالنظر لوزن إبراهيم منير التنظيمي، وأهميته في سياق نشاطات التنظيم الدولي للإخوان.

وأوضح أن منير بعلاقاته مع شخصيات وأجهزة غربية، وهذا كان يفيد مجمل كيان الجماعة ويمنحها القدرة على الصمود والاستمرار بصرف النظر عن الخلافات الموجودة داخل التنظيم.

ونبه الخبير السياسي المصري إلى أنه “خلافا للصورة الظاهرة الطافية على السطح بشأن الخلافات والصراعات بين جبهات داخل جماعة الإخوان على القيادة والنفوذ والثروة والتمويل، إلا أن هناك تبادلا للأدوار وتلاقيا للمصالح بين الجبهات الثلاث”.

ولفت إلى أن “جبهة إبراهيم منير تستفيد من الإخوان في تركيا، وحتى من الكماليين بالنظر لحاجتها لأدوات ضغط تروج للهجة حادة وخطاب تحريضي مباشر، ما يتيح لجبهة لندن الترويج لنفسها أنها معتدلة وتقبل بالتنازلات، وهو ما يفتح مجالا لتعويمها وانخراطها مجددا في المشهد”.

وأيضا تستفيد الجبهات الأخرى من احتياجها لشخصية إبراهيم منير لاستثمار ضغطها التحريضي في صورة صيغ سياسية مراوغة، وفق الخبير.

وخلص الخبير السياسي إلى أنه بوفاة منير، فإن الجماعة بكل أجنحتها خاسرة، وستتأثر سلبا حتى جبهة محمود حسين والكماليين. لأنهم لن يستغنوا عن جبهة يستثمرون سياسيا من خلالها مواقفهم الحادة وعنفهم وتحريضهم.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى