سياسة

أردوغان يخطط لمهاجمة شمال سوريا

ما موقف موسكو وواشنطن؟


يستمر الرئيس التركي أردوغان بحشد قواته على الحدود مع سوريا، إثر إطلاق تهديداته بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا؛

وقد أعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أنّ جميع مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تعد بمثابة أهداف مباشرة للقوات التركية، وقد حصل الرئيس التركي على موافقة البرلمان، نهاية الشهر الماضي، بأغلبية الأصوات، بخصوص إرسال قوات للخارج لتنفيذ عمليات عسكرية، لمدة عامين إضافيين.

وقد تمت المصادقة بأغلبية الأصوات على المذكرة التي تمنح الرئيس رجب طيب أردوغان صلاحية إرسال قوات لتنفيذ عمليات عسكرية خارج الحدود في سوريا والعراق، لمدة عامين إضافيين وفق وكالة “الأناضول” التركية.

وتابعت: “صادقَ حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومي وحزب الخير على المذكرة، بينما رفضها حزبا الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد“.

موافقة برلمانية على مغامرات أردوغان:

وبالتزامن مع مصادقة البرلمان التركي على المذكرة الرئاسية، كشف صحيفة “ميلي جازيته” التركية، عن استعداد أنقرة للهجوم على شمال سوريا، من خلال حشد وتعبئة قواتها، فضلاً عن استدعاء قادة المعارضة السورية المسلحة، المدعومة من تركيا، للمشاركة في الهجوم المرتقب، وأردفت: “تتواصل الاستعدادات لشن عملية عسكرية محتملة؛ إذ جرى استدعاء قادة فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا، والمقاتلة في مناطق عمليات “درع الفرات” و”نبع السلام” و”غصن الزيتون”، إلى أنقرة”، لافتة إلى أنّه “سيتم تنفيذ العملية على خطين رئيسيين بجيش قوامه 35 ألف فرد ضد حزب العمال الكردستاني شمال سوريا”.

وبحسب الصحيفة التركية؛ فقد جرى تبادل المعلومات حول تنسيق الجبهة الأمامية وإستراتيجية وتكتيك العملية التي سيتم تنفيذها مع قادة الجيش الوطني السوري، المدعوم من أنقرة، ويضم فصائل إسلامية متشددة وراديكالية، كما تم تحديد مواقع وأعداد الجنود الذين سيقاتلون في جبهات تل رفعت ومنبج وعين عيسى وتل تمر بريف الحسكة.

 

ميدانياً، نفذت الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة عدة هجمات مسلحة وعسكرية في مناطق بريف الحسكة، مطلع الأسبوع الحالي، حسبما أوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، مضيفاً أنّه قد تم رصد “القصف الذي طال قرية الدردارة التابعة لبلدة تل تمر، وهي ضمن مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية والقوات السورية“.

الموقف الروسي:

كما لفت المرصد السوري الحقوقي، إلى أنّ هناك وساطة روسية للتهدئة، مشيراً إلى وصول ضباط روس إلى القاعدة التركية في جبل عقيل بمدينة الباب، شرق حلب، الثلاثاء الماضي، وذلك على متن طائرات مروحية، بغية إجراء اجتماع مع الضباط الأتراك.

وخلال انعقاد الاجتماع، حلقت عدة مروحيات روسية في أجواء مدينة الباب على علو منخفض، قبيل الانتهاء ومغادرة المنطقة.

وجاء هذا بحسب المرصد، “في ظل التحركات العسكرية التي تشهدها مناطق شمال وشرق سوريا، من تهديدات تركية بشن عملية عسكرية تستهدف مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى وصول حشود عسكرية لقوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية على الجهات المقابلة لمحاور القتال بين القوات التركية والفصائل الموالية لها، وقوات سوريا الديمقراطية“.

بيد أنّ المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جيمس جيفري، الذي رجح إمكانية حدوث عملية عسكرية تركية بالمنطقة، كما سبق وفعلت أنقرة في السنوات السابقة، قال في لقاء مع قناة “الحرة” الأمريكية، إنّ شن عملية في “شمال شرق سوريا.. أو في شمال الغرب بالقرب من حلب، وهذه منطقة تبعث بالقلق بالنسبة للأتراك، سوف تضعهم (أي تركيا) في موقف معقد للاشتباك مع القوات الأمريكية أو الروسية”، وتابع: “أي حركة في شمال سوريا، سواء شرق أو غرب المنطقة الموجودة فيها تركيا الآن، والتي مكثت فيها منذ تشرين الأول (أكتوبر) عام 2019، سيدفع القوات التركية إلى الاشتباك مع القوات الأمريكية، وليس هذا فقط، بل القوات الروسية الموجودة كذلك.. كما أنّها عملية معقدة جداً بالنسبة للقوات التركية”.

أردوغان لم يحصل على “ضوء أخضر”:

وشدد المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا على أنّ الرئيس التركي، لا يمكن أن يكون قد حصل على “ضوء أخضر” من الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال اجتماعهما في قمة دول مجموعة العشرين، في إيطاليا، موضحاً أنّه “لا يوجد أي شك في أنّ أردوغان لم يحصل على أي شيء مرضٍ من الرئيس بايدن، فالولايات المتحدة موجودة في شمال شرق سوريا، ولا يمكن أن تتخلى عن شراكتها مع (قسد) لأنّها فعالة جداً ضد داعش وعناصره الإرهابيين الذين لا يزالون يشكلون تهديداً”.

ويوضح الصحفي والباحث السوري الكردي، باز علي بكاري، أنّ نوايا تركيا لشن عمليات عسكرية ضد الكرد في سوريا لم تتوقف البتة، وذلك بهدف رغبة الرئيس التركي المحمومة في توسيع مناطق نفوذها في سوريا، موضحاً أنّ شهية الحرب والعدوان التي تقود أردوغان لمعارك خارجية تعود “للعقلية الشوفينية المتأصلة في الدولة التركية ضد الأكراد، واستهدافهم في كل زمان ومكان، فضلاً عن رغبة الرئيس التركي في الحفاظ على استمرارية وجود بلاده في المعادلة الدولية فيما يتعلق بسوريا، حتى يضمن تحقيق مصالحه البراغماتية”.

ومن بين الأهداف السياسية والبراغماتية للرئيس التركي، زيادة أسهمه في الانتخابات التركية القادمة، خاصة بعد تدهور شعبيته على خلفية تداعي الاقتصاد التركي، وتذمر الشعب من سياساته، بحسب علي بكاري، وبالتالي؛ سوف تساهم هذه العملية العسكرية المحتلة ضد الكرد في استمالة الناخبين من القوميين المتشددين.

وفي ما يتعلق باحتماليه شن عملية عسكرية بشمال سوريا في الفترة الحالية، يؤكد علي بكاري أنّ هناك استعدادات كاملة للحرب، لكن يبدو أنّ أردوغان لم ينجح في الحصول على ضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية وكذا من روسيا، ومن ثم، فإنّ التحركات الميدانية لتركيا ودخول المنطقة عسكرياً، مجدداً، سوف تتأخر، ويردف: “من المرجح تنفيذ عمليات عسكرية عبر الطائرات المسيّرة باتجاه مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ثم بعض النقاط الحيوية الأخرى والإستراتيجية، بالإضافة إلى استهداف المدنيين أيضاً، وذلك بغية ترهيب الناس في هذه المناطق ودفعهم للهروب والنزوح، كما سبق وجرى في العمليات السابقة، وهذا يندرج ضمن خطط تركيا لتفريغ المناطق الكردية من سكانها وتغيير ديموغرافيتها، الأمر الذي نفذته وما زالت مستمرة في تنفيذه في المناطق التي احتلتها في عفرين ورأس العين وتل أبيض بشكل مباشر”.

أما بالنسبة للموقف الأمريكي من أي عملية عسكرية تركية مرتقبة في المنطقة، فيوضح الصحفي والباحث السوري الكردي، أنّ واشنطن لا تريد أي إزعاج في الوقت الحالي في مناطق نفوذها، خاصة أنّها، خلال الفترة الماضية، ضاعفت من دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، وهناك معلومات تفيد باستقدام قوات جديدة إلى المنطقة، تحديداً في محيط مدينة تل تمر بريف الحسكة، ناهيك عن تنامي الخلافات وعدم التوافق بين الإدارة الأمريكية والرئيس التركي.

وفي ما يخص الموقف الروسي، فموسكو تبدو الأكثر استفادة من التهديدات التركية، وفقاً للمصدر ذاته؛ لأنها قد تنجح في إرغام قوات سوريا الديمقراطية للدخول في مفاوضات وإتفاق مع النظام السوري، ولي ذراع الإدارة الذاتية للقبول بشروط موسكو والنظام في دمشق، كما أنّها قد تكسب نقطة في صراعها مع واشنطن، وتخفف الضغط على النظام السوري، خاصة بعد العقوبات الأمريكية ضمن قانون قيصر، ويختتم: “في كل الأحوال، يبدو ما يحدث الآن، حسب تقديري، هو بمثابة وضع اللمسات الأخيرة على تقسيم سوريا كمناطق نفوذ بين القوى الدولية والإقليمية”.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى