سياسة

مساعٍ تركية لتقليص عدد الفصائل المسلحة السورية وسط جهود التطبيع


يشهد الشمال السوري توتراً أمنياً وعسكرياً متصاعدا بين الفصائل السورية المنضوية في “الجيش الوطني السوري” المعارض عقب إصدار الحكومة التركية المؤقتة بأوامر تركية مؤخراً أوامر بحلّ “لواء صقور الشمال” وتسليم جميع قطاعاته للواء حرس الحدود والشرطة العسكرية. ووفقاً لمعلومات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن هذه الإجراءات جاءت بسبب رفض الفصيل المصالحة مع دمشق وفتح معبر أبو الزندين الذي يربط بين مناطق فصائل “الجيش الوطني” بمناطق سيطرة قوات الجيش السوري.

ولقي القرار رفضاً من قائد المجلس العسكري في قبيبة الموالي بإدلب، الذي دعا إلى استنفار كامل للوقوف في وجه هذا القرار وضد أي دولة تساند حل هذا الفصيل، وأكد على قبولهم بإجراء الإصلاحات ومحاربة الفاسدين ضمن الفصيل دون حله.

كما رفض كل من مجلس قبيلة بني خالد في الشمال السوري والمجلس الأعلى لقبيلة النعيم القرار التركي بحل فصيل “لواء صقور الشمال” وتسليم سلاحه، ووجهوا نداءً إلى جميع الفصائل وأبناء العشائر للوقوف صفاً واحداً إلى جانب الفصيل وضد القرارات التي تحاك ضده، وعلى رأسها فتح المعابر مع “النظام”، بينما نظم المجلس الثوري العام في محافظة إدلب مظاهرة احتجاجية ضد القرار الجائر بحق “لواء صقور الشمال”.

وبالتزامن مع ذلك، توجهت أرتال ضخمة تابعة لـ”لواء صقور الشمال” من عفرين باتجاه النبي هوري وشيخ روس وعبودان بريف حلب، لرفع الجاهزية القتالية.

بالتزامن مع ذلك، تحركت “القوة المشتركة” المتمثلة بـ”فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات) و”فرقة الحمزة” (الحمزات)، لتعزيز حضورها في المنطقة، محاولة استغلال التوتر لإظهار نفوذها كأبرز الفاعلين العسكريين في ريف حلب الشمالي، خاصة أن “المشتركة” تُعتبر من أبرز خصوم “الجبهة الشامية”.

التوجه التركي يتماشى مع المناخ السياسي الحالي، خاصة مع جهود أنقرة للتقارب مع دمشق

من جانبه، تحرك الجيش التركي لمواجهة هذه التطورات، بنشر دبابات في كفرجنة بمنطقة عفرين، وسط ضبابية في المشهد الميداني وتعدد القوى الفاعلة في ريف حلب، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات مختلفة خلال الفترة القادمة.

وأصدرت وزارة الدفاع في “الحكومة السورية المؤقتة” بياناً قالت فيه إن عملية إعادة هيكلة الجيش الوطني السوري مستمرة ضمن خطة إصلاحية شاملة منذ عامين، وفي هذا السياق، تم حل فصيل “صقور الشمال” وإعادة توزيع مهامه ومعداته العسكرية واللوجستية بين المؤسسات والفصائل المختلفة في “الجيش الوطني السوري”.

وأوضحت الوزارة أن العميد عدنان الدياب، نائب وزير الدفاع، كُلّف مؤقتاً بقيادة فصيل “صقور الشمال” بسبب وعكة صحية تعرض لها قائد الفصيل حسن خيرية، مضيفة أن إدارة هذه المرحلة ستكون تحت إشراف وزارة الدفاع.

من جهته، التف لواء “صقور الشمال” على قرار الوزارة، حيث أصدر بياناً أعلن فيه اندماجه الكامل ضمن “الجبهة الشامية”، موضحاً أن هذا القرار جاء استجابة لمقتضيات المصلحة العامة، وانسجاماً مع رغبة الجانب التركي في اختصار الفصائل الثورية.

وكذلك أعلنت “الجبهة الشامية” ترحيبها بانضمام “لواء صقور الشمال” إليها، كما انتشرت صورة تجمع بين قائد “الشامية” عزام غريب وقائد “صقور الشمال” حسن خيرية، في حدث وُصف بأنه تحدٍّ واضح لقرار وزارة الدفاع.

عقب ذلك، شهدت المنطقة استنفارات عسكرية، حيث أرسلت “الجبهة الشامية” أرتالاً عسكرية وصلت إلى منطقتي قطمة وكفرجنة الواقعتين بين مدينتي اعزاز وعفرين، في حين استنفرت “القوة المشتركة” (حلف منافس للشامية) قواتها، ونشرت مقاطع مصورة تستعرض من خلالها الحشود العسكرية من آليات وعناصر.

ونقل موقع تلفزيون سوريا المعارض عن الباحث المتابع لتطورات الشمال السوري بسام السليمان، قوله إنّ “السكوت على انضمام صقور الشمال للجبهة الشامية سيشجع باقي الفصائل المهددة بالحل على الاندماج مع الشامية، وهذا يهدد خطة إعادة هيكلة الجيش الوطني التي يُراد تنفيذها”.

وأضاف “سيناريو محاولة فرض إعادة الهيكلة ولو بالقوة هو سيناريو وارد، لكن بنسب ضئيلة، ولا أرجّحه شخصياً بسبب دعم فصائل الفتح المبين في إدلب للجبهة الشامية، أما السيناريو الأرجح الذي يمكن أن يتم من وجهة نظري فهو الاحتواء ومحاولة تمرير إعادة الهيكلة بشكل تدريجي وبطيء، فهل ينجح هذا السيناريو أم سيكون للشامية وحلفائها رأيٌ آخر؟”.

وتحدث “تلفزيون سوريا” عن وجود مساعٍ تركية لإعادة هيكلة فصائل الجيش الوطني السوري، وذلك بهدف تقليص عددها وتوزيعها على أربعة أو خمسة تشكيلات رئيسية تُعتبر الأكبر في المنطقة، مثل “الجبهة الشامية”، و”القوة المشتركة”، و”فرقة السلطان مراد”، و”حركة التحرير والبناء” التي تضم فصائل الشرقية.

وأشار المصدر إلى أن الخطوة الأولى لهذه الجهود بدأت بشكل مفاجئ مع “لواء صقور الشمال”، حيث لم يُدمج مع أي من التشكيلات الكبرى كما كان متوقعاً، بل صدر قرار بحل اللواء وتوزيع عناصره على بقية الفصائل الأخرى.

هذا القرار قوبل بالرفض من “صقور الشمال” نفسه، والذي قرّر الالتفاف على القرار والانضمام إلى “الجبهة الشامية”، التي رحبت بهذه الخطوة في إشارة واضحة لرفضها للتوجيهات الصادرة عن وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة.

وهناك مساعٍ تركية لتقليص عدد الفصائل وجعلها أكثر قابلية للسيطرة، وهذا التوجه التركي يتماشى مع المناخ السياسي الحالي، خاصة مع الجهود التركية للتقارب مع دمشق.

وأوضح المصدر أن هناك فصائل مثل “الجبهة الشامية” و”حركة التحرير والبناء” تشعر بأنها معنية بشكل مباشر بهذه التطورات، لذلك بدأت تتحرك لعرقلة أي خطوات تهدف إلى تمرير أجندة سياسية قد تؤدي في نهاية المطاف إلى التطبيع مع “النظام” السوري.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى