إخوان ليبيا، “الألغام” المتحركة في أحشاء البلد
إخوان ليبيا، “الألغام” المتحركة في أحشاء بلد مثقل بأزمة لم تضع أوزارها منذ سنوات، يطفون من جديد إلى الواجهة في سياق أحداث متواترة ترفع منسوب الآمال بالمضي قدما نحو نهاية النفق المظلم.
لكن هل يمكن لتنظيم إرهابي تتغذى استمراريته من الأزمات والفوضى أن يسلم. ويسمح بالوصول إلى حل دون أن يتدخل بشكل أو بآخر لإعلان وجوده والضغط على طريقته لتأمين حصته من المسار. والتلويح بورقة العنف لتحقيق ذلك؟
استفهام يطرح نفسه في ظل توافقات معلنة في المغرب مؤخرا. بين أطراف النزاع الليبي، وسط آمال بتفعيلها قبل نهاية العام الجاري.
والجمعة الماضي، تحدث رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح عن جولات جديدة بين البرلمان ومجلس الدولة الاستشاري لاستكمال القاعدة الدستورية التي تعثر إخراجها للعلن بسبب تعنت تنظيم الإخوان حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية.
وتطرق صالح أيضا، عقب مباحثات أجراها في الرباط المغربية، مع رئيس ما يعرف بمجلس الدولة خالد المشري، عن اتفاق آخر حول تغيير الشخصيات في المناصب السيادية. إضافة إلى السعي لتوحيد السلطة التنفيذية (الحكومة) في كامل ليبيا التي تعيش على وقع صراع بين حكومتين.
كل تلك التوافقات بين المستشار صالح والمشري المعلنة الجمعة الماضية “ستطبق خلال أسابيع على ألا يتعدى ذلك نهاية العام الجاري”. بحسب الرجلين اللذين أعلنا ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك.
توافقات طال انتظارها ترسم بداية انفراجة في ملف الأزمة الليبية. وتأتي في ظل تخوف الليبيين من تعمد الإخوان إفشال تلك التفاهمات التي جاءت بعد عثرات كثيرة.
آمال ومخاوف
وسط ترقب ما ستفضي إليه الأسابيع المقبلة من سعي مجلسي النواب والدولة لتطبيق ما اتفق عليه رئيساهما صالح والمشري في الرباط المغربية.
الباحث السياسي الليبي عبد المطلب ساسي يرى أن “فرص نجاح ذلك كبيرة إن سارت الأمور دون تدخل تنظيم الإخوان”.
يقول ساسي الذي أثنى أولا على اتفاق صالح وخالد المشري في المغرب ورحب به، إنه لا يخفي تخوفه قائلا إنه “يجب ألا نغفل المعوقات الموجودة التي قد تحول دون تحقيق ما تم إعلانه الجمعة في ذلك التاريخ أي قبل نهاية العام الجاري”.
ومضى مفسرا حديثه بالقول “في أوقات سابقة وسنوات ماضية، جرى الإعلان عن اتفاقات مماثلة لم تنفذ لا ضمن مدتها ولا بعدها. والسبب معوقات أولها جماعة الإخوان التي ستحاول تعطيل عجلة الحل في حال أحست بأنه قد يخرجها من معادلة الحكم”.
وأضاف “آخر تلك الاتفاقات على سبيل المثال اتفاق المجلسين على تشكيل حكومة وبالفعل شكل مجلس النواب حكومة فتحي باشاغا. إلا أن رئيس مجلس الدولة نفسه انسحب من ذلك التوافق وأعلن رفضه لحكومة باشاغا”.
ووفق الباحث السياسي الليبي، فإن “هناك التوافق الذي جرى بين مجلسي النواب والدولة بشأن التعديل الـ12 للإعلان الدستوري الذي عدله مجلس النواب بالتوافق مع مجلس الدولة وتنصل منه مجلس الدولة”.
كل تلك الأمثلة يقول الخبير إن “جماعة الإخوان في مجلس الدولة وخارجه لها اليد فيها أي أن التنظيم قادر على تخريب أي اتفاق يهدف لحل الأزمة الليبية إن رأى أن نتائجه لن تكون في صالحه”.
عقبة
وقدم الباحث مثالا آخر على تدخلات الإخوان وتعطيلهم عجلة الحل للأزمة الليبية. قائلا: “هناك أيضا ما جرى قبل خمسة أشهر خلال الجولات الثلاثة من مباحثات لجنة المسار الدستوري المقامة في القاهرة المصرية بغرض التوافق على قاعدة دستورية تقود للانتخابات التي من المرتقب أن تحل الأزمة الراهنة وفق مبادرة أممية أطلقت في 3 مارس الماضي”.
وقتها، بحسب ساسي، “تعثرت تلك المباحثات في إخراج قاعدة دستورية. رغم انتظار الليبيين لأشهر وتعليقهم الآمال على مخرجات لجنة المسار الدستوري والسبب كان تنظيم الإخوان”.
وبالنسبة للخبير، فإن “الإخوان تدخلوا في ذلك الوقت وأفشلوا الوصول إلى قاعدة دستورية تقود للانتخابات. لأن تلك القاعدة الدستورية تمثل قضية وجود من عدمه بالنسبة لتيار الإخوان كون بقائهم في المشهد يعتمد على تلك المخرجات”.
وأضاف: “بالتالي أتوقع أن لا يمرر ذلك التيار القاعدة الدستورية. حتى خلال المباحثات المقبلة بعد أن أعلن المستشار صالح وخالد المشري استئناف مباحثات المجلسين حول تلك القاعدة قريبا”.
أمل
ورغم تشاؤمه، إلا أن الخبير قال إن “هناك أملا يلوح في الأفق حول نجاح المفاوضات المقبلة وإتمام ما أعلن عنه صالح والمشري في الرباط المغربية” .
وأضاف أن “ذلك الأمل يتمثل في أن يقود الضغط الشعبي. الذي حدث الشهر الماضي في شكل مظاهرات كبيرة غاضبة إلى رضوخ تيار الإسلام السياسي للأمر الواقع ويقدم تنازلات لتمرير القاعدة الدستورية”.
ومضى بالقول: “خاصة أن الإخوان كانوا سببا في فشل الجولات الأولى. وبالتالي سيحاولون تمرير بعض الأمور التي كانت سببا في فشل المفاوضات الماضية”.
وفشل المفاوضات الماضية بسبب تعنت التنظيم لم يكن رأي عبد المطلب ساسي وحده. بل إن رئيس مجلس الدولة القيادي الاخواني خالد المشري. اعترف بذلك بنفسه في كلمة سابقة له قال فيها إنهم “رفضوا رفضا قاطعا التخلي عن بعض شروط الترشح لانتخابات رئيس الدولة”.
وكان مجلس النواب طالب بالتخلي عن شرط عدم حمل المترشح للانتخابات لجنسية غير الليبية. وهو ما طالب به مجلس النواب وفق مبدأ تكافؤ الفرص وعدم إقصاء أحد من الترشح.
إلا أن الطرف الممثل للإخوان وكعادته في تبني نهج الإقصاء. رفض ذلك تخوفا من بعض الشخصيات التي من المحتمل نجاحها في الانتخابات خاصة ممن اشتهروا بعدائهم للتنظيم.