«أكاذيب رئاسية» غيرت التاريخ
حين وقف أمام الكاميرات وقال: «اقرأوا شفتي: لن تكون هناك زيادة ضريبية»، بدا الأمر وكأنه «وعد رئاسي» لا رجعة عنه، فهل يكذب الرؤساء؟
حدث ذلك في تسعينيات القرن الماضي، حين بدا الرئيس الأمريكي حينها جورج هربرت ووكر بوش، أو جورج بوش الأب، مفعما بالحماس، متوجها في خطاب تلفزيوني يحاول ترميم سياساته الداخلية لشعب محبط يتهمه بالإهمال.
حين نطق عبارته الشهيرة، تركزت الكاميرات بشكل آلي على شفتيه وهي تستعرض تباعا الحروف والكلمات، فيما شكل حينها نوعا من المسكن للأمريكيين ممن كانوا ينتقدون سياساته الداخلية.
خلفت عبارته الشهيرة ارتياحا واسعا، وبدا أن الرجل الذي يفتخر بأنه تمكن من ترميم مصداقية الولايات المتحدة في العالم والتخلص من ذكريات التدخل العسكري الأمريكي في فيتنام، يمضي بثبات نحو استعادة ثقة الأمريكيين.
لكن الغريب أنه سرعان ما نكث بوعده، وأقر زيادة في الضرائب تحت وطأة الركود الاقتصادي المحلي، فكان أن عاقبه الناخبون لتراجعه عن عهده بالتصويت لبيل كلينتون في انتخابات عام 1992.
ليس الوحيد
لكن جورج بوش الأب لم يكن الرئيس الأمريكي الوحيد الذي طاردته تهم الكذب، لسبب أو لآخر، أو ما قد يعتبر مراجعات أو تراجع فرضته الظرفية أو الأمن القومي أو حسابات الربح والخسارة، فقبله وبعده كثر ممن سقطوا بالفخ نفسه.
فالرئيس التاسع للولايات المتحدة، ويليام هنري هاريسون، قد يكون أول من استخدم الأكاذيب الصريحة خلال حملته الانتخابية، في محاولة لاستقطاب الطبقة الوسطى والفقيرة.
فخلال انتخابات عام 1840، زعم هاريسون أنه ولد في عائلة رجل فقير، مع أن الأمر ليس كذلك، فقد ولد في عائلة ثرية تنتمي للنخبة الأمريكية.
ومع أنه فاز بتلك الانتخابات، فإن القدر لم يمهله كثيرا حيث توفي، مطلع أبريل/ نيسان 1841، أي بعد شهر على استلام منصبه، إثر معاناة مع المرض استمرت لأسابيع عجز الأطباء خلالها عن علاجه لفشلهم في تشخيص علّته بشكل واضح.
الرئيس ويليام ماكينلي واصل أيضا في نفس النهج، حيث اضطر للكذب بشأن سبب انفجار البارجة الأمريكية “مين” في ميناء هافانا، العام 1898.
حينها، كانت مهمة البارجة حماية أرواح وممتلكات المواطنين الأمريكيين، لكنها انفجرت بشكل مفاجئ بعد 20 يوما فقط من رسوها بالميناء.
كان السبب الحقيقي للانفجار هو سوء التعامل مع الفحم، ومع ذلك، لم يرد ماكينلي أن يقول للأمريكيين والعالم أن خطأ داخليا هو السبب.
وبعد أيام من التحقيقات الوهمية، خلصت لجنة أمريكية إلى أن السفينة تم تفجيرها «من قبل الإسبان».
وفي العصر الحديث، وتحديدا في عام 1945، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك هاري ترومان عن أول قصف نووي في التاريخ.
وزعم أن القوات الجوية الأمريكية أسقطت قنبلة خارقة على القاعدة العسكرية اليابانية في هيروشيما.
لكن في حقيقة الأمر، لم يكن في هيروشيما سوى وحدة عسكرية صغيرة للغاية، بينما كان معظم القتلى في الضربة النووية الأولى من المدنيين اليابانيين.