أزمة سد النهضة.. مصر والسودان تتمسكان بـ”رباعية دولية” تقود مفاوضات
طالبت مصر والسودان، الثلاثاء، إثيوبيا بالانخراط في مفاوضات فعالة حول سد النهضة، مؤكدين تمسكهما بمقترح رباعية دولية تقود الملف، وذلك خلال استقبال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الثلاثاء، نظيرته السودانية، مريم الصادق المهدي، في أول زيارة لها للقاهرة منذ توليها منصبها في إطار التواصل الأخوي والتشاور المستمر بين حكومتي البلدين، وفق بيان مشترك.
وتأتي هذه الزيارة، بحسب البيان، في إطار حرص وزيري الخارجية بالبلدين على تبادل الزيارات والمشاورات بشكل مستمر، وفى إطار حرص الجانبين على تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين وتنشيط آليات التعاون الثنائي المشتركة، والتأكيد على دعم مصر دولة السودان خلال هذا المنعطف التاريخي الهام.
وخلال المباحثات الثنائية، ناقش الجانبان فرص تطوير التعاون في مجال الاستثمار والمجالات المتاحة للشركات المصرية للاستثمار في السودان بما يحقق المصالح المتبادلة للطرفين. وكذلك سبل تطوير التعاون في كافة مجالات التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
أما بخصوص أزمة سد النهضة الإثيوبي، فقد أكد البلدان على أهمية التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي يُحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان ويُحدُ من أضرار هذا المشروع على دولتي المصب، كما أكدا أن لديهما إرادة سياسية ورغبة جادة لتحقيق هذا الهدف في أقرب فرصة ممكنة، كما طالبا إثيوبيا بإبداء حسن النية والانخراط في عملية تفاوضية فعّالة من أجل التوصل لهذا الاتفاق.
وأعرب الوزيران عن تقديرهما للجهد الذي بذلته جمهورية جنوب إفريقيا الشقيقة خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي في تسيير مسار مفاوضات سد النهضة، كما رحبا بتولي جمهورية الكونجو الديمقراطية قيادة هذه المفاوضات بعدما تبوأت رئاسة الاتحاد الإفريقي، حيث أكدا على دعمهما الكامل في هذا الصدد.
وأعرب الوزيران عن القلق إزاء تعثر المفاوضات التي تمت برعاية الاتحاد الأفريقي، كما شددا على أن قيام إثيوبيا بتنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة بشكل أحادي سيشكل تهديداً مباشراً للأمن المائي لجمهورية مصر العربية ولجمهورية السودان، وخاصة فيما يتصل بتشغيل السدود السودانية ويهدد حياة 20 مليون مواطن سوداني.
وأكدا على أن هذا الإجراء سيعد خرقاً مادياً لاتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث في الخرطوم بتاريخ 23 مارس 2015.
وشدد الوزيران كذلك على تمسك البلدين بالمقترح الذي تقدمت به السودان ودعمته القاهرة حول تطوير آلية التفاوض التي يرعاها الاتحاد الأفريقي من خلال تشكيل رباعية دولية تقودها وتسييرها جمهورية الكونجو الديمقراطية بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
وتشمل كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوسط في المفاوضات، حيث دعا البلدان هذه الأطراف الأربعة لتبني هذا المقترح والإعلان عن قبولها له وإطلاق هذه المفاوضات في أقرب فرصة ممكنة.
وأكد الوزيران على ضرورة الاستمرار في التنسيق والتشاور المستمر بين البلدين في هذا الملف الحيوي، كما اتفقا على إحاطة الدول العربية الشقيقة بمستجدات هذه المفاوضات وبشكل مستمر، بما في ذلك من خلال التشاور مع اللجنة العربية المشكلة بمتابعة تطورات ملف سد النهضة والتنسيق مع مجلس الأمن بالأمم المتحدة حول كافة تطورات الموضوع، والتي تضم الأردن – السعودية – المغرب – العراق والأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
من جانب آخر، استعرض الوزيران مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها تطورات العملية السياسية في ليبيا ودول الجوار، ومناقشة سلامة وأمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والقضية الفلسطينية وتحقيق الاستقرار في دول المنطقة في سوريا واليمن وغيرها من بلدان المنطقة، والتحديات التي تفرضها جائحة كورونا على اقتصاديات الدول الإفريقية، وغيرها من المسائل والقضايا التي شهدت توافقا كبيرا في الرؤى والمواقف بين البلدين بما يحقق مصلحة شعبيهما ويحافظ على استقرار وأمن المنطقة.
وحذرت المهدي، في مؤتمر صحفي عقب المباحثات الثنائية، من أن سد النهضة قد يكون مدخلا لمزيد من الصراعات في القارة ونسعى لمنع ذلك، مضيفة أنه لا بد أن يكون ثمة سقف زماني لتحركات التفاوض للنأي عن الخطر الذي يهدد شعوبنا، وأن تصرفات إثيوبيا الأحادية تقود الإقليم إلى طريق لا نستسيغه.
وأضافت: منفتحون على كافة السبل الدبلوماسية لحل أزمتي الحدود وسد النهضة مع إثيوبيا.
بدوره، قال وزير الخارجية المصري إن سياسات فرض الأمر الواقع بشأن سد النهضة تعد تجاوزا.
وفي ختام الزيارة، حرص وزيرا الخارجية على التأكيد على استمرار المشاورات والتنسيق بينهما سواء من خلال آلية التشاور السياسي بين البلدين، أو من خلال التنسيق بينهما بشكل دائم ودؤوب في كافة المحافل الإقليمية والدولية لتوحيد الرؤى والمواقف السياسية بين البلدين.
ولا يزال سد النهضة الذي أوشكت أديس أبابا على الانتهاء منه، محل خلاف بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، حيث لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنه رغم جولات التفاوض المتعددة والتي رعتها واشنطن تارة، والاتحاد الأفريقي تارة أخرى، علاوة على اجتماعات ثلاثية لم تسفر عن حل للقضايا الشائكة.