أسلحة حماس من أين؟
على مدار الأيام الماضية ومنذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى“، استخدمت حركة حماس ترسانة ضخمة من الأسلحة، وهو ما طرح الأسئلة حول مصدرها.
فمنذ هجومها المباغت ضدد إسرائيل، السبت الماضي، استخدمت حركة حماس آلاف الصواريخ والقذائف، وأسقطت متفجرات.
كما استخدمت طائرات بدون طيار وأعدادا لا حصر لها من الأسلحة الصغيرة والذخائر، وهو ما طرح الأسئلة حول مصدر هذه الذخيرة.
وقطاع غزة عبارة عن شريط مساحته 140 ميلاً مربعاً (360 كيلومتراً مربعاً) من الأراضي الساحلية على البحر الأبيض المتوسط تحده إسرائيل من الشمال والشرق، ومصر من الجنوب.
ويعد القطاع منطقة فقيرة ومكتظة بالسكان ومواردها قليلة ومعزولة بشكل شبه كامل منذ ما يقرب من 17 عاما عندما سيطرت حماس على غزة.
وتفرض إسرائيل أيضا حصارا جويا وبحريا وبريا على غزة، كما ترصد مجموعة واسعة من عمليات المراقبة.
هذه الظروف جميعها تدفع بتساؤلات حول كيف تمكنت حماس من جمع هذا الكم الهائل من الأسلحة التي مكنتها من شن عمليتها العسكرية؟
شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية، وفي تقرير لها تحدثت عن كتاب “حقائق العالم” الصادر عن وكالة المخابرات المركزية (سي آى إيه)، والذي جاء فيه أن “حماس تحصل على أسلحتها من خلال التهريب أو التصنيع المحلي، كما أنها تتلقى بعض الدعم العسكري من إيران”.
إيران الداعم الأكبر
ورغم أن واشنطن لم تجد هي أو تل أبيب أي دليل على دور إيراني مباشر في عملية حماس الأخيرة، يقول خبراء إن طهران كانت منذ فترة طويلة الداعم العسكري الرئيسي للحركة.
وأوضح الخبراء للقناة الأمريكية أن إيران “تقوم بتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر الأنفاق السرية على الحدود أو القوارب التي هربت من حصار البحر الأبيض المتوسط”.
وقال بلال صعب، زميل بارز ومدير برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط بواشنطن “لا تزال البنية التحتية لأنفاق حماس ضخمة على الرغم من قيام إسرائيل ومصر بتدميرها بانتظام”.
وأضاف أن حماس “تلقت أسلحة من إيران تم تهريبها إلى القطاع عبر الأنفاق”.
تشارلز ليستر، زميل بارز في معهد الشرق الأوسط، لفت إلى أن “إيران قامت أيضًا بشحن صواريخها الباليستية الأكثر تقدمًا عبر البحر إلى حماس ضمن مكونات للبناء في غزة”.
من جهته، قال دانييل بايمان، زميل بارز في مشروع التهديدات العابرة للحدود الوطنية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن “إيران ساعدت حماس في مشروعها للتصنيع المحلي بإمدادها بالمستلزمات الرئيسية، الأمر الذي مكّن الحركة من إنشاء ترسانتها الخاصة”.
التصنيع المحلي
وفي مقابلة مع قناة روسيا اليوم الإخبارية العربية قبل أيام، قدم علي بركة رئيس لجنة العلاقات الوطنية لحماس في الخارج تفاصيل عن تصنيع أسلحة حماس، موضحا أن الحركة كانت تستعد لطوفان الأقصى، على مدار عامين.
وقال بركة المقيم في لبنان “لدينا في غزة مصانع محلية لكل شيء”، و”لدينا مصانع للصواريخ التي يصل مداها إلى 250 كيلومتراً، و160 كيلومتراً، و80 كيلومتراً، و10 كيلومترات”.
وأضاف “لدينا مصانع لمدافع الهاون وقذائفها.. ومصانع للكلاشينكوف ورصاصها”.
ودون الإشارة مباشرة إلى مشاركتها في التخطيط للهجوم، أشار بركة إلى أن “حلفاء حماس يدعمونها بالسلاح والمال”، قائلا في هذا الصدد “أولا وقبل كل شيء إيران هي التي تمدنا بالمال والسلاح”.
ووفق ليستر، فإن “الحرس الثوري الإيراني يقدم تدريبًا لمهندسي حماس على الأسلحة منذ ما يقرب من عقدين من الزمان”.
وأوضح أن “سنوات من الوصول إلى أنظمة أكثر تقدماً أعطت مهندسي الحركة المعرفة اللازمة لتعزيز قدرتها الإنتاجية المحلية بشكل كبير”، مشيرا إلى أن “طهران تواصل تدريب صانعي الأسلحة من حماس“.
وتابع “مهندسو الصواريخ التابعون لحماس هم جزء من شبكة إيران الإقليمية، لذا فإن التدريب والتبادل المتكرر في إيران نفسها هو جزء من جهود إيران لإضفاء الطابع الاحترافي لقواتها بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة”.
إعادة التدوير
ونجاح حماس في الحصول على المواد الخام اللازمة لتصنيع هذه الأسلحة يظهر أيضا قدرة الحركة، خاصة أنه لا يوجد في غزة أي من الصناعات الثقيلة، فالصناعة الرئيسية في القطاع هي المنسوجات وتجهيز الأغذية والأثاث.
لكن من بين الصادرات الرئيسية للقطاع الحديد الخردة، وهو ما يمكن أن يوفر المواد اللازمة لصنع الأسلحة.
وفي الغالب يأتي الحديد الخردة من الهجمات السابقة المدمرة في القطاع، حسب ما ذكر أحمد فؤاد الخطيب في منتدى “فكرة” التابع لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في عام 2021، حسب التقرير نفسه.
وقال إنه “عندما تم تدمير البنية التحتية في غزة في الغارات الجوية الإسرائيلية، فإن ما تبقى مثل الصفائح والأنابيب المعدنية، وحديد التسليح، والأسلاك الكهربائية تم استخدامه في ورش الأسلحة التابعة لحماس وظهر مجددا على شكل أنابيب صواريخ أو عبوات ناسفة أخرى”.
وكتب الخطيب أن “إعادة تدوير الذخائر الإسرائيلية التي لم تنفجر وتحويلها إلى مواد متفجرة وأجزاء أخرى هي وسيلة أخرى لحصول حماس على الأسلحة”.
واعتبر أن عمليات الجيش الإسرائيلي في القطاع زودت الحركة بشكل غير مباشر بمواد تخضع لرقابة صارمة أو محظورة تماما في غزة.
من جانبه، قال آرون بيلكنجتون، محلل القوات الجوية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط والقوات المسلحة، إن إطلاق هذا الكم من الذخائر يعني أن حماس كانت تبني ترسانتها، سواء عن طريق التهريب أو التصنيع، على المدى الطويل.
لكن ما يثير الدهشة بالنسبة له “هو كيف يمكنك تخزين وتحريك وإعداد وإطلاق آلاف الصواريخ في حين يتم التهرب من أجهزة المخابرات”.
وأكد أنه “من الصعب أن نرى كيف كان بإمكان المسلحين الفلسطينيين أن يفعلوا ذلك دون توجيه من الإيرانيين”.