تعريف الفكر لغة كما ورد في “لسان العرب” لـ”ابن منظور” هو “تكوُّن آراء وأفكار في عقل الإنسان وترجمتها في نصوص التدبر والتأمل وإعمال العقل”.
ويؤكد الفيلسوف اليوناني سقراط أن أفضل طريقة لإحياء البشرية هي “تطوير الذات والمجتمع”، وأن الفضيلة هي “أغنى ما يملكه الإنسان”، وأن أفضل فضيلة هي “البحث عن الخير”، وقال: “لا توجد فضيلة بلا معرفة”.
من هنا نستطيع القول إن دولة الإمارات العربية المتحدة انتهجت منذ تأسيسها نهجًا متميزا في بناء الإنسان والاهتمام بتنميته من النواحي الفكرية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، لتمهد له الطريق نحو التقدم والازدهار وتوفير الحياة الكريمة، وكذلك اهتمامها بتعزيز وتنمية قدراته، التي سيسهم بها في تقدم دولته وتطورها.
في الحقيقة، إذا ما تم ذكر الإنسانية وتطوير البشرية تجدر الإشارة إلى باني النهضة الإنسانية والبشرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، فقد كان مهتمًا ببناء الفكر الإنساني ومؤمنا بقدرات الإنسان في مواجهة التحديات كافة، والوصول إلى أعلى القمم في المجالات الإنسانية والتعليمية والثقافية والرياضية والفنية، وغيرها، ليصبح ذلك نهجًا متميزًا ومتواترا.
ومن هذا المنطلق، جاء اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلا في قيادتها الرشيدة، ببناء نموذج الإنسان والمواطن الإماراتي، أو ما يمكن أن نطلق عليه “الأيديولوجيا الإماراتية في بناء الفكر الإنساني والبشرية”، وذلك استكمالا لنهج الوالد المؤسس، الذي جاءت هذه الأيديولوجيا في النهوض بالإنسان والبشرية وتعزيز العلم والمعرفة لديه للارتقاء بالإنسانية وتحقيق التوازن الفكري والتراثي، من خلال التمسك بعاداته وتقاليده الإماراتية الأصيلة.
إن بناء الإنسان وفكره لا يأتي بمحض المصادفة، فهناك رؤية ثاقبة لدولة الإمارات للاهتمام بالإنسان منذ نعومة أظافره عبر توفير الحياة الكريمة وتلبية احتياجاته ليستطيع تنمية عقله.. وهنا لا بد أن نشير إلى مبادرات الإمارات ومشاركتها الفعالة في بناء الفكر الإنساني، حيث كان لمبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أثر كبير في النهوض بالفكر الإنساني، حيث أطلق سموه العديد من المبادرات على الصعيدين الإنساني والفكري، منها إطلاق مؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية” في الرابع من أكتوبر عام 2015، كأكبر مؤسسة تنموية مجتمعية إنسانية في المنطقة، والتي تستهدف أكثر من 130 مليون إنسان خلال السنوات القادمة، حيث تعمل هذه المؤسسة على توفير برامج تنموية عدة، منها “التنمية الإنسانية، مكافحة الأمية والفقر، نشر الثقافة وتطوير التعليم، إعداد جيل من القيادات العربية الشابة، توفير أكبر حاضنة للمبتكرين والعلماء والباحثين العرب”.
وتأتي مبادرات سموه لإيمانه بدور الإنسان والفكر الإنساني في تقدم البشرية، واستكمالاً لدور دولة الإمارات في بناء الإنسان والنهوض، وتكريماً لهذا الإنسان وللعلماء والمفكرين العرب وغيرهم.
ولقد كانت لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أيادٍ بيضاء في التنمية الإنسانية وتطوير الفكر الإنساني والاستثمار في العنصر البشري وتمكينه في المجالات كافة، ولا بد هنا من أن نشير إلى حدث ليس ببعيد، وهو إطلاق جامعة “محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي” عام 2019، كأول جامعة على مستوى العالم للدراسات العليا متخصصة في بحوث الذكاء الاصطناعي، لتأتي ضمن استراتيجية دولة الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، وكذلك تأسيس جامعة “محمد بن زايد للعلوم الإنسانية” عام 2020، ولا يزال اهتمام دولة الإمارات مستمرا في تطوير وتقدم البشرية والفكر الإنساني، الذي يحتوي على العلم والمعرفة، سواء على وجه العموم في العالم، أو الإنسان الإماراتي على وجه الخصوص.
يأتي ذلك من منطلق حرص دولة الإمارات على تثمين وتعزيز دور الإنسان الإماراتي، إيمانا بقدراته التي لا بد من الحرص كل الحرص عليها، عبر التزام نهج المعرفة، وترجمة ذلك على أرض الواقع في سبيل رفع راية دولة الإمارات العربية المتحدة.
وهنا يأتي اهتمام دولة الإمارات بتطوير الفكر الإنساني عبر ابتعاث طلبة العلم لمواصلة تعليمهم واكتسابهم المعرفة، وتوظيفها في رقي الإنسانية والبشرية وحمل هذه الأمانة الفكرية، التي تسهم في تطور الدولة وعكس القيم النبيلة لنموذج الإنسان الإماراتي في نشر المعرفة، فالمحافظة على هذه “الأيديولوجيا الإماراتية المتقدمة” رسالة لمن يبحث عن الفضيلة واحترام الإنسان والوثوق بقدراته كأهم مرتكزات لتحقيق النجاح، لأننا نؤمن بمقولة زعيم الإنسانية وحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه: “الرجال تبني المصانع”.