مساعى التعزيز العسكري الروسي على الحدود مع أوكرانيا؟
أفاد أحد أكبر المحللين بمؤسسة البلطيق للأمن والمتخصص بالقضايا العسكرية الروسية غلين غرانت. على أن صور الأقمار الصناعية التي تكشف عن قيام روسيا بتعزيز وجودها العسكري على إمتداد حدودها مع أوكرانيا بأنه أكبر خدعة بالتاريخ العسكري الحديث. أو أنها انعكاس حقيقي لرغبة روسيا بالكشف عن مقدار جاهزيتها لإحداث عملية عسكرية ضخمة.
تحركات عسكرية روسية
تقوم مؤسسة ماكسار الأمريكية بشكل مستسمر بالأشهر الأخيرة من نشر صور من الفضاء تكشف عن انتشار قوات ومعدات عسكرية إضافية. وذلك ب 3 مناطق استراتيجية وهي شبه جزيرة القرم، ومنطقة محاذية لمعسكر تدريب كورسك، ومنطقة ثالثة في بيلاروسيا.
وتشهد جزيرة القرم تعزيزا مهما للجنود الروس، إذ تضم مئات المقاتلين ومالا يقل عن 500 خيمة وعربة عسكرية. وقد وصلت عربات مدرعة لشمال شبه جزيرة القرم قريبا من سلافان الساحلية.
كما وصل أسطول عسكري روسي يضم قوارب هجومية برمائية للبحر الأسود بإعتباره وسيلة ضغط إضافية على كييف. إلا أن إرساله للجنوب جد مكلف كما أن إرساله بوقت انتشار أعداد جديدة من الجنود بشبه جزيرة القرم يدل على إمكانية التدخل إذا لزم الأمر.
ويعتبر المحلل أنه ينبغي تحليل هذا النشاط العسكري الروسي على إمتداد الحدود مع أوكرانيا في سياق أوسع. مضيفا أن صور الأقمار الصناعية كشفت عن مجموعات عسكرية متمركزة بالثكنات إلا أنه بدء البعض منهم اليوم من الاقتراب من الحدود. وهذا قد لا يدل بالضرورة على شن هجوم وشيك. إلا أنه لا يمكن لهؤلاء الجنود المكوث هناك بدون القيام بنشاط ما.
كما كشفت تلك الصور عن تشييد مستشفى ميداني وهو الشيء الذي يوحي بحدوث معارك.
حشد في بيلاروسيا
وقد أثار قلق المراقبين إرسال قوات جديدة لتعزيز تلك الموجودة بمعسكر تدريب كورسك. والذي يوجد على خط مستقيم شمال خاركوف
وتوضح تريسي جيرمان: يوجد طريق سريعة تربط بين كورسك وخاركوف وهو ما قد يسهل الإمدادات والأمور اللوجستية.
وتستمر موسكو بإخلاء جبهتها الشرقية عبر إرسال المزيد من الجنود من سيبيريا لبيلاروسيا.
وكشفت صور الأقمار الصناعية أيضا عن وجود طائرات من نوع هليكوبتر في قاعدة جوية قرب غوميل على بعد 25 كلم من الحدود الأوكرانية. ويعد ذلك خيارا استراتيجيا إذ من غير السهل أن تعبر الدبابات التقليدية الحدود بين بيلاروسيا وأوكرانيا جراء صعوبة التضاريس.
وقد أضحت التعزيزات الجديدة على بعد 300 كلم شرقي المنطقة التي تقوم فيها روسيا وبيلاروسيا بتدريبات مشتركة منذ الخميس المنصرم.
وقد قال غرانت أن موسكو تظهر كأنها تحاول ابعاد النظر عن مكان انتشار القوات الممتدة على الحدود بلفت انتباه الغرب لمنطقة التدريبات.
تحركات لاستهداف الناتو؟
هل تتيح التحركات العسكرية الروسية الجديدة التعرف أكثر على نوايا موسكو؟ فإذا ما تمت المقارنة بين الصور الملتقطة الان وتلك التي قبل شهرين سيتجلى أن الجو العام مشحون بالعدوانية ويكشف عن استعداد روسي.
وقد اعتبر محللون أن امتداد القوات الروسية على الحدود قد يؤدي لخلط الأوراق. حيث كانت موسكو واضحة منذ البداية بالكشف عن إمكانيتها في تجميع قواتها سرا. وعبر توسيع خيارات الهجوم المتوقع. يطمح الجيش الروسي بخداع الأوكرانيين وتمويه موقع ضربته الأولى.
وقد اعتبر فريدمان أن كل تلك الحشود من العسكر على الحدود قد تكون إشارة لعدم إمكانية حدوث قتال. ربما ترغب موسكو باستهداف أوكرانيا أو الناتو وهنا ينبغي عليها أن تفكر بطريقة أكثر نجاعة لأضعاف هذه المنظمة. وذلك سيتم من خلال الحفاظ على مستوى توتر عسكري مستمر على الحدود.
وكما جاء بكتاب “النظام الذي اتَّبِعه”، فإن “التهديد بفعل ما هو أشد وطأة من تنفيذه”. ولعل هذا ما تحاول روسيا القيام به من خلال الوجود القوي والمتزايد للجيش الروسي على الحدود الأوكرانية.
يضيف فريدمان “لقد رأينا بالفعل وجود خلافات بين مواقف الدول المنضوية ضمن حلف الناتو، حيث تُظهر الولايات المتحدة وبريطانيا استعدادا أكبر لدعم أوكرانيا عسكريا أكثر من ألمانيا. في حين حاولت فرنسا بمفردها لعب الورقة الدبلوماسية. ويختم بأن “الناتو كان يعاني بالفعل من نقاط ضعف في السابق، ومن المحتمل أن روسيا تأمل في أن ينهار الحلف من الداخل إن حافظت على مستوى كاف من الضغط”.