سياسة

“إصلاح الحفر”: استراتيجية ستارمر لمواجهة فوضى اليمين المتطرف


بعد موجة الاضطرابات الاجتماعية التي اجتاحت المملكة المتحدة في وقت سابق من الشهر الجاري. تسعى حكومة حزب العمال برئاسة كير ستارمر لأن تظهر قدرة الحكومة على العمل.

ستارمر الذي تولى منصبه الشهر الماضي يعمل مثل غيره من الزعماء حول العالم لمحاربة تيارات أقصى اليمين وفي حين يختار بعض السياسيين مواجهة هذه التيارات عبر خطابات نارية أو بفرض قيود على الهجرة، تبني ستارمر نهجا أكثر واقعية.

ويعتقد حلفاء رئيس الوزراء البريطاني أن تيار أقصى اليمين في البلاد يمكن هزيمته من خلال إصلاح الحفر في الطرقات ومعالجة أوقات الانتظار في المستشفيات .وذلك وفقا لما ذكرته مجلة “بوليتيكو” الأمريكية.

وأمس الاثنين، زار ستارمر بلفاست لمناقشة الرد المحلي على واحدة من سلسلة من أعمال الشغب المناهضة للهجرة التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد في موجة نادرة من الفوضى العنيفة التي تتطلب استجابة عاجلة.

وفي أعقاب الاضطرابات، ركزت الحكومة على حملة قمع قوية لفرض القانون والنظام وجرى استدعاء ضباط شرطة إضافيين، وحددت المحاكم جلسات استماع إضافية. ووجهت وزارة الداخلية البريطانية نداءً للمتطوعين في ظل مئات الاعتقالات.

لكن السؤال الآن والذي لا يملك ستارمر وقتا طويلا للإجابة عليه هو كيف يمكنه التعامل مع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية طويلة الأمد. والتي تسببت في خلق ظروف مواتية لانتشار العنف؟

يعتقد العديد من المحيطين برئيس الوزراء أن الإجابة تتلخص في إثبات قدرة السياسة على حل مشاكل العالم الحقيقي.. باختصار، يحتاج ستارمر إلى إعادة بناء ثقة بريطانيا المتضررة في السياسيين.

وفي تصريحات لـ”بوليتيكو”، قال نائب عمالي مقرب من ستارمر طلب عدم الكشف عن هويته. إن “هناك شعورا عميقا بأنه لا أحد يستمع وأن السياسة لا تحدث أي فرق”.

وأضاف “علينا أن نكون عمليين للغاية وواضحين بشأن سبب عدم صحة ذلك”.

وتتناسب حملة ستارمر السريعة ضد مثيري الشغب بشكل جيد مع خلفيته كمدع عام، كما أنه تبدو متوافقة مع المزاج العام. حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى من الناخبين يعتبرون أن الاضطرابات العنيفة غير مقبولة.

وفي بحث أجرته شركة “يوغوف”، وصف ثلثا البريطانيين الأشخاص الذين شاركوا في الاضطرابات بأنهم “بلطجية”. وألقى 71% بالمسؤولية على مثيري الشغب أنفسهم وليس وسائل التواصل الاجتماعي أو المؤثرين من أقصى اليمين.

وأشار لوك تريل، مدير شركة استطلاعات الرأي “مور إن كومون”. إلى وجود وجهة نظر مفادها أن “السياسة لا تعمل ولا يمكنها تحقيق النتائج”.

وقال “يشمل ذلك الهجرة، ولكنه يتعلق أيضًا بحقيقة أن الناس لا يستطيعون الحصول على موعد مع الطبيب العام، وأن قوائم الانتظار طويلة جدًا. وأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف التسوق الأسبوعي”.

وأضاف “يتعين على الساسة أن يدركوا هذا الأمر لأنه ليس من الممكن أن تكون هناك ديمقراطية فاعلة تتمتع بهذه المستويات العالية من خيبة الأمل”.

ويقول حلفاء ستارمر إنه يفكر وفريقه منذ فترة طويلة في كيفية معالجة هذه العزلة وأوضح أحدهم أن الفكرة الرئيسية هي “التركيز على شيء نعلم أنه يمكننا القيام به. ثم القيام به على مدار فترة انعقاد البرلمان”.

وأضاف الحلفاء “قد يكون إصلاح كل حفرة في بريطانيا مجرد شيء يمنحنا قصة لنرويها في الكثير من الأماكن التي شهدت أعمال شغب، وهو ما يقلل من الشعور بأن السياسة لا علاقة لها”.

وتأثرت استراتيجية “الحفر” جزئياً بتجربة حزب العمال الذي واجه في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 الحزب الوطني البريطاني من أقصى اليمين. والذي نجح في تحقيق مكاسب كبيرة في منطقة “باركينغ وداغنهام” العمالية التقليدية الواقعة شرق لندن.

وقالت مارغريت هودج، النائبة العمالية السابقة عن المنطقة إن هناك “أوجه تشابه حقيقية” بين صعود الحزب الوطني والوضع الحالي .

وأوضحت أن الناس “يشعرون بالغضب، وليس اللامبالاة لأننا لم نستمع إليهم ولم نفهم المشاكل التي كانوا يواجهونها في حياتهم اليومية.”

ومن بين أفكار مستشاري ستارمر اتخاذ إجراءات صارمة ضد “الحدائق القبيحة” التي أهملها أصحاب العقارات الذين اشتروا بهدف التأجير.

وأحد الأشخاص الذين يقفون وراء هذه المبادرة هو مورجان ماكسويني، وهو حاليا اليد اليمنى لستارمر في داونينغ ستريت بعدما لعب دورا فعالا في صياغة استراتيجية حزب العمال للفوز في الانتخابات الأخيرة كما يعمل حاليا على متابعة وضع الحزب من أجل تأمين الانتخابات المقبلة.

وقال مسؤول حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته إنه جرى إخبار الوزراء بالحفاظ على “المهام الخمس” لحزب العمال وهي رؤية شاملة ومصغرة للمجتمع خلال 10 سنوات والطاقة الخضراء. والحد من الجريمة، والإصلاح الاقتصادي وتكافؤ الفرص وتحسين الخدمات الصحية ويعد الأمر الأخير هو الأولوية الأولى للحكومة إلا أن البعض برغب في رؤية ستارمر وهو يتجاوز الاستجابة العملية ويتحدث مباشرة للناخبين.

واعتبر بارث باتيل، كبير الباحثين في مركز الأبحاث “IPPR” أنه “إذا لم تعبر الحكومة بوضوح عن وجهات نظرها بشأن الهوية والهجرة فستستمر المناقشات في الانجراف إلى أقصى اليمين”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى