منصف السلاوي يعين على رأس مبادرة البيت الأبيض لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا


جرى يوم الجمعة تعيين العالم المغربي، منصف السلاوي، من طرف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على رأس مبادرة البيت الأبيض لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا المستجد وقد حظي بذلك بثناء وتقدير واسعين.

بينما لم يقتصر التفاعل فقط على الأوساط العلمية التي أشادت بسجل السلاوي الحافل، بل لقد وصلت الاشادة إلى المنصات الاجتماعية، حيث حرص المعلقون على التطرق إلى محطات من حياة العالم الذي يملك ثلاث جنسيات في المغرب وبلجيكا والولايات المتحدة.

ومن جهته، فقد صرح السلاوي، في مؤتمر صحفي بحديقة البيت الأبيض بأنه ينظر إلى هذا التعيين بمثابة شرف وفرصة لتقديم خدمة إلى الولايات المتحدة والعالم أجمع في ظل الجائحة التي أصابت أكثر من أربعة ملايين ونصف المليون.

وتابع السلاوي الذي حصل على درجة الدكتوراه في علم المناعة، بأنه اطلع على بيانات مبكرة، ويتوقع أن تكون هناك مئات الملايين من جرعات اللقاح بحلول نهاية العام الجاري.

ومن خلال النظر مليا في سيرة السلاوي المغربي، يظهر مساره الطويل من التحصيل والتحديات ثم النجاح؛ نظرا لأنه تنقل بين بلدان مختلفة وآمن دوما بضرورة استغلال الفرصة متى ما سنحت للمرء وفق ما قاله في لقاء صحفي.

من أغادير إلى أوروبا

المغربي منصف السلاوي ولد في سنة 1959 في مدينة أغادير المطلة على المحيط الأطلسي في المغرب، ودرس في المملكة إلى أن حصل على شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) من ثانوية محمد الخامس في الدار البيضاء، ليسافر بعد ذلك إلى فرنسا من أجل دراسة الطب هناك وهو في السابعة عشرة، مثل عدد من الطلبة المغاربة الذين يختارون إكمال دراستهم في الخارج.

غير أن السلاوي لم يلتحق في الوقت المناسب ولم يستطع أن يسجل نفسه في الجامعة الفرنسية لأن أجل التسجيل كان قد انتهى، وبذلك اتجه نحو بلجيكا المجاورة، وهي بلد فرانكفوني أيضا، ثم درس في جامعة بروكسيل الحرة وحصل على شهادة الإجازة في البيولوجيا.

وبعد ذلك حصل السلاوي شهادة الدكتواره في علم الأحياء الجزيئي، وتلقى عدة دورات في جامعات أميركية مرموقة مثل كلية هارفارد للطب وجامعة تافتس، وقد عمل أستاذا بجامعة مونز البلجيكية وحرر ما يقارب مئة ورقة بحثية.

هذا ودافع السلاوي في مواقفه عن الابتكار في مجال الصيدلة، حيث حث على إعطاء عناية كبرى للبحث العلمي، وقال في إحدى لقاءاته بأن الميزانيات التي تقدم للعلماء يجب أن تسمى بالاستثمار لأنها بالفعل تبشر بعائد ملموس، وتتكلل بتطوير أدوية ذات نفع عظيم.

رجل اللقاحات

أمضى السلاوي ثلاثين عاما وهو يعمل في شركة غلاكسو سميث كلاين العملاقة وهي مؤسسة بريطانية عالمية، وفي سنة 2006، عينته على رأس قسم البحوث والتطوير.

وقام بإعلان خطة لإنشاء مجموعة مختصة في العلوم العصبية بمدينة شنغهاي الصينية، إذ راهن على الاستعانة بما يقارب ألف موظف، في مشروع وصلت تكلفته بمئة مليون دولار، وتوقفت المبادرة في 2017.

وأشرف السلاوي في سنة 2008 على قيام شركة الصيدلية البريطانية والعالمية بالاستحواذ على شركة سبيريت فارماسوتيكالز في صفقة وصلت قيمتها إلى 720 مليون دولار، وأشرف بعد ذلك على شراء شركة هيومان جينوم ساينسز بثلاثة مليارات دولار.

كما أشرف السلاوي خلال مسيرته الأكاديمية على تطوير عدد من اللقاحات؛ مثل لقاح سيرفاريك لأجل الوقاية من سرطان عنق الرحم، ولقاح روتاريكس لحماية الأطفال من التهاب المعدة والأمعاء الفيروسي، وأيضا لقاح وباء إيبولا، إذ أمضى السلاوي 27 عاما وهو يقوم بإجراء بحوث حول لقاح سيرفاريكس للوقاية من الملاريا، حتى اعتمدته وكالة الأدوية الأوروبية في سنة 2015، وهو الأول من نوعه في العالم.

رهان كورونا

بينما كان السلاوي يلقي كلمته في البيت الأبيض، يومه الجمعة، إلى جانب الرئيس الأميركي، قال بأن التحديات المطروحة أمام المبادرة ليست بالسهلة غير أنه أعرب عن ثقته في إنتاج مئات الملايين من جرعات اللقاح ضد فيروس كورونا بحلول العام الجاري.

وقد اضطر الباحث إلى الاستقالة من شركة موديرنا المختصة في الصيدلة، وذلك تفاديا للوقوع في تضارب مصالح، نظرا لأن عمله في الوقت الراهن هو ضمن مبادرة فيدرالية، ومن الصعب أن يظل موظفا في شركة خاصة.

ويظهر بأن السلاوي واثقا من قدرته على تطوير اللقاح في فترة زمنية تبدو قصيرة، ويصف أهداف المبادرة الأميركية بالقابلة للتحقيق، بينما يتلهف العالمُ إلى إنجاز عالمي يوقف انتشار فيروس كورونا الذي اجتاح العالم كله.

Exit mobile version