سياسة

أوكرانيا والأسلحة الأمريكية: ما دلالات ‘التفويض المطلق’؟


هل تتخذ أمريكا الخطوة الأجرأ بمنح أوكرانيا تفويضا مطلقا لاستخدام أسلحتها في ضرب أهداف داخل روسيا؟

سيناريو ترجحه موسكو بقوة، وتدفع به أيضا التطورات على الأرض، خصوصا في ظل هجوم تشنه كييف على الأراضي الروسية منذ أكثر من أسبوعين.

وفي مايو/أيار الماضي، نقلت صحيفة بوليتيكو الأمريكية عن مسؤول ومصدرين آخرين مطلعين قولهم إن الرئيس جو بايدن أعطى الإذن سرا لأوكرانيا باستخدام أسلحة أمريكية في ضرب أهداف داخل روسيا قرب منطقة خاركيف فقط. 

ومع أن التقرير لم يذكر حينها متى أعطى بايدن ذلك الإذن، إلا أن الخطوة شكلت تطورا مهما بمسار الصراع، إذ لطالما عارضت واشنطن خطوة مماثلة خوفا من الدخول بمواجهة مباشرة مع واشنطن.

كما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبق أن حذر من خطر اندلاع صراع عالمي، إذا سمح حلفاء كييف الغربيون لها باستخدام الأسلحة التي يزودونها بها لضرب الداخل الروسي.

فهل ترضخ أمريكا أخيرا لمطالب كييف وحلفائها -باستثناء ألمانيا حتى الآن- وتقرر منح الضوء الأخضر لاستخدام أسلحتها ضد روسيا؟

نحو «تفويض مطلق»؟

نقلت وكالة الإعلام الروسية، اليوم الجمعة، عن السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف قوله إن روسيا تعتقد أن واشنطن ستلغي في مرحلة ما كل القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الموردة لأوكرانيا.

وأوضح أنتونوف أن “الإدارة الحالية تتصرف مثل شخص يمد يده ويحمل خنجرا خلف ظهره باليد الأخرى”.

ووصف تعليقات صدرت في الآونة الأخيرة عن واشنطن بشأن عدم السماح لكييف باستخدام الأسلحة الأمريكية لشن ضربات في عمق الأراضي الروسية بأنها “استفزازية”.

وأضاف: “إنهم، في الأساس، يمهدون الطريق (لقرار) لإلغاء كل القيود المفروضة عند نقطة معينة”.

وشدد أنتونوف على أنه من غير الممكن أن يكون هناك حوار جاد مع واشنطن إلا إذا أنهت سياستها “العدائية” تجاه روسيا، التي تشمل دعم أوكرانيا وفرض عقوبات ضد موسكو.

ولفت أنتونوف إلى أن عقد لقاء بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل، يبدو أمرا غير مرجح.

ماذا يعني؟

التفويض المطلق يعني أن تُسقط واشنطن جميع شروطها في استخدام كييف لأسلحتها في الحرب الراهنة، وفي حال صدور مثل هذا القرار، فإنه يؤشر لتغيير جذري في مقاربتها الرافضة لاستخدام أسلحتها داخل روسيا.

وظلت واشنطن متمسكة بهذه السياسة منذ بداية الحرب في أواخر فبراير/شباط 2022.

لكن في حال غيرت مقاربتها، فهذا يعني أن أوكرانيا ستكون قادرة على الضرب في العمق الروسي، كما ستحصل على الضوء الأخضر لاستخدام صواريخ أتاكمس.

ومع وجود قوات لها حاليا في منطقة كورسك الروسية على الحدود، فإن تفويضا مماثلا سيمنحها فرصة كبيرة لاستهداف مواقع لخصومها، ما قد يغير موازين القوة على الأرض لصالحها.

ويصل مدى صواريخ أتاكمس البعيدة المدى التي زود بها الأمريكيون أوكرانيا إلى 300 كلم. 

يأس

 في حال حصلت كييف على رفع كامل للقيود من جانب واشنطن، فهذا سيكون بمثابة الدليل على أنها لم تتمكن من تحقيق التقدم الذي يرجوه الحلفاء، خصوصا عقب التوغل.

ففي هذه الحالة، ستجد واشنطن نفسها مجبرة على تغيير موقفها لأنه لن يرضيها في كل الأحوال وبعد الجهود والدعم، أن تنتصر موسكو في الحرب.

غير أن المؤكد، وفق مراقبين، هو أن هذا الإذن سيكون سريا على الأقل في مرحلته الأولى، تماما مثلما حصل قبل أشهر حين قيدت استخدام أسلحتها حول منطقة خاركيف فقط.

لكن الثابت أيضا هو أن روسيا لن تتأخر في اكتشاف ذلك، ما ينذر باندلاع شرارة حرب مباشرة بين موسكو وواشنطن.

سيناريو قاتم يترجمه رد الفعل الروسي على دعوات متزايدة لأبرز بلدان حلف شمال الأطلسي (الناتو) لرفع قيود تمنع كييف من استخدام الأسلحة الغربية لضرب أهداف داخل روسيا.

فقبل أشهر، حذر بوتين من “عواقب خطيرة” حال إعطاء البلدان الغربية أوكرانيا الضوء الأخضر.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن “الدول الأعضاء في الناتو، الولايات المتحدة وعواصم في أوروبا، تخوض منذ الأيام والأسابيع القليلة الماضية جولة جديدة من تصعيد التوتر”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى