سياسة

أمريكا وحماس.. هل تغيرت قواعد اللعبة في الشرق الأوسط؟


كشف تقرير صحفي عن إجراء واشنطن مفاوضات سرية مع حركة حماس خلال مارس/آذار 2025، في مخالفة لتقاليد السياسة الأمريكية.

وجرت المفاوضات في محاولة لإنقاذ الرهينة الأمريكية-الإسرائيلية، إيدن ألكساندر، وفقًا لشهادات ستة مصادر مطلعة على التفاصيل، نقلتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

ورغم الاجتماعات الثلاثة التي عُقدت في قطر بمشاركة مسؤولين كبار من الجانبين، فإن المعارضة الإسرائيلية والخلافات الداخلية داخل الإدارة الأمريكية وتردد حماس أدت إلى إفشال الصفقة.

وسعى المسؤول الأمريكي آدم بوهلر، المرتبط بصفقات إطلاق سراح الرهائن سابقًا، إلى التوصل إلى اتفاق قبل خطاب الرئيس دونالد ترامب الذي ألقاه أمام الكونغرس في مارس/آذار، بهدف إعلان تحرير ألكساندر خلال الحدث.

لكن المفاوضات استمرت حتى لحظة وصول ترامب إلى الكابيتول دون نتيجة، ما اضطره إلى إدراج القضية بشكل عابر في خطابه. وواصل الفريق الأمريكي الجهود في اليوم التالي، مما يعكس إصرارًا من الطرفين رغم التعقيدات.

خرق للسياسة واجتماعات سرية

مثلت اللقاءات الثلاثة مع قيادات حماس، ومنهم طاهر النونو وخليل الحية، خرقًا للسياسة الأمريكية الرافضة للتواصل مع الجماعة المصنفة “إرهابية”.

وناقش الجانبان خلال الاجتماعات -التي جرت خلال شهر رمضان- تفاصيل الصفقة المقترحة، إلى جانب القضايا العالقة مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.

ووصف مسؤولون أمريكيون تلك الخطوة بأنها “تاريخية”، رغم حساسيتها السياسية.

وعرضت حماس إطلاق سراح ألكساندر مقابل إخلاء سبيل 250 أسيرًا فلسطينيًا (بمن فيهم 100 محكوم عليهم بالسجن المؤبد)، بينما قدم بوهلر عرضًا مخففًا يشمل 100 أسير مع وعد بإطلاق 150 آخرين لاحقًا، إضافة إلى إرسال مساعدات لغزة.

لكن إسرائيل، التي تحتجز نحو 300 أسير مُدان بالسجن مدى الحياة، ضغطت عبر اتصال غاضب من مستشار بنيامين نتنياهو لبوهلر. كما يُعتقد أن تل أبيب سرّبت تفاصيل المفاوضات لإفشالها.

وتجنبت واشنطن إطلاع إسرائيل مسبقًا على الخطوات خوفًا من تدخلها، خاصة بعد حادثة إلغاء اجتماع سابق بضغط إسرائيلي مطلع 2023.

وعادةً ما تتشاور الولايات المتحدة مع إسرائيل بشأن القضايا الأمنية الحساسة، لكن ربما لم ترغب إدارة ترامب في إبلاغ المسؤولين الإسرائيليين، بسبب التدخل السابق الذي وقع عندما حاول بوهلر لقاء قادة حماس مباشرة بعد تنصيب ترامب في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، إذ تدخلت الحكومة الإسرائيلية في حينه وأقنعت البيت الأبيض بإلغاء الاجتماع.

جمود وانهيار الصفقة

عقب رفض العرض الأمريكي النهائي، أعلنت حماس لاحقًا استعدادها لصفقة مشابهة، لكن التوقيت كان متأخرًا بعد انسحاب بوهلر من المفاوضات المباشرة.

وفي منتصف مارس/آذار، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، ما عقد المسألة.

وأشارت مصادر إلى أن واشنطن رأت في الجمود السياسي حول “المرحلة الثانية” لوقف الحرب، والتي ترفض إسرائيل المضي قدمًا فيها دون تفكيك حماس، عاملًا رئيسيًا في تعريض الرهائن للخطر.

وكشفت المحادثات عن انقسامات عميقة؛ حيث أكدت حماس انفتاحها على هدنة طويلة الأمد (5-10 سنوات) مع نزع سلاح تدريجي، مقابل إصرار نتنياهو على تفكيك الحركة كشرط لإنهاء الحرب.

كما طالبت الحركة بالإفراج عن زعيمَي مؤسسة إسلامية أمريكية سابقة مُدانَين بتهم دعم الإرهاب، وهو ما لم يُناقش تفصيلًا، ولم تكشف “نيويورك تايمز” عن هويتهما.

من جهة أخرى، عبّر مسؤولون أمريكيون عن قلقهم من تقديم تنازلات كبيرة مقابل رهينة واحدة، وقت المفاوضات بين الطرفين.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى