استعادة أموال العراق المنهوبة: التشريعات وحدها لا تكفي


أعلن عضو لجنة النزاهة النيابية يوسف الكلابي الخميس، عن إتمام الورشة الثانية لإنضاج قانون استرداد أموال الدولة من الفاسدين، مؤكداً أن القانون سيتم التصويت عليه قبل نهاية الفصل التشريعي الجاري، في حين يتساءل العراقيون عن قدرة مثل هذا القانون على تحقيق الهدف منه مع وجود العديد من العقبات.

وقال الكلابي إن “اللجنة انتهت من إكمال الورشة الثانية لقانون استرداد أموال الفساد، والذي يعتبر من أهم القوانين الموجودة في مجلس النواب”.

وأضاف “هذا القانون يكمل النقص التشريعي في عملية استرداد الأموال وحجزها والوصول إليها، واللجنة استضافت ممثلين عن الكثير من الدوائر ومؤسسات الدولة من ضمنها ديوان الرقابة المالية ومجلس القضاء الأعلى وهيئة النزاهة ونقابة المحاميين وغيرها”.

ويثير مشروع القانون الجدل بشأن جدواه، أذ يرى البعض أن استعادة أموال السرقات بحاجة لتحرك دولي لاستردادها، عبر اتفاقيات مع بعض البلدان، نظرا لأن أغلب الأموال تحولت إلى خارج البلاد، ولا ينفع معها قانون داخلي.

وذكرت مصادر أن هذا القانون يعالج قضية محددة، ألا وهي استرداد الأموال المسروقة، أو المغيبة في صفقات فساد، بمعنى أن القانون هذا سوف يلزم الجهات المتلاعبة بالمال العام بإعادة الأموال المسروقة، دون الاكتفاء بالمعاقبة والحبس، فعلى سبيل المثال هنالك إثراء على حساب المال العام، وهذا ينبغي أن توضع له تشريعات، تستفيد منها الجهات التنفيذية المختصة.

ويرى عراقيون أن القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد التي يعلن عنها لا تخرج عن الدعاية وأنه ليس من السهل استعادة الأموال المهربة المودعة بالمصارف العالمية، إذ إن جميع المصارف الدولية تعتمد السرية الكاملة في حفظ الأموال، خاصة أن الدولة العراقية لم تفلح حتى الآن في استرداد الأموال المهربة من زمن النظام السابق.

وكانت محاربة الفساد السبب الرئيسي في خروج العراقيين في مظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019 والتي أطاحت برئيس الوزراء عادل عبد المهدي ومجيء مصطفى الكاظمي الذي تعهد ببذل أقصى الجهد لمحاربة الفساد، واستعادة الأموال المنهوبة.

وأشار الكلابي إلى أن “لجنة النزاهة النيابية تسعى بشكل واسع ودقيق لتشريع قانون استيراد الأموال من الفاسدين لما له من أهمية، خصوصاً وأن بعض أموال الفسادين تحولت إلى أصول وعقارات وتجارة وعندما يصدر أمر باسترداد الأموال نجد أن أموال الفاسد تضاعفت مرات عدة”.

وأكد أن “مجلس النواب انتهى من القراءة الأولى لقانون استيراد أموال الفساد وسيتم تقديم تقرير لإكمال القراءة الثانية للقانون على أن يتم التصويت عليه قبل نهاية الفصل التشريعي الحالي”.

ودعا صندوق استرداد أموال العراق، أواخر عام 2022، المواطنين داخل وخارج البلد إلى التعاون لاسترداد الأموال، مؤكدا أن المتعاونين معه من المخالفين سيتم إعفاؤهم من المبالغ المترتبة بذمتهم وبنسبة 25 بالمئة ولغاية 5 ملايين دولار من المال المسترد كحد أعلى، كما منح مكافأة للمخبر بنسبة 10 بالمائة على أن لا تتجاوز 5 ملايين دولار من المال المسترد.

وكانت وزارة العدل، كشفت عن اتخاذها خطوات متسارعة لاستعادة أموال البلاد المجمدة في الخارج والتي تعود إلى أشخاص على صلة بالنظام السابق، مؤكدة أن العراق رفع دعاوى قضائية بحق العديد من الشركات والأشخاص خارج البلاد، لاستيلائهم على الأموال المجمدة، وهم كيانات وأفراد، يرفضون تسليم الأموال على الرغم من أنها تعود للدولة العراقية.

وجرى الإعلان أكثر من مرة عن استعادة أموال مجمدة من بعض الدول الأوروبية، وتراوحت بين 20 – 40 مليون دولار، وهي لا تمثل نسبة عالية من مجموع المبالغ التي تقدر بأكثر من ملياري دولار.

وإلى جانب هذه الأموال، فغالبا ما يكشف النواب عن وجود ملفات فساد بمبالغ طائلة في مختلف مفاصل الدولة، وبعضهم يدعمها بالوثائق، كما تصدر هيئة النزاهة الاتحادية وبشكل مستمر، بيانات عن اكتشافها ملفات فساد أو إصدار أحكام بحق مسؤولين سابقين، لكن أغلبهم في المحافظات أو إداريين في بعض الوزارات.

وترى مصادر نيابية أنه لدى العراق تشريعات كافية لاسترداد أمواله، مثل قانون استرداد أموال العراق، فضلاً عن دوائر حكومية، نصت قوانينها على استرداد الأموال، مثل صندوق استرداد أموال العراق، الذي يرتبط بمؤسسات عدة، مثل الجمارك، وزارة المالية، هيئة النزاهة، وزارة التجارة، والمساءلة والعدالة لكن المسترد حتى هذه اللحظة هي أموال بسيطة لا تتناسب وحجم التشريعات.

وتضيف المصادر أن القوانين الداخلية ليست لها أي قيمة خارج العراق، إذ لا تنفذ القوانين المشرعة في البرلمان العراقي إلا على العراق، وبالتالي فالقسم الأعظم يقع على عاتق الجهات الحكومية، عبر تثبيت الواقع القانوني للسرقة، مع تثبيت الواقع القانوني بخروج الأموال، ومن ثم التحرك دولياً، والمطالبة باسترداد الأموال.

Exit mobile version