اتفاق لوقف الاشتباكات بين ميليشيات مؤيدة للدبيبة في تاجوراء


 أتاحت وساطة السبت التوصل الى اتفاق لإنهاء المواجهات التي اندلعت الجمعة بين فصيلين مسلحين في الضاحية الشرقية للعاصمة الليبية، وفق ما أفاد مصدر حكومي.

وقُتل 9 أشخاص على الأقل وأُصيب 16 آخرون بجروح، الجمعة، بين مجموعات مسلحة متنافسة في ضاحية تاجوراء شرق العاصمة الليبية طرابلس، وفقا لمصادر متطابقة.

وقال مصدر في وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية التي مقرها طرابلس السبت إن “الاشتباكات المسلحة التي شهدتها تاجوراء والمناطق المحاذية لها منذ الأمس حتى ظهر اليوم، توقفت بموجب وساطة رعتها أطراف عسكرية” أخرى موضحا أن قوة عسكرية تابعة لرئاسة الأركان ووزارة الدفاع تدخلت لإنهاء الاشتباكات، وقبل طرفا النزاع وساطتها.

وينص الاتفاق على انسحاب عناصر كتيبتي “رحبة الدروع” و”الشهيدة صبرية” إلى ثكناتهما، مع السماح لقوة محايدة بالتمركز بين الطرفين.

وقال جهاز الإسعاف والطوارئ في طرابلس (حكومي)، عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، إن حصيلة ضحايا هذه الاشتباكات التي تعامل معها الجهاز بلغت 9 قتلى و16 مصابا، دون أن يوضح ما إذا كان هؤلاء الضحايا من المدنيين أم من المسلحين. كما نشر الجهاز صورا تظهر عناصره ينتشلون جثث الضحايا من أمكنة متفرقة في تاجوراء.

وحذر الجهاز المواطنين “من المرور من الطريق الساحلي تاجوراء ويفضل ارتياد طريق وادي الربيع”.

وقال مصدر في مديرية أمن طرابلس لوكالة الصحافة الفرنسية إن “الاشتباكات وقعت بين عناصر كتيبة ‘رحبة الدروع’ وعناصر كتيبة ‘الشهيدة صبرية’ بعد مناوشات وخلاف تطور الى تبادل إطلاق النار واستخدام أسلحة متوسطة”.

وأشار المصدر إلى أنها توقفت تماما وانسحب عناصر الطرفين، مؤكدا أنها خلفت قتلى وجرحى.

وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لم يتسن التأكد من صحتها، تظهر دوي انفجارات وتصاعد الدخان من مواقع متفرقة في تاجوراء. ولم تصدر حكومة طرابلس أي توضيحات حول الاشتباكات علما أن الكتيبتين تابعتان لها.

إلا أن مصدرا أمنيا -طلب عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام- قال إن “سبب الاشتباكات هو تعرض قائد كتيبة رحبة الدروع بشير خلف الله، لمحاولة اغتيال”، دون توضيح مصيره.

ولم يؤكد المصدر من كان يقف وراء محاولة الاغتيال تلك، إلا أنه أوضح أن “مسلحي كتيبة ‘رحبة الدروع’ اتهموا كتيبة ‘الشهيدة صبرية’ بمحاولة الاغتيال تلك”، فيما لم ترد الأخيرة على هذا الاتهام.

وتابع “على الفور، هاجم مسلحو كتيبة رحبة الدروع معسكر كتيبة الشهيدة صبرية، الواقع في منطقة الحميدية بتاجوراء، واستولوا عليه”.

وسبق أن خاض الطرفان جولة من الصراع في منتصف يوليو/تموز الماضي، أدت إلى وقوع ضحايا مدنيين، بالإضافة إلى خسائر مادية.

ونشرت وسائل إعلام محلية على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر انتشار مسلحي كتيبة “رحبة الدروع” في المدينة ويقومون بتمشيط مقر “الشهيدة صبرية” بعد السيطرة عليه.

وأفادت وسائل إعلام محلية بأن أرتالا عسكرية تابعة “للقوة المشتركة مصراتة” تمركزت بمنطقتي قويعة وقصر الأخيار شرق تاجوراء عقب اشتباكات عنيفة بين كتيبتي رحبة الدروع والشهيدة صبرية.

وذكرت أن القوة المشتركة مصراتة أعطت كتيبة “رحبة الدروع” مهلة حتى صباح اليوم السبت لمغادرة مقر “كتيبة صبرية” وتوعدتها باقتحام المدينة والقبض جميع عناصرها إذا لم تستجب لذلك.

وحذر مشايخ وأعيان تاجوراء المجلس الرئاسي الليبي من تدخل أي قوة خارجية لتأمين المنطقة مهددين باندلاع حرب لن تتوقف.

كما أعرب أهالي سوق الجمعة غرب تاجوراء عن تأييدهم لهذا التحذير معتبرين ما حدث في تاجوراء شأنا داخليا لا يحتاج إلى تدخل خارجي.

وتزامنت هذا الاشتباكات مع تحركات عسكرية شهدها الجنوب الغربي لليبيا، قام بها الجيش الوطني الليبي بقيادة للمشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق البلاد، في مقابل “رفع الاستعداد والطوارئ” من طرف القوات الموالية لحكومة طرابلس ردا على أي محاولة قد تستهدف قواتها جنوب غرب البلاد.

تلك التطورات التي أثارت مخاوف من تكرار سيناريو 2019، دفعت رئيس المجلس الرئاسي الليبي للدخول على خط التحشيدات العسكرية، لكن دون ذكرها صراحة.

وفي سلسلة تغريدات عبر حسابه الرسمي بمنصة إكس، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، إن المجلس “عازم على اتخاذ تدابير تضمن الاستقرار وتخفف الاحتقان والاستقطاب؛ تشمل إدارة مشتركة للإنفاق العام وعوائد النفط بشكل شفاف لمعالجة الاختناقات والتخفيف من معاناة شعبنا”، في إشارة إلى التحشيدات العسكرية في جنوب غرب ليبيا.

وبحسب المنفي، فإن “الأوان آن لتحقيق أهداف المسار الأمني العسكري عبر لجنة وطنية موحدة للدفاع لضمان السيادة، وتحديد إطار زمني تفاوضي واقعي ينهي الوجود الأجنبي، وتعنى بصون الحدود والسواحل والمنشآت الاستراتيجية»”.

وشدد رئيس المجلس الرئاسي على ضرورة «الاحتكام إلى الشعب كمصدر للسلطات عبر الانتخابات والاستفتاءات أو الاستطلاعات، وذلك هو السبيل إلى الحكم الرشيد، وتجديد شرعية المؤسسات من عدمه.

وفي محاولة من الجيش الليبي لطمأنة المخاوف، كشف المتحدث باسم القائد العام للجيش الليبي عن أهداف تلك التحركات العسكرية، قائلا إن الجيش الليبي لا ينوي التحرك نحو أي أهداف داخلية في ليبيا.

وأضاف اللواء أحمد المسماري، في تصريحات نشرها عبر الصفحة الرسمية للناطق باسم الجيش الليبي على فيسبوك أن القوات التي تحركت باتجاه الجنوب الغربي، جاءت “ضمن خطة تعزيز وجود القوات المسلحة في القواعد والأماكن التي توجد بها، بهدف التصدي ومنع العمليات غير المشروعة التي يمكن أن تتم عبر الحدود، في ظل التوترات التي تشهدها بعض دول الجوار”.

وأوضح أن التحركات في دول الجوار وخاصة في مالي والنيجر، “استدعت إرسال تعزيزات للمناطق العسكرية التي توجد فيها قوات الجيش، لضبط الحدود”، مضيفًا “نهدف لتأمين أكثر من 700 كم حتى لا تكون معبرا للجريمة المنظمة والإرهاب”.

ونفى المسماري ما تداولته بعض المواقع والقنوات، بشأن اعتزام الجيش الذهاب إلى منطقة غدامس، والسيطرة على المعابر الحدودية مع الجزائر، قائلا “لا صحة لما يشاع عن عزمنا التوجه نحو غدامس والمعبر مع الجزائر، ولا ننوي الذهاب إلى هذه المنطقة على الإطلاق، وليست هدفا استراتيجيا، حتى نتوجه إليه”.

وكانت الأمم المتحدة وسفارات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا قد سارعت الى “التنديد بالتصعيد العسكري” والدعوة إلى “أقصى درجات ضبط النفس”.

وتعاني ليبيا بين الحين والآخر من مشاكل أمنية في ظل انقسام سياسي متواصل منذ عام 2022، إذ تتصارع حكومتان على السلطة؛ الأولى حكومة الوحدة المعترف بها أمميا برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ومقرها طرابلس، وتدير منها غرب البلاد بالكامل، والثانية حكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب، ومقرها بمدينة بنغازي، وتدير شرق البلاد بالكامل ومدن في الجنوب.

وعلى مدار سنوات، تعثرت جهود ترعاها الأمم المتحدة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية يأمل الليبيون أن تقود إلى نقل السلطة لحكومة واحدة وإنهاء نزاع مسلح يعاني منه منذ سنوات بلدهم الغني بالنفط.

Exit mobile version