سياسة

النفط الصخري وأسعار النفط

مجدي صبحي


الافتقار إلى الاستثمارات في المعروض النفطي خلال الأعوام الأخيرة يحد قدرة بعض البلدان المنتجة للنفط على إعطاء دفعة للإنتاج بشكل ملموس.

وهو ما يترك سوق النفط دون أي حل فوري للأسعار المرتفعة، هذا وفقا للرئيس الدوري لأوبك لهذا العام، وزير النفط والغاز في جمهورية الكونغو، وجرى عرض رأيه هذا يوم الأربعاء الماضي خلال مؤتمر للطاقة عقد في الرياض.

وكانت أسعار النفط قد صعدت لتسجل 90 دولارا للبرميل في بداية الشهر الحالي، واستمرت في الارتفاع بعد ذلك وسط نزاعات جيوسياسية تتعلق بالأزمة الروسية-الأوكرانية إلى جانب استمرار سحب الدول المستهلكة من المخزون، ما قيّد السوق، بينما منظمة أوبك وحلفاؤها في تحالف أوبك+ يجاهدون من أجل ضخ كمية الإنتاج، التي تنص عليها حصص الإنتاج المحددة لكل منهم ضمن اتفاق الإنتاج.

ويقول المحللون إنه بصرف النظر عن العوامل الجيوسياسية، فإن سوق النفط مقيدة، ويعتقد الكثير منهم أن الأسعار سوف تصل إلى 100 دولار للبرميل خلال أسابيع أو أشهر وسط ارتفاع في الطلب ومكافحة أوبك+ من أجل رفع الإنتاج للكمية المعلنة.

وقد وصلت الفجوة ما بين كمية إنتاج أوبك+ وبين المستويات المستهدفة إلى نحو 900 ألف برميل يوميا في يناير، طبقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية، التي تمثل مصالح كبار مستهلكي النفط.

وللمرة الثانية خلال أسبوع واحد دعا المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، مجموعة أوبك+ يوم الأربعاء إلى ضرورة تقليص الفجوة المتنامية بين حصص الإنتاج المحددة لكل عضو وبين المعروض الأقل فعليا الذي يصل إلى الأسواق.

وقال “بيرول” خلال مؤتمر الرياض للطاقة يوم الأربعاء الماضي: “سيكون من الأمور المهمة أن تقوم أوبك+ بتضييق الفجوة، والأمل في تقديم مزيد من كمية الإنتاج للسوق”، كما جاء في وكالة رويترز للأنباء.

ولمدة ستة أشهر سابقة، أضافت أوبك+ فعليا إنتاجا للسوق كل شهر يقل عن 400 ألف برميل يوميا، وهي الكمية الشهرية للزيادة المعلن عنها في اجتماع أوبك+ منذ شهر أغسطس الماضي.

وكما سبق الذكر، فتقديرات وكالة الطاقة الدولية، التي وردت في التقرير الشهري حول سوق النفط لشهر فبراير، تشير إلى فجوة بين إنتاج أوبك+ الفعلي وبين المستويات المستهدفة بلغت نحو 900 ألف برميل يوميا في شهر يناير.

والأرقام التي أعلنتها أوبك نفسها في الأسبوع قبل الماضي تبين أن إنتاج دول المنظمة ارتفع بنحو 64 ألف برميل يوميا في شهر يناير 2022، وهو ما يقل بكثير عن الزيادة المسموح بها في الإنتاج ضمن اتفاق أوبك+، والتي تبلغ 254 ألف برميل يوميا، وذلك طبقا للمصادر الثانوية، التي تستخدمها أوبك في تتبع إنتاج دولها الأعضاء.

وأتت الدعوة، التي أطلقها فاتح بيرول لزيادة إنتاج أوبك+ يوم الأربعاء عقب يومين فقط لما قاله في مؤتمر “إيجبس”، الذي عقد بالقاهرة، من مطالبة دول أوبك+ بضخ مزيد من النفط لإغلاق الفجوة بين الإنتاج الاسمي طبقا للحصص وبين الإنتاج الفعلي.

ولو استمر ضعف بعض دول أوبك+ في إمداد الأسواق بالأهداف الإنتاجية المحددة ووسط ارتفاع الطلب، في ظل وجود المخزونات عند أقل مستوى لها في سنوات عدة، فإن أسعار النفط ستظل معرضة لضغوط نحو الارتفاع وتصبح مهيأة لتذبذب أكبر، طبقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية الصادر في الأسبوع قبل الماضي.

والواقع أن ما تشهده سوق النفط حاليا ليس فقط نتيجة لعدم قدرة دول أوبك+ على إنتاج كامل الحصص المتفق عليها، ولكن أيضا لغياب إنتاج العديد من المنتجين الرئيسيين.

ويأتي على رأس هؤلاء الإنتاج الأمريكي، فالإنتاج الأمريكي من النفط منخفض بمقدار يقرب من 2 مليون برميل عن الذروة، التي بلغها في السابق، وذلك على الرغم من الارتفاع الكبير في الأسعار، حيث تفضل الشركات أن تقدم المزيد من التعويضات للمستثمرين أصحاب الأسهم وتخفيض ديونها عوضا عن التوجه نحو زيادة الاستثمارات في الحفر.

ولم يبدأ الإنتاج من النفط الصخري، خاصة من أكبر الحقول لهذا النوع من النفط، وهو حقل “برميان”، في الارتفاع سوى مؤخرا.. إلا أنه رغم زيادة هذا الإنتاج ما زالت قاصرة عن رفع المعروض في السوق بشكل يسمح بانخفاض الأسعار.

ففي بداية شهر فبراير الحالي، أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن الإنتاج في حقل “برميان” للنفط الصخري قد بلغ مستوى قياسيا، وسوف يستمر هذا الإنتاج في النمو.

والآن كشف أكبر منتجَيْن للنفط من حقل “برميان” – شركتا “إكسون” و”شيفرون”- عن خططهما لزيادة ملموسة في الإنتاج.

فقد قالت الشركتان خلال الأسبوع قبل الماضي إن لديهما خططا لزيادة إنتاج النفط من حقل “برميان”، وذلك خلال عرضهما للنتائج المالية للشركتين لعام 2021.

وتستهدف “إكسون” زيادة قدرها 25%، بينما “شيفرون” -رغم تواضع الزيادة بالمقارنة بإكسون، تتطلع لإنتاج يزيد 10% على مستويات إنتاجها من حقل النفط الصخري العملاق.

وطبقا لوكالة بلومبيرج للأنباء يعد هذا دليلا واضحا على أن صناعة النفط الصخري الأمريكية عادت للنمو بعد عامين من النظام المتشدد.

أما إذا كانت الزيادة في إنتاج النفط من حقل “برميان” كافية لتخفيض أسعار النفط العالمية فذلك أمر آخر.

ووفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فقد بلغ الإنتاج من حقل “برميان” نحو 4.92 مليون برميل يوميا في ديسمبر، وتقدّر الإدارة أن التوسع في الإنتاج بلغ 4.996 مليون برميل يوميا في يناير، متوقعة زيادة الإنتاج ليقترب من 5.1 مليون برميل يوميا في فبراير.

ويعلق أحد المحللين بالقول إن “الإنتاج الأمريكي ربما يُحدث مفاجأة بارتفاعه هذا العام، ولكن ليس بمقدار كبير يمكنه من خفض أسعار النفط بشكل محسوس”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى