إضافة عسكرية أم مناورة سياسية؟.. خبراء يجيبون عن دور سرايا المقاومة اللبناني


وسط التصعيد المستمر في جنوب لبنان، شهدت الجبهة ظهور فصيل جديد تحت مسمى “السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي”، الذي انضم إلى الكتائب التي تعمل تحت قيادة “حزب الله“.

 هذا الإعلان جاء مصحوبًا بعملية استهدفت موقعاً إسرائيلياً، مما أثار تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذه الخطوة، بينما يؤكد الخبراء أن “حزب الله” يمتلك قوة عسكرية كافية، يثير دخول “السرايا” التساؤلات حول الرسائل التي يرغب الحزب في توجيهها، سواء للداخل اللبناني أو للخارج، ويأتي هذا التطور في سياق عمليات محدودة تقوم بها فصائل أخرى على الجبهة، مما يعكس طبيعة التحالفات والمناورات السياسية التي يشهدها لبنان حاليًا.

سرايا المقاومة

انضمت “السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي” إلى جبهة جنوب لبنان تحت مظلة “حزب الله“، معلنة عن تنفيذ عملية استهدفت موقع الراهب الإسرائيلي.

ووفقًا للبيان الصادر، تأتي هذه العملية دعمًا للشعب الفلسطيني ومقاومة للاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى دفاع عن لبنان وشعبه، ورغم دخول “السرايا” على خط المواجهة، يرى مراقبون أن هذا التطور لا يغير من واقع المعركة شيئاً يُذكر. موضحين أن “حزب الله” يمتلك العدد الكافي من المقاتلين المدربين، والذين يتجاوز عددهم 40 ألفاً، نصفهم قوات نخبة، مؤكدين أن ظهور “سرايا المقاومة” لا يعدو كونه رسالة تذكيرية بوجودها، وأن دورها يتجاوز المدن والأزقة إلى مواجهة العدو الإسرائيلي.

منذ بداية التصعيد الأخير في أكتوبر الماضي، دخلت عدة فصائل إلى ساحة المعركة في جنوب لبنان، من بينها “حركة أمل” و”قوت الفجر” التابعة للجماعة الإسلامية، بالإضافة إلى تنظيمات فلسطينية مثل “حماس” و”الجهاد الإسلامي”. إلا أن هذه العمليات بقيت محدودة وتحت إشراف وموافقة “حزب الله“، الذي يسيطر على 90% من جبهة الجنوب.

تاريخ سرايا المقاومة

تأسست “سرايا المقاومة” في نوفمبر 1997، بإعلان رسمي من أمين عام “حزب اللهحسن نصرالله، وكان الهدف منها ضم عناصر من مختلف الطوائف اللبنانية للانخراط في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ولم تكن السرايا تشترط تبني أيديولوجية “حزب الله“، بل فتحت أبوابها لكل من يرغب في القتال بغض النظر عن خلفيته السياسية أو الطائفية.

الحسابات الداخلية

من جانبه، يرى جورج شاهين المحلل السياسي اللبناني، أن بروز “سرايا المقاومة” في هذا التوقيت مرتبط بحسابات داخلية أكثر من كونه تحركاً عسكرياً حقيقياً. 

ويعتقد الأمين أن هذا الظهور قد يكون محاولة لتشريع وجودها في لبنان، خاصة بعد دورها الداخلي المثير للجدل. ويشير الأمين إلى أن السرايا قد تكون جزءًا من أوراق التفاوض التي يستخدمها “حزب الله” في حساباته السياسية.

وأضاف شاهين أن ظهور “السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي” على جبهة جنوب لبنان يعكس توجهًا استراتيجيًا متعدد الأبعاد، مضيفًا أن “حزب الله” يستخدم هذه الخطوة لتعزيز صورته كمدافع عن القضية الفلسطينية، ومحاولة كسب دعم شعبي أوسع داخل لبنان وخارجه.

وأضاف شاهين، يعتبر أن هذا الظهور يعزز من موقف “حزب الله” التفاوضي على الساحة الإقليمية والدولية، موضحًا أن الحزب يسعى لإظهار أن المقاومة ليست مقتصرة على مكون واحد بل تضم مختلف الطوائف اللبنانية.

غياب الدولة اللبنانية

في السياق ذاته، انتقد الخبير الأمني والاستراتيجي العميد خالد حمادة بشدة الغياب الكامل لدور الحكومة اللبنانية في الأحداث الجارية على جبهة الجنوب، مشيرًا إلى أن الدولة يجب أن تكون في طليعة المواجهة مع إسرائيل، معتمدة على إرادة الشعب اللبناني وكافة إمكانياته.

 وأعرب حمادة عن أسفه العميق لعدم تفعيل القرار 1701، الذي يؤكد على حصرية وجود الجيش اللبناني في الجنوب، مشددًا على ضرورة أن تتولى الدولة زمام المبادرة لضمان السيادة الوطنية. 

وأبدى قلقه البالغ من احتمال تحول جنوب لبنان إلى نقطة جذب للفصائل المسلحة، اللبنانية وغير اللبنانية؛ مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني ويهدد الاستقرار الداخلي. 

ودعا الحكومة إلى مراجعة مواقفها السابقة بسرعة ووضع استراتيجية شاملة وواضحة تهدف إلى حماية لبنان من أي تصعيد محتمل، وضمان وحدة الصف الوطني في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية.

وأكد حمادة أن هذه الخطوة ليست مجرد خيار، بل ضرورة ملحة للحفاظ على أمن واستقرار لبنان وسيادته.

Exit mobile version